بدأت ملامح مؤشرات بعض التغييرات في معالم الأوضاع في المغرب العربي تتضح، فالجزائر التي تحفظت في الاعتراف بالوضع الجديد في نواكشوط عقب الانقلاب الأخير الذي كان قد أطاح بحلفائها هناك وجاء بمن اعتبرتهم حلفاء للرباط، ودخلت العلاقات بين البلدين في ضوء ذلك إلى غرفة الإنعاش المركز، يبدو أنها تجاهد من أجل إعادة الحياة لهذه العلاقات لكن هذه المرة أيضا من خلال توظيف ما يمكن أن نصفه بالفتور الذي دخلت فيه العلاقات بين موريطانيا والمغرب عقب فوز المغرب بعضوية مجلس الأمن وفشل نواكشوط في ذلك رغم أنها كانت تحظى بدعم الاتحاد الافريقي. ملامح هذا التوظيف تكمن في قيام الرئيس الموريطاني بزيارة عمل إلى الجزائر لمدة أربعة أيام بدعوة من الرئيس بوتفليقة. ثمة معطى آخر يعطي لهذا التقارب تفسيرا يساعد على فهم مايجري، إنه تقارب بين نظامين لم يتفاعلا إيجابيا مع الحراك الشعبي القوي الذي تعرفه منطقة المغرب العربي، فتونس وليبيا أطاحا بنظامين استبداديين والمغرب مضى بعيدا في إنجاز ثورته الهادئة، بيد أنه أعلن في الجزائر مثلا عن ترشيح بوتفليقة لولاية رئاسية أخرى، وفي نواكشوط يظل النقاش ساخنا. المهم بالنسبة إلينا، يجب أن ننتبه إلى ما تبذله الجزائر في محاولة لتطويق المغرب، وديبلوماسيتنا مطالبة باتخاذ ردود الفعل اللازمة، لانطالب بردود فعل انفعالية، ولكن نلح في المطالبة بأن ننتبه جيدا إلى مايحدث.