تحل اليوم الذكرى 23 لتأسيس اتحاد دول المغرب العربي بطعم خاص يبرره التفاؤل المعلن عنه على الأقل بعواصم دول المجموعة الخمس في شأن الانطلاقة المرتقبة لقطار الاتحاد، بعد فترة توقف اضطرارية طالت لأزيد من عقد ونصف. وتتزامن الذكرى 23 هذه السنة مع التئام وزراء خارجية دول المغرب العربي بالرباط اليوم للتباحث والتشاور في سبل إعادة الحياة الى مؤسسات الاتحاد وتفعيل أدواره الطلائعية كمكسب تاريخي لشعوب المنطقة. ويبدو أن الاندماج المغاربي يسير في الطريق الصحيح على الأقل اذا استحضرنا النوايا الحسنة المعبر عنها، إلى حدود الساعة من قبل قادة ومسؤولي البلدان الخمسة. وسيبت مجلس وزراء الخارجية الذي يلتئم بالرباط في قضايا مصيرية ترتبط بمؤسسات الاتحاد، وقادة الاتحاد الذين وافقوا على الالتقاء في قمة هي الأولى من نوعها قرابة عشرين سنة. وسيلتقي وزير الخارجية سعد الدين العثماني نظيره الجزائري مراد مدلسي للمرة الثانية في أقل من شهر، وسيدافع ممثل تونس في لقاء وزراء الخارجية بقاعة بلافريج بلا شك عن نظرية الحريات الخمس التي يتبناها بشغف الرئيس التونسي منصف المرزوقي. قطار الاتحاد المغاربي الكبير يوجد اليوم أمام فرصة حقيقية للمضي قدما في طريق التلاحم والاندماج، والمسؤولون مطالبون بتمثل اللحظة التاريخية بما يكفي من الشجاعة لوضع الخلافات الهامشية والعوائق المصطنعة جانبا. ورسالة اتحاد المغرب العربي بإمكانها التجدد مع قضايا العصر وتحديات الوضع الراهن بكل ما تحمله الكلمة من إرادة نحو الآفاق الوحدوية الرحبة التي تستشعر الغد وتقتنع بوحدة المصير وحساسية المرحلة وتداعياتها على راهن ومستقبل 120 مليون نسمة من سكانها التجمع الإقليمي الذي ينتظر الفرصة ليسهم بدوره في صناعة صفحات من التاريخ المعاصر للبشرية. ويذكر أنه على مدى السنوات السابقة لم يتمكن الاتحاد المغاربي من الانطلاق في مساره الصحيح بسبب تغلب السياسات القطرية وخصوصا عدم الالتزام ببنود معاهدة مراكش وفي مقدمتها المادة الخامسة التي تتعهد فيها الدول الأعضاء «بعدم السماح بأي نشاط وتنظيم فوق ترابها يمس أمن أو حرمة تراب أي منها أو نظامها السياسي». إن دول اتحاد المغرب العربي تتوفر على مقومات التكامل الاقتصادي وغنى الطاقات البشرية حيث من المنتظر أن يصل عدد سكانها إلى مائة وعشرين مليون نسمة في 2012 مما يشكل سوقا تجارية كبيرة. وقد نصت قرارات إحدى القمم المغاربية السابقة على إحداث سوق مغاربية موحدة وعلى التدرج في إلغاء الرسوم الجمركية وتكثيف التبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات، غير أن هذه القرارات ظلت بلا أثر رغم أن الجميع يتحدث عن الاتحاد المغاربي باعتباره خيارا استراتيجيا. إن الذكرى 23 لتأسيس الاتحاد المغرب العربي تسائل الدول الأعضاء لإخراج الاتحاد من واقع الجمود والدفع به في اتجاه الفعالية على أساس وضوح الرؤيا والمواقف وفي مقدمتها احترام الوحدة الترابية للدول الأعضاء.