في إطار تخليق الحياة السياسية على مستوى العمليات الانتخابية، عملت الدولة على المساهمة في تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية بهدف تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين. و لتجسيد هذا التوجه نص مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية في مادته 34 على مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة الجماعية و الجهوية والتشريعية. ويحدد المبلغ الكلي لهذه المساهمة بقرار يصدره رئيس الحكومة باقترح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والعدل و المالية بمناسبة كل انتخابات عامة جماعية أو جهوية أو تشريعية . ويراعى في توزيع مبلغ المساهمة عدد الأصوات و المقاعد التي يحصل عليها كل حزب على الصعيد الوطني. كما يحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية و العدل والمالية كيفيات توزيع مبلغ المساهمة و طريقة صرفه. ولضمان حماية المال العام المقدم للأحزاب السياسية لتمويل حملاتها الانتخابية ، نصت المادة 43 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية على أن هذه الأخيرة ملزمة بأن تثبت أن المبالغ التي حصلت عليها قد تم استعمالها في الغايات التي منحت من أجلها و قد تم استعمالها في الآجال ووفق الشكليات المطلوبة، حيث يتولى المجلس الأعلى للحسابات فحص مستندات الإثبات المتعلقة بصرف المبالغ التي تسلمها كل حزب معني برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاته الانتخابية. فإذا تبين للمجلس بأن المستندات المدلى بها لا تبرر جزئيا أو كليا، استعمال المبلغ المذكور طبقا للغايات التي منح من أجلها أو إذا لم يدل بالمستندات و الوثائق المثبتة المطلوبة يوجه الرئيس الأول للمجلس إلى المسؤول الوطني عن الحزب إنذارا من أجل إرجاع المبلغ المذكور إلى الخزينة أو تسوية وضعية الحزب خلال أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإنذار. وإذا لم يقم الحزب المعني بالاستجابة لإنذار الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات داخل الأجل المحدد قانونا، يفقد الحزب حقه في الاستفادة من الدعم السنوي إلى حين تسوية وضعيته تجاه الخزينة، دون الإخلال باتخاذ التدابير والمتابعات المقررة في القوانين الجاري بها العمل المتعلقة باختلاس المال العام . و في هذا السياق أيضا ، نصت المادة 93 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب على وجوب التزام المترشحين للانتخابات التشريعية بسقف المصاريف الانتخابية التي حددها المرسوم رقم 2.11.607 الصادر في 19 أكتوبر 2011 في 350.000 درهم لكل مترشح أو مترشحة. وبمقتضى المادة 94، فإن وكيل اللائحة أو المترشح ملزم بأن يضع بيانا مفصلا لمصادر تمويل حملته الانتخابية و جردا للمبالغ التي صرفها أثناء حملته الانتخابية، مع إرفاق هذا الجرد بجميع الوثائق التي تثبت صرف المبلغ المذكور. وبموجب المادة 95 ، يجب على وكلاء لوائح الترشيح أو المترشحين أن يودعوا داخل أجل شهر واحد من تاريخ الإعلان عن نتائج الاقتراع لدى المجلس الأعلى للحسابات جردا بالمصاريف الانتخابية الخاصة بترشيحاتهم مرفقا بالوثائق المطلوبة . وبمقتضى المادة 96 ، يتولى المجلس الأعلى للحسابات بحث جرد مصاريف المترشحين للانتخابات التشريعية الخاصة بحملاتهم الانتخابية و الوثائق المثبتة لها، و يضمن نتيجة بحثه في تقرير يشار فيه إلى أسماء المترشحين الذين لم يودعوا جرد المصاريف الخاصة بحملاتهم الانتخابية أو لم يبينوا مصادر تمويل هذه الحملات أو لم يرفقوا الجرد المذكور بوثائق الإثبات المطلوبة أو تجازوا السقف المحدد للمصاريف الانتخابية أو لم يبرروا المصاريف المذكورة . وفي حالة عدم احترام هذه المقتضيات، يقوم الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بإعذار كل نائب معني قصد الإدلاء بالوثائق المطلوبة داخل أجل تسعين يوما ابتداء من تاريخ الإعذار ، تحت طائلة التجريد من العضوية في مجلس النواب كما تنص على ذلك مقتضيات المادة 12 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب . فإلى أي مدى يستجيب هذا الإجراء القانوني لمتطلبات تخليق الحملات الانتخابية وعدم استعمال المال في التأثير على الناخبين بعدما أبانت الممارسة عن عدم جدوى هذا التدبير ليظل مجرد إجراء شكلي و ما يقتضي ذلك من ضرورة إعادة النظر في المقتضيات القانونية الحالية و البحث عن آليات تشريعية جديدة لمحاربة استعمال المال في إفساد الانتخابات حتى لا تظل هذه الظاهرة نقطة سوداء في المسلسل الانتخابي و وصمة مسيئة للمسار الديمقراطي والبلاد مقبلة على استحقاقات إنتخابية تتعلق بالجماعات الترابية و مجلس المستشارين في أفق إستكمال المسلسل الانتخابي الذي فرضته متطلبات تفعيل الدستور الجديد؟