انهار عشية يوم الأربعاء جزء هام من السور التاريخ المحيط بالمدينة العتيقة الرباط قرب باب شالة بشارع الحسن الثاني. وقد قامت السلطات المحلية بتطويق مكان الانهيار بحواجز حديدية لمنع التجوال بعين المكان، مخافت تهاوي أجزاء اخرى من السور نظرا للشقوق التي ظهرت بعد الانهيار،خاصة وان الانهيار وقع في شارع يعرف حركة تجوال كثيفة و بالقرب من محطة و سكة ترمواي الرباط. و معلوم ان هذا السور يعد واحدا من أهم الاسوار التاريخية بمدينة الرباط لطوله الذي يناهز 2400 متر و علوه الذي يفوق المترين، وتاريخه الضارب في الزمن الذي يعود الى عهد دولة الموحديين و السعديين. وقد عرفت أسوار الرباط في الاونة الاخيرة عملية ترميم واسعة خصصت لها ميزانية بلغت 44 مليون درهم،شملت الى جانب الاسوار الأبواب العتيقة،بعدما أظهر دراسة ميدانية قامت بها إحدى المكاتب المتخصص أن نحو 10% فقط من أسوار المدينة توجد في حالة جيدة، و30 % تشهد بعض التصدعات، و60 % في حالة متدهورة تحتاج إلى عملية إنقاذ عاجلة. إلا ان الملاحظ هو ان هذه العملية لم تكن في مستوى الجيد، اذ سرعان ما تهاوت الى الاأرض كميات من التربة الحمراء التي رممت بها واجهة السور ، وهو ما أعطى تشوها واضحا على جمالية هذه الاسوار. أمر يدعو الى التساؤل حول مسألة اختار المقاولات المشرفة على مثل هذا الترميم، و جودة المواد المستعملة و المراقبة الانية و البعدية من قبل الجهات المسؤولة على هذا القطاع الحيوي. و الخطير في الأمر أن هناك شقوقا تختلف في أحجامها ظهرت بأسوار الرباط أخيرا، لم تطلها لحد الان عملية الترميم، رغم خطورة الوضع على الراجلين و المباني القديمة المحيطة بها و لقيمتها التاريخية كذلك ،كما هو الشأن بالجهة الجانبية لباب البويبة المؤدي إلى السويقة، حيث هناك ثقب كبير في هذا الباب يهدده بالانهيار في أي لحظة، ما قد يؤدي الى كارثة ستصيب الموروث التاريخي لعاصمة المملكة، و حتى في عدد الضحايا لقدر الله لكونه يعد ممرا رئيسيا يعبره الالاف من السكان و السياح نحو السويقة و سوق لكزة.ومع ذلك لم تصله يد الاصلاح ، بل الاكثر من ذلك تحول الى مطرح لوضع حاويات الازبال تفوح منها روائح جد كريهة و مكان لقضاء الحاجة. ان حادث الانهيار هذا هو مجرد ناقوس خطر فقط لما يتهدد مورثنا التاريخي و العمراني ليس في مدينة الرباط التي أدرجتها قبل أشهر لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو ضمن التراث العالمي مشترك،وإنما في عدد من المدن العتيقة بالمملكة ،مما يستدعي من وزارة الثقافة و المجالس المنتخبة الاهتمام أكثر بهذا الموروث لسنوات أخرى اذا ما أرضنا الاحتفاظ به للأجيال القادمة التي ستكون في أمس الحاجة الاعتزاز بإرث الاجداد في زمن عولمة لا يعرف المدى الذي ستبلغه مستقبلا .