الولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا تتصدر قائمة الدول الغربية الأكثر تحمسا للتدخل بشكل أو بآخر في العديد من دول الشرق الأوسط الكبير الممتد من المحيط الأطلسي غربا حتى مشارف شبه القارة الهندية، ومع بداية سنة 2012 يسجل أن حكومات هذه الدول الثلاث تعطي إشارات توحي بأنها تشعر أن هناك فرصا ضائعة أو متقلصة لتنفيذ مشاريعها المموهة بما تسميه دفاعها عن الديمقراطية وحق الشعوب في التحكم في مصيرها. في نهاية العقد الأخير من القرن العشرين قال أحد مرافقي الجنرال فون جياب القائد العسكري الفيتنامي الذي هزمت بلاده تحت قيادته العسكرية، إمبراطوريتين، الفرنسية سنة 1954 والأمريكية سنة 1975: "إذا نظرنا إلى الساحة الدولية بعد انهيار الإتحاد السوفيتي سنرى أن صراع الغرب على النفوذ والمصالح مركز بشكل أساسي في منطقة الشرق الأوسط الكبير وكأن العالم اختصر في هذه البقعة من الكرة الأرضية، التي تغطي مساحة تقدر ب 14291469 كلم مربع أي نسبة 10.2 في المائة فقط من مجموع اليابسة في العالم". إن غالبية التوترات والمواجهات تدور في منطقة يسكنها حوالي 350 مليون نسمة توصف بالوطن العربي في عالم يضم أكثر من 7000 مليون نسمة. هذه الوضعية تكشف أهمية هذه المنطقة بالنسبة للقوى الاستعمارية الجديدة القديمة، وهي لذلك تتبع كل الأساليب لضمان عدم إفلات المنطقة من نطاق هيمنتها". الولاياتالمتحدة وحلفاؤها أوجدوا كل أدوات التدخل عسكرية وتجسسية وسياسية وإعلامية لصناعة عهد استعماري تحت صورة يأملون أن تنطلي على الشعوب". تركز كل من واشنطن وباريس ولندن جزء هاما من قدراتها العسكرية سواء البحرية أو البرية أو الجوية في تلك المنطقة، وهذا الوجود لا يتناسب مع الحشود المشابهة في المناطق الأخرى من العالم حيث توجد قوى عسكرية واقتصادية منافسة ومهددة للهيمنة الأمريكية. الأسطول السادس يشكل الأسطول السادس رأس حربة الوجود العسكري الغربي في منطقة البحر المتوسط، ويشتمل هذا الأسطول على حاملة طائرات أو حاملتين، حسب التطورات السياسية أو العسكرية في المنطقة، وثلاث غواصات نووية إضافة إلى نحو 170 طائرة وعدد من الطرادات والمدمرات والفرقاطات الحاملة للصورايخ الموجهة التي يبلغ عددها حوالي عشرين. ويتمركز هذا الأسطول بشكل متوازن عادة في منطقتين شرق وغرب جزيرة صقلية، ويوجد مقر قيادته الرسمي بمدينة نابولي الإيطالية، وهو يتكون من حوالي 40 قطعة بحرية تشرف عليها قوة بشرية قوامها نحو 24 ألف عسكري. كما يضم الأسطول قطعا بحرية تقوم بعمليات التأمين والاستطلاع ومروحيات وطائرات للنقل الثقيل والنقل المتوسط وطائرات بدون طيار، ويقع مركز قيادته للعمليات في مدينة غاييتا جنوبي إيطاليا، وللأسطول إضافة إلى قاعدة نابولي الرئيسية، عدد من القواعد موزعة على مناطق عديدة بدول الحوض المتوسطي، ومن أبرزها ليفورنو وإسبيزيا بإيطاليا وحيفا بفلسطين المحتلة وسودا باليونان وسالونيك بقبرص وروتا بإسبانيا. خطط تدخل متكاملة وفي استراتيجيتها العسكرية تعتمد قيادة البنتاغون على قدرة قوات الأسطول على التحرك نحو أي منطقة في محيط البحر المتوسط أما للقيام بالقصف الجوي والصاروخي أو بعمليات الإنزال الجوية أو البرمائية، وانتشار وحدات عسكرية خلال فترة زمنية لا تتجاوز 24 ساعة. وتفيد