أخرج الرئيس التونسي منصف المرزوقي ملف اتحاد المغرب العربي من أدراج قادته ووضعه على رأس أولويات جولته المغاربية، التي زار خلالها الرباط ونواكشوط والجزائر خلال الأسبوع الماضي. ويبدو أن درج مكتب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان يحتاج إلى «تشحيم» كي يطلق سراح ملف هذا التجمع الإقليمي الذي يحتفي يوم الجمعة المقبل بالذكرى 23 لتأسيسه في سنة 1989 بمراكش . في قصر المرادية، بمرتفعات الجزائر، كان المرزوقي يرافع أول أمس الأحد عن قضية تجمدت الحياة في شرايينها منذ صيف 1994 ، وكان يعرف أن تتويج جولته بالجزائر هو بمثابة استكمال أو عدم استكمال حلقة الموافقة على عقد القمة المغاربية ، لذلك بسط أمام بوتفليقة نتائج محادثاته في بقية عواصم المنطقة، حيث يتضح أن لاخيار لتنمية المغرب الكبير سوى في تكامله واندماجه الاقتصادي . لامستقبل لتونس في تونس، بل في أحضان عمقها المغاربي الممتد من موريطانيا إلى ليبيا. ونفس الشأن بالنسبة لبقية الأقطار. عقب محادثات «المرادية» جاء المرزوقي أمام الصحفيين ليعلن أن الجزائر وافقت على عقد القمة هذه السنة وأن التحضيرات لها ستنطلق من خلال لجان تعد الملفات والمشاريع كي يبت فيها اجتماع مجلس الرئاسة المرتقب والذي قد يعقد في تونس. وتزامن تصريح منصف المرزوقي مع الكشف عن بعض تفاصيل ملف (دراسة الجدوى ) وضعه قبل أيام والي تلمسان فوق مكتب الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى، والذي رسم فيه خريطتين ،الأولى اقتصادية وتتعلق بدينامية السلع والمواد التي تعبر ال 150 كلم المشكلة لحدود هذه الولاية مع المغرب في إطار عمليات التهريب المتبادل، وخريطة للشبكات البشرية المتواجدة بتلمسان ومجالها الجغرافي ، والتي تستفيد من هذه العمليات التي يفوق «رقم معاملاتها» 30 مليار درهم. ويأمل المتتبعون أن يساهم هذا الملف في إقناع السلطات الجزائرية بفتح الحدود مع المغرب وتستعيد المبادلات البينية إطارها القانوني ،الذي من شأنه أن يضخ في خزائن البلدين أموالا مهمة ويحد من أنشطة المهربين الذين تحول بعضهم إلى شبكات دولية أصبحت جزءا من الجريمة المنظمة. وإذا كانت القمة المغاربية وفتح الحدود عنصرين بارزين في مباحثات الرباطوالجزائر خاصة، فإن الرئيس التونسي اعتبرهما من تداعيات المقاربة الجزائرية لملف الصحراء ، لذلك حرص على التأكيد بأن القضية لها مسارها بالأمم المتحدة ويمكن لقطار المغرب العربي أن يتحرك على سكته بإرادة أطرافه الخمسة، ومن المحتم أن نجد حلولا لكل القضايا الخلافية. من مميزات جولة منصف المرزوقي بالعواصم المغاربية، أنه تصرف كمواطن مغاربي لاتزال شعلة حلم المغرب العربي متقدة لديه، في الرباط ومراكش ونواكشوط والجزائر العاصمة، التقى بالمثقفين والاعلاميين وبأصدقاء النضال الحقوقي والسياسي...وتحدث بعفوية مع الناس معبرا ،بكل صدق، عن تصوراته وتحاليله عن «الربيع العربي» واتحاد المغرب العربي الذي أصبحت عودة الروح اليه مطلبا حيويا أكثر من أي وقت مضى.