نسجل بكامل الاعتزاز والافتخار أن ثوابت حزب الاستقلال أصبحتِ اليومَ محلَّ إجماعِ الأمة المغربية بكل مُكَوِّنَاتِها وتَبَايُنَاتِها السياسية والاجتماعية بسم الله الرحمان الرحيم السادة رئيس وأعضاء الحكومة الإخوة أعضاء مجلس الرئاسة الإخوة والأخوات أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني وممثلي المنظمات الموازية وأعضاء المؤتمر الوطني السيدات والسادة أعضاء مجلسي النواب والمستشارين والمنتخبين بالجماعات الترابية السادة ممثلو الأحزاب السياسية في الدول الشقيقة والصديقة السادة ممثلو المقاومة وجيش التحرير السيدات والسادة ممثلو السلك الدبلوماسي السيدات والسادة ممثلو الأحزاب الوطنية والمركزيات النقابية والمجتمع المدني السيدات والسادة ممثلو وسائل الإعلام أود بادئَ ذي بدء أن أرحبَ بضيوفنا الكرام القادمين من دول شقيقة وصديقة لتمثيل أحزابهم السياسية التي ترتبط بعلاقات الصداقة والتعاون مع حزب الاستقلال، وأتقدم لهم بصادق التحية وخالص الشكر على الاستجابة لدعوتنا وحضورهم معنا أشغالَ المؤتمر، كما أشكر السيدات والسادة ممثلي الهيئات السياسية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني في المغرب، وكل الفعاليات والشخصيات التي لبت الدعوة، وتُشَرِّفُ هذه الجلسة الافتتاحية بحضورها. الوفاء للرعيل الأول من الوطنيين وإذ نفتتحُ أشغالَ المؤتمر السادس عشر لحزب الاستقلال فإنه لابد أن نستحضرَ ونترحمَ على أرواحِ الرعيلِ الأول من الوطنيينَ الذين رسموا طريقَ النضالِ التحرري وكانوا قُدْوَةً ومثالاً في التضحيةِ ونكرانِ الذات من أجل تحرير البلاد، وتحقيق عِزَّتِها وكرامتها، وفي مقدمتهم بطلُ الاستقلال جلالة الملك محمد الخامس، ورفيقه في الكفاح جلالة الملك الحسن الثاني، والمجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي، وزعيم التحرير علال الفاسي، وزعيم الوحدة عبد الخالق الطريس، وغيرهم كثير من القادة الوطنيين المخلصين، والمجاهدين الأفذاذ، وآخر من رحل من هؤلاء إلى دار البقاء المجاهد الهاشمي الفيلالي والمجاهد أبو بكر القادري، رحمهم الله جميعا. ووَفَاءً لكل المجاهدين والشهداء الذين قدموا حياتهم فداءً للوطن ودفاعا عن الحريةِ والكرامةٍ والوحدةِ الترابية، أدعوكم للوقوف لقراءة الفاتحة على أرواحهم الطاهرة. شعار المؤتمر السادس عشر أيتها السيدات أيها السادة إخواني أخواتي الشعار الذي نرفعه في هذا المؤتمر هو «التمسكُ بثوابتِ الأمة والتعبئةُ من أجل تدبيرٍ سليمٍ للشأنِ العام» والثوابت التي تمسك بها حزب الاستقلال على الدوام، ودافع عنها باستماتةٍ وصمود منذ بزوغ الفكرة الاستقلالية إلى اليوم، تتمثل في الإسلام، والملكية الدستورية، والوحدة الترابية، ونسجل بكامل الاعتزاز والافتخار أن هذه الثوابت أصبحتِ اليومَ محلَّ إجماعِ الأمة المغربية بكل مُكَوِّنَاتِها وتَبَايُنَاتِها السياسية والاجتماعية، ونعتبر أن هذا المكتسبَ الوطنيَ الهام من العواملِ الأساسيةِ لضمان الاستقرارِ في بلادنا. وبالارتكازِ على ثوابتِ الأمةِ نجدد تعبئتنا لمواصلة مسيرة البناء والتقدم في بلادنا، الأمر الذي لا يستقيم ولا يُحقق الغايةَ المرجوةَ منه إلا بتدبيرٍ سليمٍ للشأن العام، ويعني ذلك ترسيخُ الديمقراطية، وحماية حقوق الأقلية، وعَقْلَنَةُ المشهدِ السياسي، وضمانُ الحكامةِ الرشيدة، وتحديثُ الإدارة، وشفافيةُ تدبيرِ مختلف المرافق العمومية، وترشيدُ الإنفاق، ومحاربةُ الرشوة والفساد، ووقف كل أشكال الريع والامتيازات التي تُخِلُّ بالمساواة وتكافؤ الفرص، وربط المسؤولية بالمحاسبة... انبثاق حركتنا من إرادة الشعب في التحرر والانعتاق وبانعقاد مؤتمرنا هذا ندخل إلى المحطةِ التنظيميةِ السادسة عَشَرْ في المسار النضالي الطويل لحركتنا الوطنية الاستقلالية التي انطلقت خلاياها الأولى منذ أكثر من ثمانين سنة وتعاقبت على قيادتها وتنظيماتها أجيالٌ من المجاهدينَ والمناضلينَ الذين انْبَثَقُوا من إرادةِ الشعبِ المغربي في التحررِ والانعتاق، ومن طموحه للحرية والكرامة، وقدموا تضحياتٍ جِسام، واسترخصوا كل غال ونفيس، في سبيل تحرير المغرب من الاستعمار، واستعادة وحدته الترابية، وتحقيق الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية. مرجعيتنا إسلام الوسطية والاعتدال ومنذ انطلاق حركتنا الوطنية الاستقلالية في نضالها استندت في مرجعيتها على إسلام الوسطية والاعتدال، الإسلام الذي يدعو للمساواة بين الناس، وللتعاون والتضامن، وحماية الكرامة الإنسانية، ويحث على التسامح والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التطرف والغُلُو وغير ذلك من القيم الإنسانية المُثْلَى، ويستمد الحزب مبادئَه وتوجهاتِه الأساسية من التراث الفكري للرواد الأوائل من الاستقلاليين، وفي مقدمتهم زعيم التحرير علال الفاسي رحمه الله، الذي تميز بعلمه الواسع، واجتهاده المتنور وفكره التقدمي. منفتحون على الفكر الإنساني التقدمي المتنور وما فتئ الحزب يُغني أدبياته ومناهجه بانفتاحه الدائم على العطاءِ الذي لا يَفْتُرُ للفكر الإنساني التقدمي المتنور، مع التمسكِ بمُقَوِّماتِ وأبعادِ الإنسية المغربية في تنوعها وغِناها، ومواكبة ما يعرفه المجتمعُ من تحولٍ وتطور، والإنصات الدائم لما يعبر عنه الشعب المغربي من مطالبَ ورغبات، ومراعاة الحاجة المتجددة للبلاد إلى التنمية المتوازنة والتقدم. حزب وطني جماهيري مناضل والتصاقُ حزب الاستقلال بالقواعد الواسعة للمجتمع المغربي، والتزامُه بالقضايا المصيرية للأمة، ووفاؤُه الدائمُ لقيم الوطنية الصادقة، يجعل منه حزبا وطنيا جماهيريا مناضلا من أجل مغرب موحد شعبا وترابا، ومن أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في أبعادها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ومن أجل التنمية والتوزيع