مصادر رصد في غرب أوروبا أنه منذ بداية سنة 2011 كانت لدى قوات الأسطول السادس وفي نطاق استغلال واشنطن للأحداث في المنطقة، خطط كاملة ومفصلة للتدخل العسكري في أي من الدول الواقعة في منطقة الساحل الجنوبي والشرقي للمتوسط إنطلاقا من قناة السويس شرقا حتى مشارف جزر الخالدات على المحيط الأطلسي غربا. وتضيف تلك المصادر أن هذا الإعداد كان من السهل مشاهدته عندما تدخلت الولاياتالمتحدة وحلفائها في ليبيا حيث كانت كل الأهداف محددة ومرصودة سلفا وهو ما سهل المهمة العسكرية وقلص تكاليفها حتى أن الرئيس الأمريكي أوباما تفاخر بعد إتمام مهمة حلف الناتو في ليبيا بأن تكلفة ثمان أشهر من الحرب كانت أقل من تكلفة يوم من الحرب الأمريكية على العراق. إلى الشرق من البحر المتوسط والقاعدة الأمريكية الرئيسية في المنطقة أي إسرائيل، وقواعد تركيا، يتحمل الأسطول الخامس الأمريكي مسئولة القوات البحرية في الخليج العربي والبحر الأحمر وبحر العرب، وقبالة ساحل شرق أفريقيا جنوبا حتى كينيا. ومركز قيادة الأسطول موجودة في البحرين تكملها قاعدة العيديد الضخمة في قطر زيادة على تسهيلات في مناطق أخرى بالمنطقة. وتشترك في تحديد العمليات مع الأسطول الخامس الذي لديه ما بين حاملة طائرات واحدة إلى ثلاث حسب الأوضاع، قيادة القوات الملقبة "نافسنت" والقيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم". وقد تكفل الأسطول الخامس بالجزء الأكبر من العمليات العسكرية التي أسفرت عن احتلال بلاد الرافدين سنة 2003. التسابق على المركز قبل أن يمر نصف الشهر الأول من سنة 2012، سجلت حركة تحركات سياسية في المنطقة العربية لا يضاهيها في كثافتها سوى الحشد العسكري للثلاثي الأمريكي الفرنسي البريطاني. والمعروف أنه خلال سنة 2011 سجل مجلس الأمن الدولي أرقاما قياسية في المواضيع التي طرحت عليه في قضايا تتعلق بالمنطقة العربية وكلها جهود لوضع الأرضية لتدخلات عسكرية وسياسية وفرض حصار وعقوبات إقتصادية، وقد تم ذلك في وقت تجاهل فيه المجلس محاولات إنصاف قضية الشعب الفلسطيني ولو بشكل متواضع مثل عضويته كدولة في المنتظم الأممي. يوم الجمعة 13 يناير 2012 أجرى ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا محادثات في الرياض ذكر أنها تناولت الوضع الإقليمي والتوترات وخاصة في سوريا واليمن ولبنان ومصر والصومال والسودان وإيران. يوم السبت استقبل الأمير سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي، في مكتبه بالعاصمة السعودية الرياض، خوسيه مانويل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإسباني، والوفد المرافق له. في نفس اليوم بدأ رئيس مجلس الدولة رئيس مجلس الوزراء الصيني وين جياباو زيارة إلى السعودية هي الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء صيني منذ عقدين. وجاءت الزيارة في نطاق جولة قادته إلى قطر والإمارات المتحدة، ولم يقم أي مسئول صيني بزيارة الدولتين الأخريين من قبل. يوم السبت كذلك قام وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية بإجراء اتصالات في بغداد وبرفقته الجنرال جيمس ماتيس قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي. وكان بيرنز قد قام قبل ذلك بزيارة للقاهرة حيث اجتمع في مقر حزب الحرية