في بورما أو ميانمار الحالي يعيش المسلمون واقعا من الإبادة الجماعية أمام صمت مخجل لدول وسعوب العالم , فمنذ شهر يونيو وهذه الدولة تعيش عمليات للتطهير العرقي لعرقية الجوهينغيار في إقليم أركان ببورما , حيث تخوض الأغلبية البوذية حربا مقدسة ضد المسلمين برعاية من الحكومة والجيش البورمي..الأحداث التي تجري اليوم هناك لاتعد مفصولة عن تاريخ تلك المنطقة , فمنذ دخول الإسلام منذ القرن الثاني الهجري والمسلمون يعانون , لكن منذ يونيو الماضي أخذت الحملة أبعادا خطيرة , إذ إنطلقت الأحداث بقتل جماعي لعشرة أئمة كانوا في طريق العودة من العمرة , حيث تم قتلهم بشكل بشع وعلني من قبل البوذيين وذلك بمبررات تافهة تربتط بإتهامات موجهة لبعض الشباب بخصوص إغتصاب إحدى الفتيات البوذيات , وإنطلقت منذ تلك اللحظة عمليات قتل وتطهير في قرى إقليم أركان , بحيث أن المهاجمين يحرصون على رفع يافطات عند مداخل القرى تقول " هذه القرية ليس بها أي مسلم " في تجسيد لتعصب خطير أدى كحصيلة مؤقتة إلى اليوم إلى مقتل 20 ألف مسلم وتشريد حوالي 100 ألف خاصة على الحدود مع بنغلاديش علما أن المسلمين في بورما يبلغ عددهم 10 ملايين نسمة من أصل 50 مليون هو مجموع عدد سكان ميانمار. منظمة العفو الدولية وبعد صمت طويل أصدرت يوم الأحد الماضي بيانا في بروكسيل تعترف وتستنكر ما يجري في بورما , لكن بلغة هادئة وباردة وكأنها تتحدث عن حادثة سير بين سيارتين , علما أن المنظمة تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يتعلق الأمر بأمور أبسط في مناطق أخرى من العالم , أما منظمات حقوقية دولية أخرى فإنها لا زالت على صمتها , كذلك المحكمة الجنائية الدولية التي كانت نشيطة عندما تعلق الأمر بالرئيس السوداني عمر حسن البشير على خلفية الحرب في دارفور وما خلفته من إبادة وجرائم ضد الإنسانية أتي إرتكبتها قوات الجنجويد المقربة من نظام البشير , كذلك الأمر مع مجلس الأمن الدولي الذي لم يكلف نسفه طرح قضية الإبادة الجماعية للمسلمين في بورما , والواقع أن هذا الصمت المخجل للمنتظم الدولي لا يقل سوءا عن صمت المنظمات الإسلامية وعلى رأسها منظمة المؤتمر الإسلامي والتي لم تتحرك سوى في الأسابيع الأخيرة وتعتزم عقد إجتماع عاجل يوم الأحد المقبل لبحث تداعيات الأزمة. كل هذه الجرائم لم تحرك الإعلام العالمي الذي يطارد عادة كل صغيرة وكبيرة على المستوى الدولي , وهذا ما يجعل مسلمي بورما يتعرضون في الواقع إلى نوعين من الإبادة , الأولى جسدية وهم يواجهونها بصبر وبإيمان نادر منذ قرون حيث يواجهون تعصبا دينيا ودولة عسكرية قمعية شمولية إضافة إلى ترسانة قانونية تضيق عليهم أبسط مناح الحياة كمسلمين , والنوع الثاني من الإبادة هي التعتيم الإعلامي بمعنى أن يموتو في صمت ودون حق في الصراخ ودون أن يعرف العالم قصة معاناتهم سواء ما حدث في الماضي , أو ما يجري اليوم. الشعب المغربي كان دائما مناصرا للقضايا العادلة للشعوب في كل مكان , ولو أن حماس النزول إلى الشارع كان مرتبطا فقط بالقضايا ذات الطابع العربي , اليوم هناك شعب مسلم يموت بأبشع الطرق حفاظا على عقيدته فهل سنظل صامتين ? أما المغرب كدولة عضو في مجلس الأمن الدولي فمن واجبها تهييئ مشروع قرار وعرضه على مجلس الأمن , وهذا أضعف الإيمان.