العادل لثمارها وفق النظرية التعادلية التي تقوم على إتاحةِ الفرصِ المتكافئةِ أمام الجميع، وتستند على قيم التضامن والعدل والإنصاف، وضمان الكرامة الإنسانية لكل أفراد الشعب. نربط بين الديمقراطية والتعادلية وإن استمرارَ الكفاحِ من أجل الديمقراطية والتعادلية الاقتصادية والاجتماعية على مدى عدةِ عقودٍ من الزمن دون كَلَلٍ أو مَلَل، يبرره إيمانُنَا الراسخ بالارتباط الجدلي بين الهدفين من جهة، وباعتبار أن تحقيقهما معا على أرض الواقع يفتح، من جهة ثانية، البابَ الواسعَ نحو بناءِ الدولةِ الحديثةِ والمتقدمة على أسس قِوَامُها المشاركةُ والإنصافُ والتضامن. دائما مع الشعب وقد اختار حزب الاستقلال أن يكون دائما مع الفئات العريضة من الشعب، من رغباتها يَسْتَقِي برامجَه، ومن طموحاتها يحدد أهدافَه، ويشهد تاريخُه الطويل بثباته على مبادئه، وعدمِ تغييره لِجِلدته وهُوِّيَتِه الديمقراطية الاجتماعية أيا كانت الظروف، كما يشهد على دوره المتميز، ومساهمته الفعالة من موقعه في المعارضة أو الحكومة في تحقيق المكاسب التي راكمها الشعب المغربي منذ الاستقلال إلى اليوم في مختلف المجالات السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب القوى السياسية الوطنية والديمقراطية الأخرى، وفي انسجام دائم مع العرش الذي هو ضامنُ وحدة الأمة وعنوانُ استقرارها، وأَستحضر هنا قولةً لزعيم التحرير علال الفاسي رحمه الله «لم يعرف التاريخ أن أمة ربحت حربا أو نجحت في سلم وبينها وبين حكامها عدم انسجام أو رابطة إرغام» (دائما مع الشعب سلسلة الجهاد الأكبر رقم 4 ص 8 مطبعة الرسالة 1967) ضرورة النقد الذاتي وإذ نعتز كثيرا بالتراث النضالي لحزبنا ومساهمته الإيجابية والفعالة في بناء المغرب الحديث، وما حققه من إنجازات على شتى المستويات، فإن انعقاد مؤتمرنا يُعد فرصةً للمناضلات والمناضلين لتقييم عملنا التنظيمي، وأدائنا السياسي، والقيام بالنقد الذاتي الضروري الذي على أساسه نتدارك مَوَاطِنَ الضعف، ومَكَامِنَ النقص، للانطلاق نحو مرحلة جديدة بعزيمة قوية، وحماس متجدد، كما أن المؤتمر مناسبةٌ لتوضيح مواقف الحزب من القضايا الراهنة وتحيين البرامج، ووضع مقاربات جديدة، تناسب تطور الأوضاع على المستوى الوطني، وكذا التحولات التي يشهدها العالم. حضرات السيدات والسادة أخواتي إخواني الوحدة الترابية في مقدمة انشغالاتنا إن قضية وحدتنا الترابية تأتي دائما في مقدمة انشغالاتنا، فمنذ مرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار رفع زعيم التحرير علال الفاسي لواء التعريف بالحدود التاريخية والطبيعية للمغرب، بعد أن تعرض لتقسيم أراضيه بين منطقة دولية في طنجة، ومناطق للاحتلال الإسباني في الشمال والجنوب، ومنطقة الوسط التي خضعت للاستعمار الفرنسي، وكان هدف الكفاح الذي انخرطت فيه كل فئات الشعب المغربي هو تحرير كل المناطق من الاحتلال الأحنبيي، واستعادة وحدة التراب الوطني، وتُوِّجَ التلاحم والتنسيق بين قيادة الحركة الوطنية الاستقلالية والملك المجاهد محمد الخامس رحمه الله بتحرير الشمال والوسط سنة 1956، واستعادة طنجة ثم طرفاية سنة1958، وتواصل النضال مع المغفور له الحسن الثاني حيث تم استعادة سيدي إفني سنة 1969 واسترجاع الصحراء المغربية إثر المسيرة الخضراء سنة 1975. ورغم استمرار المعاكسة القوية والمؤسفة من طرف جيراننا لحقنا الثابت في الوحدة الترابية بافتعال نزاع حول استرجاع الصحراء فقد ظل المغرب بملكه وكلِّ فئاته وهيئاته مُجْمِعًا على التمسك بحقه الثابت في وحدته، وفي إطار تعاونه مع المجتمع الدولي لإنهاء النزاع، اقترح المغرب تنظيمَ حكم ذاتي في ظل السيادة المغربية في جهة الصحراء، وحَظِيَتْ هذه المبادرةُ الشجاعة بتأييد واسع من طرف العديد من الدول، ووصفها مجلس الأمن بالجدية وذات المصداقية، وبالتالي فإنها تشكل أرضيةً صالحةً للوصول عَبْرَ التفاوضِ إلى حل سياسي ونهائي، يُرضي جميعَ الأطراف، ويضع حدا للنزاع المفتعل الذي دام لما يقرب من أربعة عقود من الزمن. الحكم الذاتي أقصى ما يمكن تقديمه ولابد من التأكيد على أن مقترح الحكم الذاتي يمثل أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب للوصول إلى حل واقعي، وأن حزب الاستقلال سيظل يقظا ومُعَبأً ضمن الإجماع الوطني للتصدي لكل مناورات الخصوم المناوئة للحقوق الترابية المشروعة للمغرب، ولا يمكن قَبول أي مس بالسيادة الوطنية على الأقاليم الصحراوية المسترجعة، وفي هذا السياق أود الإشادة بقرار سحب الثقة من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة (كريستوفر روس) لعدم التزامه بشروط النزاهة والحياد، وتجاوزه للمحددات والضوابط الأساسية التي أقرها مجلس الأمن للتوصل إلى حل سياسي متفاوض عليه في إطار من الواقعية والتوافق. على (بان كي مون) أن يعين ممثلا شخصيا محايدا وسيظل المغرب ملتزما بالعمل على إنهاء النزاع تحت رعاية منظمة الأممالمتحدة، ولذلك ندعو الأمين العام السيد (بان كي مون) إلى تعيين مبعوث شخصي جديد له على أساس أن يقوم بمهمته بموضوعية ونزاهة وحياد تام، مما سيساعد على التقدم في المفاوضات، والسير نحو الحل السياسي وفق توصيات المنتظم الدولي، على أن تبقى اختصاصات قوات (المينورسو) محصورةً في مراقبة وقف إطلاق النار. ونؤكد دعوتنا لإجراء إحصاء شامل لكل المغاربة المحتجزين في تيندوف طبقا للقانون الدولي الخاص بحقوق اللاجئين، والكشف عما يعانونه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وفتح المجال أمامهم لمغادرة المعتقلات، وضمان حريتهم في العودة للعيش مع أهلهم وذويهم في المغرب، ونحن على يقين تام بأنه لو مُنحت لهم حرية الاختيار لالتحقوا جماعة ببلادهم، وسيتجلى من خلال ذلك تقرير المصير الحقيقي الذي سيختاره السكان المحاصرون في تيندوف. أنوه بالروح الوطنية