والعدالة، التابع لجماعة الإخوان المسلمين بالدكتور محمد مرسى، رئيس الحزب، والدكتور عصام العريان، والدكتور رفيق حبيب، نائبي رئيس الحزب، والدكتور سعد الكتاني، الأمين العام. وهى الزيارة الخامسة التي يقوم بها مسؤولون أمريكيون لمقر حزب الإخوان خلال الأشهر الأربعة السابقة. وسجل أنه قبل وبعد الاجتماع تحدثت بعض الأوساط عن ضغوط أمريكية لتأليب قوى سياسية على المجلس العسكري الأعلى، ومنها تكرار وسائل إعلام أمريكية مقولة "أن حركة الإخوان ترشي العسكري وتتآمر معه على ثورة 25 يناير"، أو ان الإخوان يتلقون الأموال من السعودية وقطر، وأنهم جزء من الثورة المضادة في مصر. في توقيت لا يختلف سوى بساعات قليلة زار لبنان كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. الأول طالب بنزع سلاح المقاومة اللبنانية في حين لم ينف الثاني ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية يوم الجمعة 13 يناير، عن إن "أنقرة تنازلت عن دعواها" ضد جنود الكوماندوز الإسرائيلي الذين اعترضوا نهاية مايو عام 2010 سفينة "مرمرة" التركية التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة للتضامن مع أهله ضد الحصار الإسرائيلي، ما أدى إلى مقتل تسعة أتراك من ركاب السفينة. وكانت الصحيفة قد أضافت كذلك أن "التنازل" التركي تم من دون أن تقدم إسرائيل اعتذاراً أو أن تلتزم دفع تعويضات مالية لذوي القتلى، كما اشترطت أنقرة للمصالحة مع الدولة العبرية. محور أساسي تقول مصادر رصد أنه بإستثناء زيارة رئيس الوزراء الصيني كان هناك قاسم مشترك رئيسي بين كل هذه التحركات الغربية وغيرها التي لم يتسع المجال لذكرها هنا، القاسم كان تمرير البرنامج الأمريكي للفوضى الخلاقة عن طريق ركوب حركة التحول في سوريا ومناطق عربية أخرى. الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن وتحرك الأسطول الروسي نحو ميناء طرطوس السوري منع حتى الآن تكرار السيناريو الليبي على أرض الشام، غير أن لندن وباريس وواشنطن تتقاسم لعب الأدوار بمساعدة قطر للتأثير على الأحداث وتعامل دول المنطقة مع الأزمة ومدها إلى لبنان وذلك بإسلوب مشابه إلى حد كبير مع ذلك الذي اتبع في الماضي للتمهيد لضرب العراق. خلال زيارته للسعودية لم يخف رئيس وزراء بريطانيا أن الأولوية لبلاده هي سوريا حيث قال كاميرون إن لندن مستعدة كعضو دائم في مجلس الأمن لمساندة قرار جديد ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد اعتمادا على ما تفعله وما ستقوله جامعة الدول العربية، ولكنه أضاف قائلا: بصراحة لم نتمكن من إحراز تقدم لأن هناك دولا في مجلس الأمن استخدمت الفيتو أو هددت باستخدامه ضد أي قرار حازم تجاه سوريا، مشيرا بذلك إلى روسيا. يوم الجمعة 13 يناير وخلال زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن قلقه إزاء سلاح حزب الله، داعيا لبنان إلى إيجاد حل لنزعه. وأضاف "نشعر بقلق عميق حيال القوى العسكرية التابعة لحزب الله وعدم إحراز تقدم في مجال نزع السلاح". "هذه الأسلحة الموجودة خارج سلطة الدولة غير مقبولة"، وأضاف بان "ما من دولة يمكنها أن تعمل بنجاح من دون احتكار الاستخدام المشروع للقوة"، مضيفا إن "مسألة الأسلحة الخارجة عن سلطة الدولة تقع في صميم القرارين الدوليين 1701 