ليس هذا سؤالا مفتوحا ومعمما على جميع المغاربة، لكنه بكل تأكيد يمس جانبا هاما من السلوك السياسي للمغاربة، فضعف المشاركة السياسية للمغاربة يبرز على مستويات مختلفة ، ليست بالضرورة عمليات التصويت في الانتخابات، حيث يمكن رصد هذا العزوف بتتبع حضور الناس للأنشطة السياسية، خاصة الندوات الفكرية التي غالبا ما تقام في قاعات شبه فارغة مع إستثناءات لا تلغي القاعدة. التصويت هو ممارسة لحق من حقوق المواطنة، وهو من الحقوق التي ناضلت عليها شعوب كثيرة لتحقيقه وقدمت في سبيل ذلك قوافل من القتلى وسيولا من الدماء والدموع، المغاربة أنفسهم لم يحققوا حق التصويت بلا ثمن، لكن ليس بنفس وضعية بلدان أخرى، فالمغاربة عرفوا التصويت منذ السنوات الأولىللاستقلال، صحيح أنه تم التلاعب بإرادتهم طيلة سنوات، لكن التصويت كحق وكممارسة كان مسألة بديهية، فما الذي حصل لكي يتخل المغاربة عن حق يعض عليه الآخرون بالنواجد ؟وكيف يمكن فهم آماني المغاربة بوطن ديمقراطي عصري متقدم، وفي نفس الوقت لت يتوجهون لصناديق ابإقتراع لاستعمال صوتهم كسلطة قوية في بناء هذا المشروع الوطني الكبير؟ منتصف هذا الأسبوع جرت الانتخابات الرئاسية في ليبيريا، وشاهد العالم كيف أن هذا البلد الإفريقي المتواضع، خرج فيه الناخبون في ظروف جوية سيئة ليأخذوا مكانهم في طوابير الانتظار من أجل الإدلاء بأصواتهم، ورغم أن الطوابير كانت طويلة فالإنتظار والإصرار كان هو الجواب، أما نحن فإن عددا كبيرا من المواطنين ومع الأسف بمستويات تعليم عالية ينظرون إلى التصويت والتسجيل في اللوائح الإنتخابية والعمل الحزبي والسياسي، وكأنها مجتمعة تمثل إما إمتيازا لفئات معينة وإما أنها فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين... بعض الأحزاب السياسية كانت تعتبر أن نسبة المقاطعين للإنتخابات يقومون بذلك استجابة لندائاتها بالمقاطعة،وعندما شاركت هي في الإنتخابات، تجرعت مرارة مقاطعة الناس العفوية للإنتخابات، لماذا لأن إرتفاع الإمتناع عن التصويت وتفضيل الناس الجلوس في بيوتهم أو قضاء مصالحهم الخاصة ، يسهل الأمر على مفسدي الإنتخابات ويسهل أمر التحكم في الخريطة الانتخابية عند المكلفين بهذه المهمة، والنتيجة هي إستمرار نفس الوجوه تقريبا وتسجيل بطء كبير في التحول السياسي والتنموي مع استمرا شكاوى نفس الناس غير المشاركين في الانتخابات من مؤسسات تخلوا طواعية عن المساهمة في رسم تركيبتها... المغرب اليوم بحاجة لكل أبنائه، وبحماسهم الكبير وبمشاركة كبيرة تطلق لغة الشكوى والعجز وتعمل بلغة إرادية إيجابية تتجه نحو المستقبل، لحماية المغرب وحماية حقه في التطور والتنمية.