للمغاربة في الجنوب وأود أن أنوه بأفراد القوات المسلحة الملكية وقوات الدرك الملكي وعلى رأسهم القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية جلالة الملك محمد السادس وتحية صادقة لإخواننا في الأقاليم الصحراوية المسترجعة، وما يعبرون عنه في مختلف المناسبات من تمسكهم بوحدة التراب الوطني، وتعبئتهم الدائمة للدفاع عنها، وانخراطهم بحماس في بناء الديمقراطية وتحقيق التنمية الشاملة للبلاد. كما أُشيد بالدور الذي يقوم به المناضلون الاستقلاليون من برلمانيين ومنتخبين جماعيين ومهنيين وأطر في أقاليمنا بالساقية الحمراء ووادي الذهب، في تأطير المواطنين، ومشاركتهم الإيجابية والفعالة في تنمية المنطقة، ودورهم في مواجهة خصوم الوحدة الترابية للمغرب، ودحضهم للمزاعم المناوئة للموقف المغربي. نعتز بالمشاريع التنموية في الصحراء المغربية ونعبر عن اعتزازنا وفخرنا بالمشاريع التنموية الكثيرة، والمنجزات الهائلة التي عرفتها كل الأقاليم المسترجعة في وقت وجيز، وأوراش البناء والتشييد المتواصلة لتدارك ما كانت تعانيه تلك الأقاليم من إهمال وتخلف في مرحلة ما قبل المسيرة الخضراء. ندعو الجزائر للانخراط في العمل على حل سياسي ونظرا لما يعرفه الجميع عن دور الجزائر في دعم أطروحة انفصال الصحراء المغربية عن الوطن الأصلي، فإننا نؤكد دعوتنا لإخواننا في الجارة الشقيقة إلى المساهمة في وضع حد للتوتر الذي لا طائل من ورائه، وتيسير الطريق نحو الحل السياسي النهائي والواقعي للنزاع المفتعل، وتغليب روح الأخوة وحسن الجوار، والتوجه نحو المستقبل، وخدمة المصالح المشتركة لشعوب المنطقة كلها، عن طريق تفعيل اتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي لمواجهة التحديات التي يفرضها عصر التكتلات الاقتصادية والعولمة. التفاوض طريق لاستعادة سبتة ومليلية وباقي الأجزاء كما سيظل حزب الاستقلال وفيا لثوابته فيما يخص استكمال الوحدة الترابية للمغرب، ومواصلة العمل على استعادة مدينتي سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما، وكل الأجزاء التي اقتطعت من التراب الوطني، وما زالت تحت السيطرة الأجنبية، عن طريق التفاوض، وفي نطاق تصفية مخلفات الماضي، ودعم علاقات الصداقة والتعاون وحسن الجوار، لما فيه مصلحة الجميع. حضرات السيدات والسادة أيتها الأخوات أيها الإخوان مدلول الاستقلال لا يكتمل إلا ببناء دولة ديمقراطية إن حزب الاستقلال حينما كان يخوض معركة التحرير الوطني، لم يكن هدفه منحصرا في إنهاء الاحتلال الأجنبي، وتحقيق استقلال المغرب، وإنما كان يعتبر بأن المدلول الحقيقي للاستقلال لا يكتمل إلا ببناء دولة ديمقراطية عصرية، ويتبين ذلك من خلال الوثيقة التي قدمها الحزب في 11 يناير 1944 والتي تشمل المطالبة بالاستقلال والديمقراطية، كما يتجلى ذلك من خلال كتابات قادة الحزب، وتجدر الإشارة في هذا الصدد بصفة خاصة لكتاب النقد الذاتي الصادر للزعيم علال الفاسي سنة 1952 والذي يتضمن مشروعا مجتمعيا متكاملا، وطرح فيه نظرياته وتصوراته لما ينبغي أن يكون عليه المغرب بعد الاستقلال، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي المجال السياسي، اعتبر زعيم التحرير أن بناء الدولة العصرية في المغرب المستقل، لابد وأن يرتكز على الديمقراطية، بمفهومها المتعارف عليه في الديمقراطيات العريقة، والتي تتلخص مقوماتها الأساسية في: سيادة الأمة، وامتلاك الشعب لزمام أموره، وتدبيره لشؤونه بنفسه، بواسطة مؤسسات ذات تمثيل حقيقي، والفصل بين السلطات، واستقلال السلطة القضائية، والتعددية الحزبية، وتداول الحكم، وعدم احتكاره من طرف أي حزب أو طبقة اجتماعية، والحريات الفردية والجماعية، وحرية الفكر والصحافة، وحرية الانتماء السياسي والنقابي والجمعوي، واعتماد الحوار بين مكونات المجتمع السياسي، واحترام الرأي المخالف، وضمان حقوق الأقلية، وعدم الإقصاء، وإقرار المساواة بين المواطنين نساء ورجالا، وحماية كرامة الإنسان، وضمان حقوقه الأساسية، في إطار دولة الحق والقانون. تعثر في بناء الديمقراطية بعد الاستقلال وغداة الاستقلال اجتاز المغرب مراحل من المد والجزر، تميزت بمكتسبات وتراجعات، وامتد التعثر في بناء الديمقراطية وإرساء دولة الحق والقانون لعدة عقود من الزمن، بسبب التزوير المستمر للانتخابات، وانعدام الديمقراطية، وتقييد الحريات، والتهميش المتعمد للقوى الوطنية الحية، وعرف النشاط الحزبي عموما ونشاط حزب الاستقلال على الخصوص الكثير من المضايقات والتعسفات، غير أن ذلك لم ينل من عزيمة المناضلات والمناضلين، وإنما زادهم إيمانا بعدالة ومشروعية الكفاح من أجل ديمقراطية حقيقية غير مغشوشة، ومن أجل إقرار واحترام الحقوق والحريات الأساسية للإنسان. الكتلة تساهم في إطلاق دينامية الانتقال الديمقراطي وعمل الحزب بمفرده ومع حلفائه في الكتلة الوطنية سنة 1970 والكتلة الديمقراطية سنة 1992 على طرح الإصلاحات السياسية والدستورية الضرورية لتجاوز مراحل التعثر وبناء مؤسسات ديمقراطية سليمة يتمكن من خلالها الشعب المغربي من المشاركة في تدبير شؤونه بنفسه ، وساهم العمل المشترك في إطار الكتلة في إطلاق دينامية الانتقال الديمقراطي بدءا بمراجعة الدستور سنة 1992 وسنة 1996، واتساع فضاء الحريات، وتأسيس حكومة التناوب التوافقي سنة 1998، واعتماد العدالة الانتقالية (هيئة التحكيم المستقلة ثم هيئة الإنصاف والمصالحة) من أجل طي صفحة انتهاكات حقوق الإنسان التي جرت في الماضي، وغير ذلك من التدابير الإصلاحية التي عرفها المغرب، خاصة بعد انبثاق عهد جديد بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله. وبفضل تعزيز ضمانات شفافية ونزاهة الانتخابات حصل الحزب على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية لسنة 2007، وتم تطبيق المنهجية الديمقراطية بتعيين