و1559، ونتوقع التعامل معها"، ودعا "يونيفيل" إلى بناء الثقة مع الجيشين اللبناني والإسرائيلي. وينتقد بان كي مون بإستمرار احتفاظ حزب الله بسلاحه في تقاريره نصف السنوية حول تنفيذ قراري مجلس الأمن 1559 لسنة 2004 و1701 لسنة 2006 اللذين ينصان على نزع كل السلاح غير الشرعي. ويرفض حزب الله نزع سلاحه كما تعتبر الأغلبية الحكومية في لبنان سلاح الحزب شرعيا لأنه حرر جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي صيف سنة 2000 كما شكل رادعا للكيان الصهيوني لوقف الاعتداءات على لبنان. وتطالب تل أبيب ومعها واشنطن بنزع أسلحة المقاومة في لبنان سواء كانت لبنانية أو فلسطينية. وتتألف الاكثرية في الحكومة اللبنانية الحالية من حزب الله وحلفائه. وعن المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري والتي هي أيضا محور جدل في لبنان بين الأكثرية الحكومية والمعارضة، قال بان كي مون انه سيتم تمديد عمل المحكمة في نهاية فبراير 2012. وأضاف "المحكمة تنتهي ولايتها في 29 فبراير، وفق الاتفاق بين لبنان والمحكمة، يجب أن تمدد ولايتها بعد هذا التاريخ. وأضاف "نحن في خضم عملية تشاورية حول هذه المسالة. لا يمكنني أن أتكلم بالتفصيل عن هذا، سنتحدث فيه عندما يحين الوقت". وتتهم المحكمة أربعة عناصر من حزب الله بالتورط في عملية الاغتيال التي وقعت العام 2005. ويرفض حزب الله أي تعاون مع المحكمة، معتبرا أنها "أداة إسرائيلية أمريكية لاستهدافه مؤكدا أنه قدم لها دلائل على أن الاغتيال دبرته المخابرات الإسرائيلية بالتعاون مع نظيرتها الأمريكية ولكن المحكمة تجاهلت هذه الأدلة وهو ما يدل على توجهاتها". وأشار بان كي مون إلى انه بحث أيضا مع المسئولين اللبنانيين في "الوضع الحالي في سوريا وتداعياته المحتملة على لبنان". وأشار بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة اثر اجتماع ميقاتي مع الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن هذا الأخير دعا خلال الاجتماع إلى "ضبط الأمن على الحدود اللبنانية". وشدد ميقاتي من جهته، بحسب البيان، على "ان اولويات الحكومة اللبنانية العمل على تحقيق الاستقرار في لبنان وابعاده عن تأثيرات الأوضاع الخارجية عليه". وكان بان قد دعا في حديث إلى صحيفة "النهار" اللبنانية إلى موقف دولي موحد من الأزمة السورية. وقال "من المهم للمجتمع الدولي أن يتحدث بصوت واحد حيال هذه الأزمة. آمل في أن يكون ذلك ممكنا قريبا، وانتقد الحكومة السورية". وذكرت مصادر لبنانية أن الأمين العام الأممي جس نبض المسئولين في بيروت حول موقفهم من توسيع مهمة قوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل" وهي ثالث اكبر قوة لحفظ السلام في العالم في الجنوب، وذلك استجابة لمطالب إسرائيل التي تريد التخلص مما تعتبره تهديدا لأمنها على جبهتها الشمالية. في المقابل وردا على هذه المحاولة، عبر رئيس الجمهورية عن أمله في أن تؤدي "المراجعة الإستراتيجية" التي تقوم بها الأممالمتحدة لدور "اليونيفيل" إلى "اقتراحات من شأنها تسهيل تنفيذ القرار 1701" الذي تنتشر بموجبه في لبنان "من دون تعديل في عديد القوات الدولية او مهمتها". كما جدد ان القرار 1701 الذي وضع حدا لنزاع دام بين حزب الله والجيش الإسرائيلي ينص على وقف الخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية، في اشارة الى استمرار تحليق الطيران العسكري الإسرائيلي بشكل شبه يومي في الأجواء اللبنانية واحتلال إسرائيل لأراض لبنانية حدودية. الضمانة الوحيدة لأمن لبنان مباشرة بعد تصريحات بان كي مون التي أعلنت تل أبيب وواشنطن تأييدهما المطلق لها، أكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تمسكه بتعزيز قدرات حزبه وسلاحه. وأضاف نصرالله "نؤكد بيقين ليس بعده يقين تمسكنا بخيار المقاومة ونهج المقاومة وطريق المقاومة وسلاح المقاومة، لان هذا الخيار، هذا الطريق، هذا السلاح، هو الضمانة الوحيدة لأمن لبنان وحمايته وكرامته وسيادته". وذكر نصرالله، "انا بالأمس شعرت بالسعادة عندما استمعت الى الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون يقول انه قلق من القوى العسكرية الخاصة بحزب الله. هذا يطمئننا. اقول له قلقك يا حضرة الامين العام يطمئننا ويسعدنا". وتابع "لا يهمنا ان تقلق وأن تقلق امريكا من ورائك وأن تقلق اسرائيل معك. هذا لا يعنينا. همنا ان يطمئن شعبنا ونساؤنا واطفالنا وكبارنا وصغارنا ان في لبنان مقاومة لن تسمح بسبي جديد ولا باحتلال جديد ولا بانتهاك جديد للكرامة". وأكد نصرالله وسط تصفيق الالاف من مناصريه "اقول له ولكل العالم: هذه المقاومة الجهادية المسلحة باقية ومستمرة ومتصاعدة في قوتها وقدرتها وجهوزيتها". وقال نصرالله "ندعو المعارضة السورية في الداخل والخارج إلى الاستجابة لدعوات الحوار من قبل الرئيس الأسد والتعاون لاجراء الإصلاحات التي أعلن عنها والتي تنهض بسوريا وتعالج مشاكلها"، "كما ندعو إلى إعادة الهدوء والاستقرار وإلقاء السلاح ومعالجة الأمور بالحوار". وتوجه الى كل دول العالم التي تحذر من "حرب طائفية" في سوريا، قائلا "ان سلوككم السياسي والاعلامي والتحريضي والميداني هو الذي يدفع الامور نحو حرب طائفية". واضاف "اذا كنتم صادقين في تحذيركم وحرصكم على تجنيب سوريا ومنطقتنا حربا طائفية، عليكم ان تعيدوا النظر لتجتمع كل جهود الدول العربية ومعها دول اسلامية مؤثرة في المنطقة للمساعدة على انهاء الازمة السورية وليس على تسعير النار ودفع الامور الى الانفجار". يوم السبت 14 يناير حذر الكاتب والباحث السياسي اللبناني غالب قنديل في تصريح نشرته عدة مصادر إعلامية، من تحرك غربي اقليمي للضغط على المقاومة تحت عنوان نزع سلاح المقاومة والزج بلبنان في المخطط المعادي لسوريا، واصفا تركيا بانها الناطقة باسم التحالف الغربي الصهيوني العربي المعادي للمقاومة. واشار قنديل إلى ان زيارات المسئولين الغربيين والأمريكيين والأتراك إلى لبنان يأتي في إطار التحرك المنطلق لتصعيد الضغوط على لبنان والمقاومة بالتزامن مع المخطط المنطلق ضد سوريا خلال الأشهر الأخيرة. واعتبر ان هناك رهانات عند بعض اللبنانيين وبعض الأطراف الاخرى على امكانية الانتقال من جديد الى موجة من الضغط والتصعيد تحت عنوان نزع سلاح المقاومة، مشيرا الى ان البيان الوزاري اللبناني نص على ان سلاح المقاومة هو ركيزة اساسية في الاستراتيجية الدفاعية للبلاد. تعاون المخابرات مصادر رصد ألمانية على علاقة وثيقة بالساحة اللبنانية منذ زمن وساطاتها الناجحة لتبادل الأسرى مع إسرائيل، كشفت أن الموساد يجند