أيتها الجماهير الشغيلة، ها نحن نقف مرة أخرى في هذا العيد الأممي الذي نخلده تحت شعار : مع الشعب إلى الأبد، عيد الشغل والشغالين في العالم أجمع لنحاسب النفس والفعل والأداء عما وصلنا إليه وما تحقق لنا وما حققناه نحن أيضا، خاصة وأننا في أول فاتح ماي بعد الدستور الجديد وبداية تنزيله في ظل الحكومة الجديدة. دستور جديد ناضلت من أجل دعمه الطبقات الشغيلة المغربية التي استجمعت فيه مطامحها وآمالها في غد أفضل قوامه العزة والكرامة برد الاعتبار المادي والمعنوي لنا جميعا كمنتجين بالفكر والسواعد، كمنتجين حرموا من مردود عملهم لعشرات السنوات إيثارا منهم للمصالح المادية والاقتصادية والمالية العليا للوطن عموما وللمؤسسة خصوصا، إذ كانوا الضحية الأكبر لكل من برامج التقويم الهيكلي والمغربة، والخوصصة والعولمة والتفويتات... إلى آخره. ضحية قدمت ولا تزال تقدم العطاء تلو الآخر لأن وعيها سابق الزمان حينما مدت يدها لشراكة حقيقية بينها وبين رأسلمال. أيتها الإخوة والأخوات، إننا في إحيائنا لهذه الذكرى الأممية فاتح ماي 2012 في ظل معطيات دولية وقارية وجهوية ووطنية خاصة، وطنية خاصة باعتبار أننا في ظل حكومة جديدة منبثقة عن صناديق الاقتراع، حكومة مطوقة بالتالي بأصوات الناخبات والناخبين من الطبقة الشغيلة الذين هم ملايين، والذين ينتظرون أن يحسوا ويعيشوا هذا العهد الجديد في حياتهم اليومية، في المعمل والإدارة والورشة بتثبيت شروط العمل اللائق، وذلك بالاطمئنان على منصب الشغل مع الأجر الكافي المساير للحياة، بالاطمئنان على الحريات النقابية وممارستها كاملة في ظل القوانين، حريات نقابية غير مصادرة بالطرد الفردي والجماعي لمكاتب نقابية برمتها وخاصة في قطاع العمال والعاملات الزراعيين والفلاحيين في الضيعات بجهة الجنوب، كإنزكان، وشتوكة أيت باها مثلا، وفي قطاع شغيلة الخطوط الملكية المغربية، والساتيام، وقطاع شغيلة التكوين المهني... لذلك فإن شغيلة هذه القطاعات وغيرها تصر على مطلبها الأولي والأساسي ألا وهو حماية حقها في الحرية النقابية وتمتيعها بالكرامة الواجبة لها في كل أبعادها المادية والمعنوية بعيدا عن أي ممارسة انتقائية جائرة. إننا كطبقة شغيلة أي منتجة مساهمة في الاقتصاد الوطني، مساهمة في التنمية، معنية بكل ما يهم الوطن واستقراره، من حقنا الشرعي الاطمئنان أيضا على الخدمات الاجتماعية الضرورية وجودتها، الاطمئنان على تقاعد غير ظالم إذ مازال حده الأدنى إلى اليوم كما تعرفون أيها الإخوة والأخوات في حدود الألف درهم هذا بعد الزيادة الأخيرة التي حصلت فيه سنة 2011 ناهيك عن الذين لا يتاقضون شيئا لأنهم لا يتوفرون على 3240 يوم عمل ونحن بحمد الله في اتحادكم قد جعلنا من هذا الموضوع أولوية قصوى في مطالبنا ويمكن أن نقول الآن إننا قد وفقنا في هذا المطلوب. إننا كشغيلة نطالب الحكومة بإجراءات سريعة للاطمئنان على ترقيات وحوافز ومسؤوليات ناتجة عن الكفاءة والاقتدار. إننا كطبقة شغيلة مغربية ننتظر إكمال أجرأة كل ما تم الاتفاق حوله بمقتضى اتفاق 26 ابريل 2011، خاصة في باب تحسين الدخل برفع الحد الأدنى إلى 3000 درهم سنة 2013، ومواصلة الاصلاح الضريبي على الأجور، والعناية بالمتقاعدين، أي بعدم استثناء معاشاتهم من كل زيادة كيفما كان شكلها، وتطبيق السلم المتحرك للأسعار ولأجور، والإسراع بكسر تسقيف احتساب المعاش في القطاع الخاص، والإسراع أيضا -أي داخل الآجال المحددة- بتسوية الحدين في القطاع الصناعي والقطاع الفلاحي، واستكمال إصدار المراسيم التطبيقية، وإخراج ما تبقى من