الوزير الأول من حزب الاستقلال، الذي تصدر نتائج الاقتراع. حصيلة جد إيجابية للحكومة التي قادها الحزب وعلى الرغم من صعوبة الظرفية الاقتصادية، والانعكاسات السلبية للأزمة التي اجتاحت شتى مناطق العالم، فإن الحكومة التي تفضل جلالة الملك بتعييني على رأسها حققت في أقل من خمس سنوات حصيلة جد إيجابية، فمن أصل 330 إجراء تم اقتراحه في البرنامج الانتخابي للحزب تم إنجاز 270 إجراء، أي أنه تم الوفاء ب 85 % من مجموع الالتزامات المعلنة من طرف الحزب، ولا يتسع المجال لاستعراض كل ما حققته الحكومة، وما اتخذته من تدابير، غير أنه يمكن الإشارة باختصار شديد لبعض منجزاتها وأعمالها فيما يلي: في مجال تحصين الهوية تم إحداث مجالس علمية بجميع العمالات والأقاليم، والمجلس العلمي المغربي بأوربا، وإحداث مؤسستين تحملان إسم محمد السادس لنشر المصحف الكريم والنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، ودعم اللغة العربية في المعاملات الإدارية والحياة العامة، ودسترة وترسيم اللغة الأمازيغية ودعم تدريسها وإحداث القناة التلفزية الأمازيغية، وحماية التراث، وتشجيع تعلم اللغات الأجنبية والعناية بالثقافة والفن بإنشاء مؤسسة أرشيف المغرب، ومتحف الفنون المعاصرة، والمتحف الوطني للأركيولوجيا. وفي العمل على تعزيز المواطنة واحترام حقوق الإنسان وبناء دولة المؤسسات فقد ارتفعت نسبة المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية حيث بلغت في الانتخابات الجماعية (2009)52,4%، وارتفعت النسبة في الانتخابات التشريعية من 37% سنة 2007 إلى 45,4% سنة 2011. وارتفعت نسبة تمثيلية النساء في المجالس الجماعية من 0,5%إلى 12,3% كما ارتفعت حصة النساء في مجلس النواب من 30 إلى 60 مقعدا وتخصيص 30 مقعدا للشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة. وأُحْدِثَت اللجنةُ الوطنيةُ للقانون الدولي الإنساني، والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، وتحويل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى مجلس وطني، مع دعم استقلاليته، وتوسيع صلاحياته، وتحويل ديوان المظالم إلى مؤسسة الوسيط ودعمه ليضطلع بدور أكثر فعالية في الحد من الشطط الإداري مع دسترة المؤسستين الأخيرتين. وتم تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في الجانب المتعلق بجبر الضرر الفردي من خلال تعويض 4.841 متضرر، وتمكين 2.566 من التغطية الصحية، والإدماج الاجتماعي لأكثر من 1.000 حالة، وجبر الضرر الجماعي لصالح المناطق المتضررة... وفي إطار دعم دولة المؤسسات فقد تم تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي كمؤسسة دستورية، وكهيئة دائمة للحوار الاجتماعي المسؤول، لضمان مشاركة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، ضمن إطار مؤسسي، في اقتراح السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. 3) وبالنسبة لمؤشرات التمدرس والتعليم فقد عرفت تحسنا حيث ارتفعت نسب التمدرس ما بين 2007 و2011: بالابتدائي من 91,4% إلى 97,5%، وفي الإعدادي من 71,3% إلى 79,1%، وبالتعليم الثانوي من 48,1% إلى 52,8%. واستفاد من توزيع المحافظ والكتب والأدوات المدرسية بالمجان 4.049.572 تلميذة وتلميذ، كما تم تقديم دعم مالي مباشر مشروط بالتمدرس ولأول مرة في إطار برنامج تيسير لأكثر من 362.240 أسرة معوزة بالعالم القروي. وارتفعت نسبة ولوج التعليم العالي من 13% سنة 2007 إلى 16% سنة 2011 مع الرفع من عدد الطلبة المستفيدين من من المنح بنسبة 44%. وفيما يتعلق بالخدمات الصحية فقد تم وضع خريطة صحية تهدف إلى تلبية حاجيات السكان وتكريس الحق في العلاج، وارتفع عدد المؤسسات الصحية بالعالم القروي إلى 2.741 مؤسسة وظيفية، وارتفع عدد الأطر الطبية وشبه الطبية من 700 سنة 2007 إلى 2.000 سنة 2011، وتم إقرار مجانية الولادة في إطار برنامج أمومة بدون مخاطر، وتقلص عدد وفيات الأمهات عند الوضع بنسبة 42%، كما تقلص عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 24%، وبلغت نسبة التغطية لمختلف اللقاحات الأساسية 95%، وتم الشروع في تطبيق نظام المساعد الطبية لذوي الحاجة حيث استفاد ما يناهز 206.000 من المعوزين. وبالنسبة للولوج إلى السكن فقد تم إعادة إسكان 177.500 أسرة وإعلان 43 مدينة بدون صفيح، وإنشاء 180.000 وحدة في إطار السكن الاجتماعي، و14.000 وحدة في نطاق السكن منخفض التكلفة، كما استفادت 19.534 أسرة من الطبقة المتوسطة من تملك فيلات اقتصادية. وتمت تعبئة أزيد من 5.430 هكتار من العقار العمومي للمشاريع السكنية، وإنشاء 4 مدن جديدة: تامنصورت قرب مراكش، وتامسنا قرب الرباط والشرافات قرب طنجة والخيايطية قرب الدارالبيضاء. وانطلق 49 مشروعا لتأهيل المدن العتيقة والسكن المهدد بالانهيار لفائدة 206.000 من المواطنين... وفيما يخص الحوار الاجتماعي عملت الحكومة على مأسسته وتكريس دوريته لجعل التشاور بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين يتم بشكل منتظم، وأدى تفهم الحكومة لمطالب الشغيلة إلى الزيادة في رواتب جميع الموظفين بما لا يقل عن 900 درهم والرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنسبة 25 %بتكلفة تبلغ 32 مليار درهم، كما عملت الحكومة على حماية القدرة الشرائية بتعبئة 108 مليار درهم لدعم المواد الأساسية وعدم الزيادة في الأسعار. وبالنسبة للتشغيل فقد انخفض معدل البطالة على المستوى الوطني من 9,8% إلى 9,1%، وانخفض في الوسط الحضري من 15,4% إلى 13,7%، وانخفض بالنسبة لحاملي الشهادات من 19% إلى 16,7%. وتم إحداث 71ألف منصب شغل في الوظيفة العمومية ما بين(2008-2011) بمعدل17ألف منصب في السنة في حين لم يتجاوز معدل التوظيف في الولايات الحكومية السابقة 7آلاف منصب سنويا، وتم توظيف 40ألف من حاملي