دعا جلالة الملك محمد السادس إلى إحداث أكاديمية إسلامية للبيئة والتنمية المستديمة، لإغناء البحوث وتبادل التجارب، وتعزيز القدرات من خلال برامج التكوين. وقال جلالة الملك، في رسالة سامية وجهها إلى المشاركين في المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء البيئة ، الذي افتتحت أشغاله أمس الأربعاء بالرباط، إن الإنسانية اليوم تواجه مشاكل بيئية متشعبة وحادة، ساهمت في تدهور الأنظمة البيئية واختلال توازنها، مما أثر سلبا على ظروف حياة الإنسان وإطار عيشه، مؤكدا أن التصدي لهذه المشاكل يظل مسؤولية جماعية يتحملها الأفراد كما تتحملها الجماعات. وأضاف جلالة الملك أنه إذا كانت الدول الإسلامية قد انخرطت بكل مصداقية في الجهود التي تبذلها المجموعة الدولية من أجل تحقيق أهداف تنمية دائمة، فإنه لازالت هناك عدة تحديات تواجهها, نتيجة الضغط المستمر على الموارد الطبيعية واستنزافها، وتفاقم الظواهر الطبيعية القصوى من جفاف وفيضانات وأعاصير وكوارث طبيعية متعددة. وأوضح أن ظاهرة التغيرات المناخية «تساهم بمؤثراتها الخطيرة في تهديد مستقبل دولنا وأمنها الغذائي، مما يحتم علينا، من منطلق التضامن الإسلامي، أن نعمل على مواجهة آثارها الوخيمة على مجتمعاتنا واقتصاديات بلداننا, وأن نعمل كذلك على توحيد مواقفنا على المستوى الدولي، والانخراط في الجهود المبذولة عالميا للتغلب على ظاهرة الاحتباس الحراري». وذكر جلالة الملك بأن الدورة الثانية للمؤتمر الإسلامي لوزراء البيئة تميزت بوضع تصور لاستراتيجية تنموية إسلامية، مشيرا إلى أن الدورة الثالثة ستكون فرصة لمناقشة الإطار العام لهذه الاستراتيجية وآليات تنفيذها. وفي هذا الصدد، اعتبر جلالته أن التحقيق الفعلي لبرنامج العمل الإسلامي يمر عبر توفير الظروف الملائمة التي منها, على الخصوص، إيجاد آليات مالية لتنفيذ البرامج والأنشطة، من خلال تفعيل مقترح إحداث صندوق إسلامي للتنمية المستدامة، وخلق شراكات مع هيئات التمويل الإقليمية والدولية، موضحا جلالته أن ذلك يقتضي وضع برامج محددة تشكل قاسما مشتركا للمنظومة الإسلامية ككل، خصوصا في مجالات تعزيز القدرات ونقل التكنولوجيا النظيفة بيئيا، وتعزيز التشريعات البيئية وتعميم التربية والتكوين. كما يمر التحقيق الفعلي لهذا البرنامج، يضيف جلالة الملك، عبر الانفتاح العملي على القطاع الخاص في العالم الإسلامي وتحفيزه للمساهمة في تحقيق أهداف هذا البرنامج وحثه على الاستثمار في مجالات التنمية واعتماد آليات الإنتاج النظيف, وتعزيز دور المجتمع المدني في الأقطار الإسلامية للمساهمة في تنفيذ برامج هذه التنمية مع الانفتاح على المنظمات غير الحكومية الدولية، والاستفادة مما تقدمه من دعم في تعزيز مشاركة السكان في البرامج التنموية المحلية, مبرزا جلالته ما تقوم به في هذا الشأن مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة على صعيد المملكة, وفي إطار شراكاتها الجهوية والدولية. وحث جلالته, في السياق ذاته، على إعطاء حيز كبير لإدماج مفاهيم التنمية المستديمة في الأنظمة التربوية في الدول الإسلامية, مؤكدا أن مشروع إحداث المركز الإسلامي للمعلومات البيئية يعتبر مبادرة إيجابية لتوفير آلية تقنية ومعلوماتية لرصد التحولات البيئية بالأقطار الإسلامية وتقييمها، وتوجيه البرنامج الإسلامي للتنمية في تحديد أولوياته، وكذا مساعدة صناع القرار في الدول الإسلامية على برمجة مشاريعهم البيئية. وفي ما يتعلق بإشكالية المياه، التي تظل إحدى القضايا الرئيسية للعمل الإسلامي البيئي، أشار جلالة الملك إلى أن المغرب قد وعى منذ عقود أهمية نهج سياسة محكمة في هذا المجال، من خلال التدبير المندمج لهذا المورد الحيوي، زيادة على ترشيد استهلاكه، وكذا إعادة استغلال المياه العادمة بعد معالجتها في مجالات الري. وفي هذا الصدد، نوه جلالته بالتعاون الوثيق بين الإيسيسكو ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة, تحت رئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، وما يهدف إليه من ترسيخ مبادئ المحافظة على البيئة وقيمها, من خلال تنفيذ خطط طموحة للتربية والتواصل في مختلف المجالات البيئية.