في الأصل كان تحقيق الازدهار الاقتصادي يعتبر وسيلة من أجل حصول غاية عليا ألا وهي تحقيق السعادة للمواطن/المستهلك ، وهذه الفكرة هي مناط وجود الدولة كمفهوم ومؤسسة. فالدولة القوية تكون كذلك إذا كان مواطنوها أقوياء ماديا ومعنويا. إن حماية الدولة للمستهلك في قدرته الشرائية هي حماية لذاتها، لذلك وجب على الجميع الإنخراط في ذلك، فالدولة من المواطن وللمواطن، فبوجوده الحقيقي وجودها وبدون مؤسسات مواطنة قوية يقع العكس. وفي هذا الإطار لا يخفى على أحد أن للأبناك دورا مهما وحيويا في دعم جهود التنمية المستدامة لبلدانها على كافة الأصعدة خصوصا منها الإجتماعية والإقتصادية، هذا بالنسبة للدول المتقدمة. أما بالنسبة للمغرب الذي يعتبر من الدول السائرة في طريق النمو فدورها ضروري ومؤكد. ضروري، لأن بلدنا المغرب لايتوفر على موارد مالية كافية ومتنوعة يمكن أن تمول جميع مشاريع التنمية البشرية المرغوب فيها. ومؤكد، لأن الوضعية الإجتماعية للمواطن المستهلك المغربي تنذر بالأسوأ ولأن حلها مستعجل، على اعتبار أن الأسعار تعرف ارتفاعا مهولا خصوصا في المواد الإستهلاكية الأساسية، وأن الأجور والرواتب تشهد جمودا لايتلاءم مع الحركة الإقتصادية والإجتماعية للمغرب، إن لم نقل لايتناسب حتى مع حركة التاريخ المتسم بالدينامية والتطور الطبيعيين، باستقصائنا للواقع المعيش نجد أن الأبناك المغربية تحصل سنويا على مداخيل وأرباح جد مهمة، وان تلك المداخيل متأتية من الذمة المالية الهزيلة للمستهلك المغربي الذي يقترض من تلك الأبناك بنسب فائدة مرتفعة ولا تتلاءم مع الأوضاع الإجتماعية الحالية ومع هشاشة اقتصادنا. ومادام الوضع المالي للأبناك المغربية متطور ، كان عليها أن تساهم مساهمة فعالة في دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المفتوحة أوراشها ومشاريعها منذ الخطاب الملكي بتاريخ 2005.05.18 والتي من المفروض أن تواكبها جميع المؤسسات البنكية وأن تساهم فيها المؤسسات الإقتصادية التي لازالت غائبة عن تلك المبادرة المذكورة. إن الواجب الوطني يفرض على الأبناك المغربية المساهمة في إقلاع واستمرار قطار تنمية المغرب، فمساهمتها تلك تساعد في التخفيف من العبء الإجتماعي للمستهلك المغربي، وبالتالي تكون قد أعطته ما أخذت منه أثناء معاملاتها معه بنكيا. ومن ضمن القطاعات التي يجب أن تدعم من طرف الأبناك قطاع الشباب والرياضة ولا سيما في القرى والمدن التي تعرف خصاصا على مستوى التجهيزات وانعدام التحفيزات، لماذا ؟ لأن الشباب قوة المجتمع بكل ماتحمل هذه الكلمة من معنى وضمان استمراره، والمعول عليه في تنميته. لكن إذا كان الشباب المغربي متخلفا فقيرا، بمعنى أنه لايتوفر على أسباب العيش الكريم وغير متعلم، فإنه لايمكن بأي حال من الأحوال أن يساهم في تنمية مجتمعه/وطنه، لأنه كما يقال فاقد الشيء لايعطيه. إذن النتيجة هي تنمية المجتمع من تنمية شبابه والعكس صحيح. وفيما يتعلق بالرياضة فإن النهوض بها ماديا ضروري للغاية، لأنها سبب قوة الإنسان عموما والإنسان المغربي خصوصا بدنيا ونفسيا. فيها يتقوى المواطن وبممارستها يرتاح نفسيا من مشاكل وضغوطات المعيش اليومي، ولا سيما مع وجود الفقر والبطالة فالنفس دافعة البدن، والبدن حافز النفس. وإننا إذ نسجل انخراط بعض المؤسسات البنكية في الحركة الرياضية باحتضانها لجامعات رياضية إلا أن هذا الانخراط يبقى غير كاف ، وبالتالي يجب على المؤسسات البنكية أن تقوم باحتضان لمختلف الجامعات والأندية الرياضية لكي تحقق الإقلاع الحقيقي للشأن الرياضي بالمغرب. ومن جانب آخر فالمؤسسات الاقتضادية التي حققت أرباحا سنوية هامة كصندوق الإيداع والتدبير واتصالات المغرب والشركة العلامة أونا وشركة المشروبات الغازية وشركة العمران والضحى وغيرها ، هذه المؤسسات يجب أن تنخرط بفعالية في النسيج الجمعوي والرياضي لكي يستفيد الشباب من أرباحها ، وبالتالي ستكون بالفعل مؤسسات اقتصادية تستفيد من المستهلك ويستفيد بدوره منها. إن الكلام كثير، وإن الفعل قليل، لذا فإن المهم والمطلوب هو أن تضع الأبناك المغربية والمؤسسات الإقتصادية يدها في يد الغيورين الصادقين المخلصين وتنخرط إلى جانب الحكومة المغربية من أجل إنجاح مسلسل التنمية البشرية ومن أجل أن تكون مساهمة تلك الأبناك في الإقتصاد الإجتماعي مرتفعة، وكذلك من أجل أن تكون مقاولة مواطنة.