عربا لتنفيذ هجمات وعمليات تخريب في كل من لبنان وسوريا واليمن ودول عربية أخرى لخلط الأوراق ومنع التسويات المحلية بعيدا عن التدخل الخارجي، وأضافت أن عمليات التجنيد هذه تتم بموازاة مع عمليات مشابه للمخابرات الأمريكية والفرنسية الناشطة جدا في منطقة الشام. نفس مصادر الرصد أشارت لتثبيت مقولتها إلى ما جاء يوم الجمعة 13 يناير 2012 في مقال لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن ان عناصر في جهاز الاستخبارات الاسرائيلي "موساد" جندوا ناشطين في تنظيمات سنية لتنفيذ هجمات، بعدما ادعوا أنهم عناصر من وكالة الإستخبارات المركزية "سي آي ايه". وقد أكد مسؤول في الاستخبارات الامريكية للمجلة وفي محاولة لإبعاد الشبهات عن إدارة البيت الأبيض أن "عمليات التجنيد التي قام بها الموساد كانت شبه مكشوفة مضيفا يبدو أنهم لم يكونوا مهتمين برأينا". المصادر الألمانية أضافت أن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية جندت كذلك كل بطريقته شيعة وسنة للعمل على تصفية العلماء والطيارين العراقيين بعد سنة 2003، وقد قام هؤلاء المجندون بإغتيالات لعلماء نووين في سوريا قبل وبعد هجوم الطيران الإسرائيلي على ما وصفته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، بنجاح جيش الدفاع الإسرائيلي في تدمير لمفاعل نووي سوري بعد قصف موقع دير الزور في 6 سبتمبر 2007 والذي تقول الروايات الأمريكية أن دمشق بنته بمساعدة كوريا الشمالية. "الإستعمار الجديد" خلال شهر أبريل 2011 كتب بول كريغ روبرتس الذي كان رئيسا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إحدى أهم الصحف الأمريكية، ومساعدا لوزير الخزانة الأمريكي مقالاً في نشرة "كاونتربنتش" على الانترنت تحت عنوان "الاستعمار الجديد" بدأه بالقول: لا أحد بين المرموقين من محللي شؤون الشرق الأوسط يأخذ على محمل الجد ادعاء الدول الغربية بأن الغرض من تدخلها العسكري في ليبيا هو حماية المدنيين الليبيين من بطش نظام العقيد معمر القذافي بالرغم من ان هؤلاء يجمعون على ان من الأفضل لليبيين وليبيا انتهاء النظام الذي يتربع القذافي على قمته منذ أكثر من نحو 42 عاما. "ان ما نشهده في ليبيا هو الولادة الجديدة للحركة الاستعمارية، لكنها هذه المرة لا تتمثل في حكومات اوروبية فردية تتنافس على الامبراطوريات والموارد. ان الحركة الاستعمارية الجديدة تعمل تحت غطاء "المجتمع الدولي"، ما يعني حلف شمال الأطلسي "ناتو" وتلك الدول التي تتعاون معه. وكان "ناتو" في وقت من الأوقات تحالفا دفاعيا ضد غزو سوفييتي محتمل لأوروبا الغربية. واليوم يقدم "ناتو" قوات عسكرية نيابة عن الهيمنة الأمريكية. تسعى واشنطن إلى الهيمنة العالمية تحت ستاري "التدخل لدواع انسانية" و"جلب الحرية والديمقراطية إلى الشعوب المضطهدة". وعلى أساس انتهازي، تستهدف واشنطن بلدانا للتدخل ليست من "شركائها الدوليين". البحث عن ثغرة لتبرير التدخل الخارجي نشر مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكي "ستراتفور" مع نهاية سنة 2011 تقريرا قدم فيه تقييمه لاحتمال إقدام الدول الغربية أو بعض الدول في الشرق الأوسط على التدخل العسكري المباشر في سوريا. وذكر ستيوارت أحد محرري التقرير انه وفقا للتقييم الحالي للمركز، فان