الشهادات العليا. وارتفع الاستثمار العمومي من 82 مليار درهم سنة 2007 إلى 163,3 مليار سنة 2011 مما أدى إلى إحداث 190 ألف فرصة شغل في قطاعات البناء والأشغال العمومية. وارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية ببلادنا بنسبة 15% في الفترة ما بين 2008و2010 مقارنة مع 2003-2007. وفي مجال محاربة الرشوة والفساد اتخذت الحكومة عدة تدابير منها: على مستوى الآليات القانونية والمؤسساتية تم إصدار القوانين والمراسيم التطبيقية للتصريح بالممتلكات، وإصدار قانون حماية الضحايا والشهود والمبلغين عن جرائم الرشوة، ووضع بوابة للتبليغ عن الرشوة رهن إشارة المقاولات الصغرى والمتوسطة، كما تم التصديق على الاتفاقية الدولية لمحاربة الرشوة، وإحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وتفعيل مجلس المنافسة سنة 2008 بعد أن ظل مجمدا منذ إحداثه سنة 2001 والارتقاء به إلى مؤسسة دستورية مع توسيع صلاحياته، كما تم إحداث وحدة معالجة المعلومات المالية لمحاربة غسل الأموال، وإحداث مرصد أخلاقيات الجمارك. وعلى مستوى التأديب والزجر ارتفع عدد المتابعين في قضايا الرشوة والفساد وشمل خلال الأربع سنوات الماضية أكثر من 29.340 شخص. وعلى مستوى محاربة الريع والامتيازات قررت إحداث خلية في الوزارة الأولى لدراسة هذا الموضوع وإيجاد البدائل والحلول الملائمة، وبدأت الخلية بموضوع استخراج الرمال، وتقرر المنع الشامل لاستخراجها من المناطق الواقعة داخل الملك العمومي سنة 2010، ووجهت تعليمات في هذا الباب إلى السادة الولاة والعمال مع دفتر التحملات، كما تم إصدار قانون يقضي بتجريم أفعال نهب الرمال، وإعداد مشروعي قانونين يقضيان بإلغاء نظام المأذونيات في قطاع نقل المسافرين واستغلال مقالع الرمال. وفي إطار العمل على النهوض بالعالم القروي فقد تم الرفع من ميزانية الاستثمار الموجهة للقرى من 8 ملايير درهم سنة 2007 إلى 20 مليار درهم سنة 2010، وتم فك العزلة عن 2 مليون نسمة في 363 جماعة قروية تابعة ل 39 عمالة وإقليم، ورفع نسبة فك العزلة عن السكان القرويين من 54% إلى 72%، والرفع من وتيرة الإنجاز السنوي للطرق والمسالك القروية ب 33،% وانطلاق بناء 11.274 كلم من الطرق القروية، وفتح 6.524 كلم أمام حركة السير. وارتفعت نسبة تزويد العالم القروي بالماء الشروب من 85% إلى 91%، كما ارتفعت نسبة الاستفادة من الكهرباء من 93% إلى 97% حيث تم إيصال الكهرباء إلى 30 ألف قرية جديدة. وفي إطار مساعدة الفلاحين الصغار تم إعفاء حوالي 200ألف فلاح من تكاليف مياه السقي برسم المواسم الفلاحية لما قبل سنة 2008 في حدود 10 آلاف درهم، وإعفائهم من الفوائد الناجمة عنها، واستفاد 90.550 فلاحا من دعم صندوق التنمية الفلاحية خلال الفترة (2007-2010). وهناك الكثير من المبادرات والأعمال التي قامت بها الحكومة التي تشرفت بقيادتها والتي لا مجال لاستعراض تفصيلاتها، ونعتز بأن حصيلة عملنا كانت إيجابية ومشرفة في ظروف اقتصادية يعلم الجميع صعوبتها على المستويين الدولي والوطني، الأمر الذي أهَّلَ حزبَنا لاحتلال الصف الأول بالنسبة لأحزاب الأغلبية السابقة في الانتخابات التشريعية الأخيرة (25 نونبر 2011). قفزة نوعية في بناء الديمقراطية ونعتز كثيرا أنه في نفس الفترة (2007-2011) عرف المغرب قفزة نوعية وغير مسبوقة في بناء الديمقراطية وتعزيز دولة المؤسسات، انطلاقا من الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله في 9 مارس الذي جاء كجواب مغربي متميز عن الحِرَاكِ الاجتماعي، وعن المطالب التي عبر عنها الشعب المغربي من أجل الإصلاح والتغيير، وتجلى من خلال ذلك الخطاب مدى تفاعل المؤسسة الملكية وتجاوبها مع نبض المجتمع، فضلا عن الجرأة والحكمة في تقديم البديل المتحضر لما عاشته منطقتنا المغاربية والعربية. وأسفرت التوجيهات الملكية وما تضمنته من إرادة قوية للإصلاح وعمل اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة الدستور عن صياغة دستور جديد متقدم وغير مسبوق في طريقة إعداده وفي شكله ومضمونه، وصادق الشعب عليه عن طريق الاستفتاء بما يشبه الإجماع، اعتبارا للإصلاحات الجوهرية والعميقة التي شملها في اتجاه تعزيز ضمانات احترام حقوق الإنسان، وإعطاء اختصاصات واسعة لرئيس الحكومة، وتقوية صلاحيات كل من الحكومة كسلطة تنفيذية والبرلمان باعتباره سلطة تشريعية، وجعل القضاء سلطة مستقلة. الدستور الجديد محل تنويه دولي ويمكن القول بأن إقرار دستور جديد بالمواصفات المشار إليها جاء لينقل المغرب إلى الديمقراطية الحقيقية، ولذلك فقد كان محل تنويه وتقدير من طرف العديد من الدول والمنظمات من مختلف مناطق العالم، وأذكر على الخصوص الاتحاد الأوربي والأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة ومنظمة(هيومن رايت وتش) وغيرها... الحزب يحافظ على موقعه المتقدم في الخريطة السياسية حضرات السيدات والسادة أخواتي إخواني بالرغم مما كان يُرَوِّجُهُ بعض الخصوم السياسيين للتقليل من أهمية المنجزات التي عملنا مع كل مكونات الحكومة السابقة على تحقيقها، وعلى خلاف ما يحدث لكثير من الأحزاب في مناطق مختلفة من العالم التي تتولى تدبير الشأن العام وتتآكل شعبيتها بسبب ذلك، فإن حزب الاستقلال بعد مشاركته في الحكومة منذ سنة 1998، وقيادته للحكومة السابقة، فقد بوأته صناديق الاقتراع المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي يشهد الجميع بنزاهتها، علما بأن انتقال الحزب من المرتبة الأولى إلى الثانية لا يعني أنه تراجع، لأنه حافظ على نفس القوة العددية التي كان يتوفر عليها في مجلس النواب السابق، وبالتالي فقد حافظ على مكانته المتقدمة في الخريطة السياسية للمغرب، بفضل تجذره في المجتمع، وانتشار تنظيماته على امتداد التراب الوطني، والثقة التي يحظى بها لدى الفئات