تحل اليوم الذكرى 23 لتأسيس اتحاد المغرب العربي، في أجواء استثنائية، فرضها الربيع العربي، الذي حركت رياحه "طواحين" لحقها الصدأ، بسبب إصرار أنظمة على تعطيل حركيتها، ضدا عن إرادة شعوب المنطقة. وبدأ هذا التغيير يعطي ثماره، بعدما أعادت التحركات الأخيرة لوزراء خارجية بلدان المنطقة الأمل في إمكانية إخراج الاتحاد من "غرفة الإنعاش"، التي رقد فيها سنوات طويلة. وتجلت آخر هذه الثمار في عقد وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، غدا السبت، اجتماعا بهدف إحياء عملية التكامل الاجتماعي الاقتصادي للاتحاد. وستبحث البلدان الخمسة، في هذا الاجتماع، الإنجازات المتحققة والآفاق المستقبلية لاتحاد المغرب العربي، في إطار الحوار السياسي المغاربي. كما أعلن الرئيس التونسي المؤقت، المنصف المرزوقي، الذي قام بجولة في دول المنطقة، بدأها من المغرب، أن تونس ستحتضن في "القريب العاجل" أعمال القمة المغاربية المقبلة. وقال المرزوقي إن لجانا متخصصة ستشكل لإعداد دراسة متكاملة ومعمقة، حتى يتأتى تناول كل المسائل العالقة خلال القمة. ورغم التشكيك في تحقيق "الحلم" المغاربي، إلا أن "صناع القرار" في منطقة المغرب العربي يحاولون جاهدين تذليل العقبات، وترك تلك التي لا يمكن حلها، في محاولة لبلوغ الهدف الأكبر، ألا وهو "إحياء الاتحاد". ويرى المراقبون أن "الوحدة"، التي تتوق لها النخب السياسية والثقافية أو المواطن، يبقى مفتاح تحقيقها، في أقرب وقت، بيد الجزائر، التي سيقود التزامها ب"الحياد الإيجابي" في مشكل الصحراء المفتعل، إلى حل ملف، يعد أكبر حجر يقف في وجه عودة الحياة للاتحاد. وكان سعد الدين العثماني، وزير الخارجية، الذي قام بعدد من الزيارات لدول المنطقة، ساهمت في تقريب وجهات النظر، أكد أن هناك إرادة صلبة لدى كافة الأطراف المكونة للاتحاد لإعطاء نفس قوي له. وقال إنه، خلال زيارته للجزائر، التي استقبل في إطارها من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كان هناك "تطابق تام في وجهات النظر، وكنا نتحدث لغة واحدة، هي أن بناء اتحاد المغرب العربي أولوية المرحلة، وأفق استراتيجي مشترك، متفق عليه بين الجميع". وتظهر هذه التحركات أن هذا الاندماج لم يعد نوعا من الترف أو الرفاه، بل أصبح ضرورة حتمية في عصر العولمة والتحديات الكبرى، خاصة في ظل زيادة قوة الاتحادات الاقتصادية الكبرى. "المغربية"، وفي إطار مواكبتها لهذه التطورات الأخيرة، تنشر، غدا السبت، ملفا متكاملا يتطرق إلى مختلف الجوانب المتعلقة بالاتحاد، ومستقبله.