الحكومة والمعارضة في سوريا وصلتا إلى طريق مسدود، عندما لا تقدر الحكومة على تهدئة الاضطرابات ولا تقدر المعارضة على إسقاط النظام دون تدخل خارجي. وأعاد ستيوارت الى الأذهان تقريرا سابقا للمركز جاء فيه ان الولاياتالمتحدة وبعض حلفائها وإسرائيل يشنون ما يعرف ب"الحرب الاستخباراتية الخفية". وتجدر الإشارة إلى أن معظم خبراء مركز "ستراتفور" التي تطلق عليها الصحافة الأمريكية إسم "وكالة المخابرات المركزية في الظل"، ضباط وموظفون سابقون في الاستخبارات الأمريكية. التحركات التي تستهدف ركوب قطار التحولات في المنطقة العربية لتحويلها إلى فوضى خلاقة حسب تعبير المحافظين الجدد، والهادفة إلى تقسيم المنطقة إلى ما بين 54 و 56 دويلة متنازعة تجد أنصارا محليين. يوم السبت 14 يناير دعا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لارسال قوات عربية الى سوريا، وجاءت الدعوة بعد فشل واشنطن في تدويل الأزمة أو تدخل الأممالمتحدة. وصرح لقناة "سي بي اس" الأمريكية حول نفوذ قناة الجزيرة القطرية على التطورات التي تهز العالم العربي منذ عام، ان هذا الأمر طرح له "مشاكل كثيرة" مع قادة الدول العربية. وتبدي قطر موقفا متشددا حيال نظام السوري، وتعارض إعطاء فرص لدمشق للوفاء بتعهداتها للجامعة العربية. كما طالبت عدة مرات بسحب المراقبين العرب وتحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن. وكان رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني قد قال في معرض تعليقه على عمل البعثة العربية المكلفة بمراقبة الأزمة على الأرض في سوريا "لن نعطي مزيدا من المهل، أول تقرير يأتي إلينا ولم يحدث موقف سيكون لدينا موقف". وكان المراقبون قد بدأوا مهمتهم في 26 ديسمبر 2011 في دمشق. وجاء اقتراح أمير قطر بعد أن بحث نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس وزراء قطر في واشنطن يوم الاربعاء 11 يناير الوضع في سوريا، كما اعلن البيت الابيض. وقالت الرئاسة الامريكية في بيان ان الاجتماع بين بايدن والشيخ حمد حضره ايضا مستشار الرئيس باراك اوباما لشؤون الأمن القومي توم دونيلون. وأن بايدن والشيخ حمد "نددا خصوصا بأعمال العنف التي يرتكبها نظام دمشق". وكان الرئيس الأسد قد اتهم يوم الثلاثاء 10 يناير دولا اجنبية ب "التآمر" على سوريا، وهو ما ردت عليه وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الاربعاء واصفة اياه بالخطاب المستهجن. وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الشيخ حمد الذي يشغل ايضا منصب وزير خارجية قطر انه "بدلا من الإقرار بمسؤوليته، فان ما سمعناه من الرئيس الأسد، هو خطاب مستهجن يشير بأصابع الاتهام إلى مؤامرة كبيرة يضم اليها الآن المعارضة والمجموعة الدولية ووسائل الإعلام الدولية والجامعة العربية". ويشير ملاحظون أن هناك ضغوطا كبيرة على الجامعة العربية لإنهاء عمل بعثتها أو إصدار مذكرة ترضي الأطراف المتورطة في تصعيد حدة الأزمة السورية. وكان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه قد صرح يوم الجمعة 6 يناير وهو في تونس ان بعثة مراقبي الجامعة العربية "ليست قادرة على اداء عملها بشكل صحيح". بينما حذر في لشبونة من ان على المراقبين العرب "الا يسمحوا بالتلاعب بهم" من قبل النظام