الشعبية العريضة، ومصداقية خطابه، وواقعية برامجه، وخبرة وكفاءة أطره، ونجاعة أدائه، وحصيلته الإيجابية، وحيوية شبابه، وتعبئة نسائه. وخلال الجلساتِ المُقبلة لمؤتمرنا سنناقشُ التقريرَ الخاص بتقييم أداء مختلف أجهزة الحزب، وتقديم الحلول لمعالجة بعض الاختلالات التي ظهرت في التسيير على الصعيد الوطني والإقليمي والمحلي. مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة وبعد أن عين جلالة الملك الأستاذ عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة باعتبار أن حزبه حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية لسنة 2011، طبقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 47 من الدستور، استجاب حزب الاستقلال لدعوة رئيس الحكومة المعين للمشاركة في الحكومة الجديدة باعتبار أن النتائج التي حققها في الانتخابات أهلته لهذه المشاركة، ولحرص الحزب أيضا على مواصلة أوراش الإصلاحات الكبرى والمشاريع التنموية الهامة التي تعرفها مختلف أرجاء البلاد بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ومن أجل المساهمة كذلك في التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد. ضعف تمثلية المرأة وغياب تمثيلية الصحراء وإذا كانت عملية تشكيل الحكومة قد أفرزت فريقا من الشخصيات السياسية، فإن الظروف التي جرت فيها هذه العملية جعلت تمثيلية المرأة ضعيفة جدا ولا تنسجم مع حضور العنصر النسوي الذي أصبح وازنا في الحياة السياسية، وفي المجتمع المدني، وفي الحياة العامة، حيث لم تشمل التشكيلة الحكومية سوى امرأة واحدة بعد أن كانت الحكومة السابقة تضم في البداية 7 نساء، كما لوحظ غياب تمثيلية الأقاليم الصحراوية رغم ما تتوفر عليه من كفاءات وطاقات؛ ولذلك فإننا ندعو إلى تدارك هذا النقص في أقرب فرصة ممكنة. البرنامج الحكومي والبرنامج الذي ساهمت مختلف مكونات الحكومة في وضعه وحصلت من خلاله على ثقة مجلس النواب وِفْقَ مقتضيات الدستور ينسجم في مجمله مع برنامج حزب الاستقلال، ويتجاوب مع رغبات المواطنين، ومن بين محاوره الأساسية: تعزيز الهوية الوطنية الموحدة وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها والانفتاح على اللغات والثقافات والحضارات؛ وذلك بصيانة مكانة المرجعية الإسلامية، وتشجيع الاجتهاد في إطار الوسطية والاعتدال والتسامح، وتفعيل أكاديمية اللغة العربية، وإصدار القانون التنظيمي لترسيم الأمازيغية، وتشجيع تعلم اللغات الأجنبية، والنهوض بقيم المواطنة والثقافة والإبداع... ترسيخ دولة القانون والجهوية المتقدمة والحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والقائمة على المواطنة الحقة وربط المسؤولية بالمحاسبة؛ ويشمل هذا المحور التنزيل الديمقراطي والتشاركي للدستور، والتفاعل مع البرلمان والمعارضة، وإصلاح منظومة القضاء وتقوية استقلالية السلطة القضائية، ومحاربة الفساد والرشوة، وتقوية الشفافية والحكامة الرشيدة، والتعاقد مع الجهات في إطار الجهوية المتقدمة، وإصلاح الجبايات المحلية، والحد من التركيز الإداري، وإصلاح المرفق العمومي لتحسن الاستقبال والخدمات... مواصلة بناء اقتصاد وطني قوي، متنوع الروافد القطاعية والجهوية، وتنافسي، ومنتج للثروة والشغل، وضامن للعدالة الاجتماعية؛ ومما يندرج ضمن هذا المحور: مواصلة وتطوير سياسة الأوراش الكبرى، وترشيد النفقات وإعادة النظر في سياسة الشراء العمومي للتحكم في الكلفة وخفض النفقات، وإصلاح عميق للقانون التنظيمي للمالية يجعل الميزانية تنبني على محاور السياسات العمومية، واعتماد نظام محاسبي جديد يمكن من حكامة جيدة للمالية العمومية، وتفعيل التتبع والتقييم لعقود الاستثمار والتزامات المستثمرين في المشاريع المستفيدة من التحفيزات العمومية، واعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير المرفق العام وتعزيز البنيات التحتية، ومحاربة الريع والامتيازات في النقل والمقالع والصيد البحري والعقار، وإصلاح نظام المقاصة، وإصلاح النظام الضريبي لضمان العدالة الجبائية، وإصلاح القانون المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المؤسسات العمومية، وتمكين المقاولات الصغيرة جدا من إطار قانوني خاص (المقاول الاجتماعي) ومن منتوجات بنكية ملائمة لها، ووضع آليات لاستفادتها من سندات الطلبات والصفقات العمومية... تطوير وتفعيل البرامج الاجتماعية بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والسكن، ويكرس التضامن وتكافؤ الفرص بين الأفراد والفئات والأجيال والجهات؛ وذلك من خلال دعم أسعار المواد الأساسية عن طريق صندوق المقاصة للحفاظ على نسبة التضخم في 2% مع التحكم في عجز الميزانية في حدود 3%، وتقليص البطالة وإدماج حاملي الشهادات في حدود 8%، وتحسين المؤشرات المتعلقة بالصحة والتعليم، وتقليص نسبة الأمية إلى 20%، واستهداف الفئات المعوزة بتقديم الدعم المادي المشروط بالتمدرس والصحة، وتوسيع التغطية الصحية وتعميم برنامج المساعدة الطبية، وتحسين الولوج إلى السكن، وإصلاح أنظمة التقاعد، والنهوض بالعالم القروي والمناطق الجبلية والواحات، ودعم صندوق التنمية القروية، وتكريس التمييز الإيجابي لفائدة النساء، وإدماج الشباب، والعناية بأوضاع المسنين. وفي إطار دعم وترسيخ خياراتها الاجتماعية تضمن برنامج الحكومة تفعيل وإحداث مجموعة من الصناديق الجديدة وهي: صندوق التكافل العائلي ودعم الاستقرار الأسري والنساء الأرامل أو في وضعية صعبة، وصندوق التعويض عن فقدان الشغل، وصندوق التضامن الذي يستهدف الفئات الضعيفة، وصندوق الضمان الاجتماعي للمعوزين، وصندوق دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وصندوق التأهيل الاجتماعي، وصندوق التضامن بين الجهات. 