القوانين الأساسية بسرعة وحركية تتماشيان مع طبيعة المرحلة الجديدة إذا كنا فعلا نعتبرها جديدة في بناء مغربنا القوي المحصن بمواطنيه واقتصاده وتفاعله إيجابا مع مقتضيات الإنتاجية والتنافسية... إلى آخره. هذا هو الذي تريده الطبقة الشغيلة المغربية كأول إجراء عملي فعلي من هذه الحكومة التي كون الشغالون والشغالات كثلة جد مهمة في الاستحقاقات التي عبرها تم إفراز هذه الحكومة. أخواتي إخواني، إننا كدينامية فعلية لنا فعل وتأثير في التاريخ بسياساته وكل مكوناته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية، لنا وجود في تمظهراته وقد أبانت بالدلائل القاطعة الحركة العمالية إبان الاستعمار وإبان الاستقلال كذلك على أنها عامل مؤثر، إذ أسرعت بدق آخر مسمار في نعش المستعمر وكسرت جدار الصمت والجليد بانتفاضة 14 دجنبر 1990، وتسببت في خلق مسلسل كامل من الإصلاحات الدستورية والقانونية والسياسية والنقابية، وعليه فإن هذه الحركة هي اليوم بحاجة إلى المزيد من التحصين من كل عابث دخيل عليها يريد أن يفتت صفوفها ويفل من عزمها، هي بحاجة إلى إصلاح شامل فوري للترسانة القانونية المنظمة لانتخابات اللجان الثنائية وممثلي العمال، هي بحاجة أيضا إلى تقنين حقل وتنظيم عمل النقابة، وذلك بإخراج القانون المنظم للنقابات الذي بتطبيقه صوابا وبكل إجراءاته التي يجب أن ترافقه سيذلل الطريق أمام عمل نقابي مسؤول وواضح فعلا يضع كل واحد أمام مسؤولياته، إننا آخرا وليس أخيرا بحاجة إلى المزيد من تمتين العلاقات وتوقيع الاتفاقات والمواثيق مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب وصولا إلى توسيع قاعدة الاتفاقيات الجماعية بين طرفي الإنتاج لأننا شركاء يجب أن نربح جميعا، ونتضامن أيضا جميعا عند موجبات ذلك. أيها الإخوة والأخوات، إن مطالبنا واضحة مشروعة، عادلة هادفة إلى تقوية معدل التنمية، مفضية إلى تماسك حقيقي للمجتمع المغربي بين كل طبقاته وشرائحه حيث يحس كل واحد بالملموس بأنه وأولاده وأسرته محميون، لذلك فنحن أيضا بحاجة إلى عمل نقابي تنسيقي شفاف ومخلص لرسالة العاملين والعاملات والموظفين والموظفات قائم على ميثاق شرف، وبحاجة من جهة أخرى إلى القرار السياسي الذي يمشي في التغيير سريعا نحو الأصلح دائما وأبدا، ترسيخا لدعائم دولة الحق والقانون، والمحاسبة المرتبطة بالمسؤولية. أيتها الجماهير الشغيلة، إننا في عيدنا الأممي هذا نجدد جميعا التأكيد بأننا أوفياء مخلصون لوحدتنا الترابية، مخلصون ملتفون حول مقدساتنا ورمزها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، مخلصون أوفياء لأرواح شهداء التحرير والوحدة، مخلصون أوفياء لحلمنا بإقامة مغرب عربي متكامل موحد قوي، ومجتمع عربي آمن وموحد ديموقراطي متضامن في نصرة الحق وعلى رأسه قضية فلسطين السليبة حتى إقامة دولتنا العربية فيها وعاصمتها القدس الشريف، مخلصون أوفياء لحزب الاستقلال ورسالته الخالدة لإقامة المجتمع التعادلي حيث المواطنون أحرار في وطنهم الحر، مخلصون أوفياء للشعب المغربي قاطبة، لذلك فإننا كنا وسنكون مع الشعب دائما وإلى الأبد. أيتها الجماهير الشغيلة، إنه مطلوب منا اليوم أكثر من ذي قبل أن يؤدي كل أمانته وواجبه نحو منظمته القوية العتيدة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب وذلك بمحاسبة النفس والفعل، أي طرح السؤال والإجابة عليه في نفس الوقت: ماذا قدمت لي النقابة ؟ وماذا قدمت أنا كعضو في النقابة للنقابة ؟. عاشت الجماهير الشغيلة - عاش الاتحاد العام للشغالين والسلام عليكم ورحمة الله.