السوري". في مواجهة هذا التصعيد اشادت وزارة الخارجية الروسية يوم الثلاثاء 10 يناير 2012 بعمل بعثة مراقبي الجامعة العربية وقالت "ان نشر المراقبين العرب في هذا البلد شكل عامل استقرار وساهم في الحصول على صورة واقعية وموضوعية لما يحصل في سوريا". وذكرت الخارجية الروسية "اننا مقتنعون بان على الجامعة العربية ان تضطلع بدور أساسي في ترسيخ الجهود الدولية والاقليمية لتجاوز سلميا الأزمة الداخلية في سوريا ووقف أعمال العنف دون تأخر". موسكو وقطع الطريق على "الناتو" موسكو في نطاق جهودها لقطع الطريق على التدخل العسكري "للناتو" لم تكتف بإستخدام "الفيتو" في مجلس الأمن، فأرسلت إلى ميناء طرطوس السوري مجموعة من سفنها التابعة للأسطول الشمالي الروسي تتألف من حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف" وسفينة أسطول الشمال "الاميرال تشابانينكو" المضادة للغواصات، وسفينة خفر السواحل "لادني" وناقلة الوقود "لينا". وزيادة على ذلك زود الجيش الروسي القوات السورية بأجهزة تشويش على طائرات الاستطلاع والهجوم الأمريكية بدون طيار، كما واصلت موسكو مد الجيش السوري بكميات هامة من الأسلحة التي تسمح بدفاع أفضل في مواجهة تدخل خارجي. وقد أعلن مصدر روسي عسكري دبلوماسي لوكالة انباء "انترفاكس" يوم الخميس الأول من ديسمبر 2011، ان روسيا سلمت سوريا منظومة متحركة للدفاع عن السواحل تتضمن صواريخ عابرة مضادة للسفن. واضاف المصدر ان "الصواريخ المضادة للسفن التي تخرق بسرعتها جدار الصوت من نوع ياخونت سلمت الى سوريا في اطار منظومة باستيون المتحركة للدفاع عن السواحل". من جانبه صرح الاميرال فيكتور كرافتشينكو الرئيس السابق لهيئة الاركان البحرية الروسية، ان وجود أي قوة عسكرية في المنطقة باستثناء تلك التابعة لحلف "الناتو" امر مفيد جدا، لانها تمنع حدوث نزاع مسلح. واشار الاميرال إلى أنه تشكلت إبان العهد السوفيتي مجموعة السفن العملياتية الخامسة في البحر الابيض المتوسط التابعة للقوات البحرية السوفيتية لردع الاساطيل البحرية الغربية، وحينها تأسست قاعدة طرطوس لضمان اصلاح وصيانة السفن السوفيتية وتزويدها بالمياه العذبة والمؤن. وترابط بالقرب من السواحل السورية منذ نهاية نوفمبر 2011 مجموعة سفن تابعة للاسطول الحربي الامريكي ومن ضمنها حاملة الطائرات النووية "جورج بوش" وطرادان صاروخيان ومدمرتان صاروخيتان. وفي أطار الردع نفسه أعلن الخبير البحري الروسي ميخائيل فويتنكو يوم السبت 14 يناير ان سفينة روسية تنقل "شحنة خطيرة" وصلت الى مرفأ طرطوس السوري "في 11 او 12 يناير موضحا انه توصل الى هذه الخلاصة مستندا الى معطيات نظام التحديد التلقائي لهوية السفن "ايه آي اس". وتابع فيوتنكو ان "السفينة وبعد مغادرتها ليماسول في قبرص اتجهت نحو طرطوس. وبعد ان عبرت ثلثي مسافة الطريق، قام الطاقم بوقف عمل جهاز تحديد هوية السفن. وأعلن مصدر في الشركة التي تشغل السفينة، وهي وستبرغ ليمتد، ان السفينة التي ترفع علم سان فنسان وغرينادين تنقل شحنة "مصنفة على انها خطيرة". واكدت روسيا، مرارا في الأشهر الأخيرة أنها تنوي مواصلة تسليم الاسلحة إلى سوريا على رغم دعوات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى الوقوف مع ما سمته "الجانب المضيء من التاريخ".