5) تعزيز التفاعل الإيجابي للمغرب مع محيطه الجهوي والعالمي وتقوية الأداء العمومي لتدبير شؤون المغاربة المقيمين في الخارج، لتوطيد علاقات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، وضمان إشعاع أكبر لصورة المغرب وتحسين ترتيبه في التقارير الدولية في المجالات الاقتصادية والتنمية البشرية ومحاربة الفساد، ويشمل هذا المحور كذلك النهوض بأوضاع الجالية المغربية في الخارج. برنامج الحكومة بوصلة تحدد اتجاه عملها ومن خلال المحاور الأساسية للبرنامج الحكومي يتبين أنه برنامج متكامل في محتوياته، يسعى لضمان التوازنات الاقتصادية والاجتماعية، ويشمل العديد من التدابير ذات الطابع الاجتماعي، لحماية الطبقات الضعيفة والمتوسطة، ويحدد رؤية مندمجة لما ينبغي أن تقوم به الحكومة، ومن المفروض أن يكون بمثابة البوصلة التي تحدد اتجاه عملها طيلة فترة ولايتها. الحزب معبأ لإنجاح الحكومة وإن حزب الاستقلال معبأ لإنجاح الحكومة وتحقيق الأهداف المتوخاة من برنامجها، ليس فقط لأنه أحد الأطراف المكونة لها، وإنما لأننا نؤمن بأن نجاحها في تنفيذ برنامجها الطموح هو نجاح للمغرب في إرساء الدولة الديمقراطية الحديثة، وبناء مجتمع تسوده قيم التعادلية والتضامن، ونجاح له أيضا في تجاوز الصعوبات والإكراهات الناتجة عن تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تُرْخِي بظلالها على شتى أنحاء المعمور. على الحكومة أن تعمل كمؤسسة مسؤولة ومتضامنة ولضمان الفعالية والمصداقية في إنجاز برنامج الحكومة فإنها لابد أن تشتغل كمؤسسة مسؤولة ومتضامنة يحرص كل أعضائها على العمل الجماعي الذي يقوم على التشاور في مختلف القضايا الأساسية، والتنسيق بين القطاعات المختلفة لتكون الحكومة بكل مكوناتها ذات قناعة كاملة بمضامين القرارت التي يتم اتخاذها، وبذلك يتبلور الانسجام داخل الحكومة، وتسود الثقة بين مكوناتها كشرط أساسي للنجاح في تنفيذ برنامجها. احترام دور المعارضة ويجب الانتباه إلى أن الدستور الجديد يضع على عاتق المعارضة دورا هاما في مجال التشريع ومراقبة العمل الحكومي، وبالتالي فإنه لابد من احترام الأقلية التي تشكل المعارضة وتسهيل مهامها في إطار دولة المؤسسات وسيادة القانون. مهام كثيرة تنتظر الإنجاز وهناك مهام وأعمال كثيرة تنتظر الإنجاز، وتقتضي دقة المرحلة السياسية الانكباب السريع وغير المتسرع في العمل على التنزيل الديمقراطي للدستور، وتهيئ ما يتطلبه ذلك من قوانين تنظيمية وقوانين ومراسيم، والتحضير في الوقت ذاته للاستحقاقات الانتخابية الجهوية والمحلية لتنتهي بانتخاب مجلس جديد للمستشارين، وبالموازاة مع هذه المهام فإنه لابد من مواصلة الإصلاحات على مستوى مختلف القطاعات، ومحاربة الفساد، وتخليق الحياة العامة، وتحسين مستوى العيش بالنسبة للفئات الضعيفة، وتعزيز قيم المواطنة واحترام حقوق الإنسان... سيداتي سادتي أخواتي إخواني تفعيل اتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي إن الانتشار المتزايد لموجة العولمة وشراسة التنافسية السياسية والاقتصادية التي تواجهها الدول بالانخراط في التكتلات الاقتصادية الكبرى أصبحت تحتم العمل على تفعيل اتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي، يرمي إلى تعبئة الطاقات والمؤهلات الجهوية لتحقيق التكامل الاقتصادي، وضمان الأمن الجماعي للمنطقة، وخدمة المصالح الحيوية للشعوب المغاربية، وتحقيق ما تطمح إليه من وحدة وتضامن وتقدم، وتحقيقُ هذه الأهداف رهين بالعمل الصادق والجاد لتجاوز رواسب ومخلفات الماضي، والتوجه نحو المستقبل بضمان حرية التنقل بين دول الاتحاد وفتح الحدود، وجعل المصالح المشتركة لدول المغرب العربي فوق كل اعتبار، وباتخاذ مواقف مشتركة إزاء القضايا الدولية، والتعاون مع المجموعات الجهوية، وخاصة مع الاتحاد الأوربي. لا نفرق بين قضية فلسطين وقضايانا الوطنية ومن القضايا التي لا تغيب عن اهتماماتنا قضية فلسطين، ومنذ نكبة 1948 التي أدت إلى تقسيم الأرض الفلسطينية، وإعلان الكيان الصهيوني، وحزب الاستقلال لا يفرق بين هذه القضية والقضايا الوطنية، ويعتبرها قضية احتلال غير مشروع، وعبر الحزب دائما بكل الوسائل عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الذي سُلِبَت منه أرضه وتعرض للتشرد، وتزايدت معاناتِه بعد احتلال كل الأراضي الفلسطينية وأراضي عربية مجاورة سنة 1967. ويستمر الاحتلال في تحد سافر للقرارات الأممية، مع تواصل السياسة العدوانية في حق الشعب الفلسطيني التي لا تنحصر في اغتصاب الأرض وطرد أصحابها، وإنما تتجلى أيضا في تهويد القدس وتغيير معالمها العربية والإسلامية التاريخية، والمس بالمسجد الأقصى وبناء المزيد من المستوطنات. وإذ نجدد إدانتنا لما يقترفه الكيان الإسرائيلي من جرائم في الأراضي المحتلة، والحصار الظالم على غزة، نؤكد تضامننا الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق في كفاحه العادل من أجل تحرير أراضيه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وندعو منظمة الأممالمتحدة لاتخاذ التدابير الحازمة لاحترام مقرراتها من طرف الكيان الإسرائيلي، والعمل الجاد من أجل سلام يقوم على استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية المغصوبة. ونثمن عاليا الجهود التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس نصره الله رئيس لجنة القدس في نصرة قضية القدس والمقدسيين وما ينجزه بيت مال القدس من مشاريع تهدف للحفاظ على هُوية المدينة المقدسة. وندعو الفصائل الفلسطينية إلى توحيد الصف والالتفاف حول عدالة القضية التي يكافحون من أجلها في مواجهة في مواجهة سياسة العدوان والاحتلال. ندعو لإيقاف المجزرة الرهيبة في سوريا وإذ نتابع بألم شديد ما يجري في سوريا من قمع شرس، وتقتيل وتذبيح في حق الشعب السوري الشقيق بسبب مطالبته بالديمقراطية والحرية والكرامة، وندعو المجتمع الدولي للتدخل