الدكتور لحسن الداودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي يضع يده على مكان الجرح المؤلم في الجسد التعليمي الوطني حينما يعود بالحديث علنيا إلى إشكالية مجانية التعليم العالي ، و تقدم السيد الوزير خطوات كثيرة و متعددة حينما أعلن عن عزم الوزارة إلغاء المجانية في مؤسسات التعليم العالي بداية بفئة معينة من أبناء الميسورين . يتذكر الدكتور الداودي ومعه الرأي العام طبعا أن قضية المجانية في جميع مؤسسات التعليم من الابتدائي الى الاعدادي و الثانوي ثم الجامعي ظلت طوال السنوات التي تفصلنا عن الاستقلال الترابي إحدى أهم الاشكاليات المستعصية الموقظة لانشغالات المغاربة قاطبة ، و أشر ذلك على الصعوبة الجمة التي واجهتها الدولة فيما يتعلق بالحسم في اختياراتها الاساسية . فمن جهة كانت الدولة الطالعة من استقلال ناقص تجاهد من أجل الرفع من مستويات تعميم التعليم في جميع مستوياته ، و مايتطلب ذلك من إمكانيات مالية مناسبة ، ومن جهة ثانية كانت الدولة تبحث في سبل التخفيض من التكلفة المالية لكثير من الخدمات الاجتماعية كان التعليم في مقدمتها ، وكان أن ظل الارتباك سيد الموقف ، فمن جهة كانت الدولة تخطط لتعميم التعليم ومن جهة ثانية كانت تشتكي من ارتفاع التكلفة المتنامية لتحقيق هذا الهدف . وإلى الان لم يتحقق هذا الهدف بسبب إكراهات بنيوية صعبة ، لذلك يظل الارتباك سيد الموقف . الدكتور الداودي يعود بنا للحديث عن هذا الوجع المؤلم جدا ، و هي مبادرة تستحق التسجيل والاهتمام ، لأنها مبادرة محفوفة بكثير من المخاطر تستوجب كثيرا من اليقظة و الحذر و تتطلب ما يلزم من الجدية و المسؤولية و التروي . إن قضية بهذا الحجم تفرض تجنب الانفراد بالرأي والقرار بل على العكس من ذلك لابد من إعمال التشاور و التشارك لبناء قرار متين و صلب وسليم .