العاجل من أجل إيقاف المجزرة الرهيبة، وضمان الحماية اللازمة للمدنيين الذين يواجهون جحيم الآلة العسكرية للنظام السوري. نحيي انتفاضة الشعوب العربية ونحيي انتفاضة الشعوب العربية في مواجهة الأنظمة الاستبدادية، ونأمل أن تًتَوَّجَ بالانتصار للبديل الديمقراطي الذي يضمن احترام الإرادة الشعبية وينزع كل القيودِ والكَوَابِحِ التي تحُول دون نهضة أمتنا العربية وتعُوقُ تقدمها. تعزيز العلاقات المغربية الإفريقية وبحكم انتماء المغرب لإفريقيا فقد عمل على توطيد روابط التضامن مع الأشقاء الأفارقة، وشكلت "مجموعة الدارالبيضاء" سنة 1961 النواة الأساسية لقيام المنتظم الإفريقي، وقدم كل الدعم والمساندة لحركات التحرير الإفريقية، كما جعل من قضايا التنمية في قارتنا أولوية أساسية في نشاطه الدبلوماسي داخل مختلف المحافل الإقليمية والدولية، مطالبا المجتمع الدولي بوضع برنامج تنموي طموح لصالح إفريقيا. وتعززت في الوقت الراهن العلاقات المغربية الإفريقية عن طريق آليات التعاون الثنائي في مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والتعليمية، وتربطه علاقات وطيدة مع عدة دول إفريقية، ويتابع حوالي 8.000 طالب وطالبة أفارقة دراساتهم بالمؤسسات الجامعية والمعاهد العليا المغربية، بمنح من المغرب. وقد قرر المغربُ توسيع وتطوير العلاقات مع دول جنوب الصحراء في المجالات الثقافية والرياضية والتجارية، وفي السياسات المتعلقة بالماء والبيئة والصيد البحري، وتعزيز التعاون في إطار دول الساحل لمقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتطويق النزاعات الانفصالية والحروب الأهلية التي تفتك بالشعوب وتستنزف طاقاتها. التعاون مع الاتحاد الأوربي وبالنظر للموقع الجغرافي المتميز للمغرب فقد حرص منذ الاستقلال على مد جسور التواصل والتعاون مع الدول الأوروبية، من خلال إبرام عدة اتفاقيات، إلى أن حصل لوحده حتى الآن على وضع متقدم في شراكته مع الاتحاد الأوربي مما شكل اعترافا بوجاهة اختياراته، وفعالية دبلوماسيته، ومصداقية ما يبذله من جهود في البناء الديمقراطي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحينما انعقد أول مؤتمر قمة بين الاتحاد الأوربي والمغرب بمدينة غرناطة تشرفت بتمثيل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا المؤتمر الذي رسم آفاق التعاون الذي يخدم المصالح المشتركة، وأشادت القمة بما يقوم به المغرب في مجال حماية حقوق الإنسان وفي انطلاق أوراش الإصلاحات. ولابد من مواصلة العمل الجاد من أجل حسن استثمار ما يتيحه التعاون مع الاتحاد الأوربي من فرص وآفاق واسعة، بما يتضمنه من تدابير ومكاسب ملموسة على الأمد المنظور. المغرب ومحيطه الغربي وتعزيزا لمكانة المغرب كنقطة اتصال بين أمريكا وأوربا فإنه من الضروري تعزيزعلاقاته التاريخية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أبرم معها اتفاقية بإحداث منطقة للتبادل الحر بين البلدين، ومواصلة دعم العلاقات الثقافية والتجارية مع دول أمريكا اللاتينية لما يجمعنا بها من روابط بحكم الإرث الثقافي والحضاري الأندلسي المشترك. مد المزيد من جسور التعاون مع دول آسيا ويرتبط المغرب بعلاقات متميزة مع عدة دول في آسيا وخاصة مع الصين الشعبية والهند واليابان، وباعتبار أن المنطقة الآسيوية تعرف نموا هاما لقوى اقتصادية جديدة فإنه لابد من مد المزيد من جسور التعاون والتبادل التجاري والثقافي مع دول المنطقة. مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية وبحكم تطور الواقع الدولي، وبروز مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية تتمحور حول قضايا حقوق الإنسان وأوضاع المرأة والطفل والبيئة والتنمية المستديمة، بالإضافة إلى ظهور فاعلين جدد في العلاقات الدولية من برلمانات وهيئات منتخبة وجمعيات غير حكومية ونخب من عالم الاقتصاد والفكر والإعلام؛ فإننا ندعو الدبلوماسية المغربية للحرص على استغلال كل الفرص للإسهام الإيجابي في التعامل مع هذه القضايا، وتوسيع مجال العمل أمام الدبلوماسية الموازية المؤسساتية والحزبية والمدنية لتقوم بدورها بفعالية أكثر في الدفاع عن القضايا الوطنية. أنسنة العولمة ونشر السلم وفي نفس السياق، ندعو الدبلوماسية للأخذ بعين الاعتبار في تفاعلاتها الدولية المنظور الإستراتيجي للأمن الشمولي الذي تنصهر فيه مختلف الانشغالات السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية والمساهمة في العمل على أَنْسَنَةِ العولمة، ونشر السلام الذي يقوم على العدل والإنصاف واحترام إرادة الشعوب وسيادة الدول ووحدتها الترابية. التمسك بالمبادئ ووحدة الصف حضرات السيدات والسادة إخواني أخواتي قبل أن أختم هذا التقرير اسمحوا لي أن أعبر لأحبائي عن تأثري العميق، وأن أنهي مهامي بعد أكثر من خمسين سنة من النضال على كل الواجهات، توجت بالقرار الملكي القاضي بتعييني وزيرا أول ثم رئيسا للحكومة لأربع سنوات كانت مدةً جد كافية لأربط مع كل فروع الحزب ومع كل المنظمات الموازية علاقاتٍ متينة مبنية على المحبة والأخوة، مُضحين جميعا براحتنا، والغياب الاعتيادي عن أسرنا الصغيرة، ليبقى هذا الحزب رافع الرأس شامخا، وسأكون سعيدا عندما سأرجع لأنشط في إطار الخلية التابعة للحي الذي أقطن فيه منذ أكثر من أربعين سنة. وإذ أختم مهمتي فإني أوجه نداء حارا لكل الإخوة والأخوات في حزب الاستقلال إلى الالتزام بوحدة الصف، والتمسك بالمبادئ التي تربينا عليها داخل حزبنا، واعتماد النقد الذاتي ومراجعة النفس منهجا في العمل التنظيمي والسياسي للحزب، وتجديد العزائم لمواصلة الطريق نحو تحقيق أهداف حزبنا في بناء مغرب ديمقراطي تعادلي متقدم وموحد. «رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّاب» صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته