الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال16    نتانياهو سيخضع لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا جراء عدوى أصابته في المسالك البولية    داخل جمعية!!.. محاولة فتاتين وضع حد لحياتهما بمادة سامة تستنفر السلطات بطنجة    الماص يقلب الطاولة على الوداد في البطولة الاحترافية    منتخب الكراطي يحصد 20 ميدالية في البطولة العربية    النيابة العامة تحيل سائقي "الطاكسيات" المعتقلين في الرباط على قاضي التحقيق    بوتين يعتذر عن حادثة تحطم الطائرة الأذرية دون تحميل روسيا المسؤولية    إحداث 7912 مقاولة في جهة الرباط    بعد لقاء الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني.. الرباط ونواكشوط يتجهان لإحياء اللجنة العليا المشتركة بينهما    ارتفاع مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    وحدة خفر السواحل تواجه عطبا مفاجئا وتعلق بين الصخور    زياش يشترط على غلطة سراي مستحقاته كاملة لفسخ العقد    الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان تؤدي مهمتها على أكمل وجه    حيار: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة لا تتعدى حدود الشريعة الإسلامية    بحضور أزولاي.. لقاء ثقافي بالصويرة يبرز أهمية المكان في تشكيل الهوية    خنيفرة تحتضن المهرجان الدولي للقصة القصيرة    كلميم..توقيف 394 مرشحا للهجرة غير النظامية    وفاة ملاكم بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية    القضاء يدين محمد أوزال ب3 سنوات ونصف حبسا نافذا    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن أفضل 5 هدافين في الدوريات العالمية الكبرى    عملية أمنية تنتهي بإتلاف كمية مخدرات بوزان    المغرب داخل الاتحاد الإفريقي... عمل متواصل لصالح السلم والأمن والتنمية في القارة    حملة مراقبة تضيق الخناق على لحوم الدواجن الفاسدة في الدار البيضاء    قوات إسرائيلية تقتحم مستشفى بشمال غزة وفقدان الاتصال مع الطاقم الطبي    غزة تحصي 48 قتيلا في 24 ساعة    الاحتفاء بالراحل العلامة محمد الفاسي في يوم اللغة العربية: إرث لغوي يتجدد    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    اليابان.. زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شمال شرق البلاد    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع مراجعة مدونة الأسرة    حصيلة الرياضة المغربية سنة 2024: ترسيخ لمكانة المملكة على الساحتين القارية والدولية    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    مطالب بإنقاذ مغاربة موزمبيق بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع السيد محند ميموني نائب رئيس جمعية سكان جبال العالم- فرع المغرب
نشر في بوابة قصر السوق يوم 22 - 06 - 2011

حوار مع السيد محند ميموني نائب رئيس جمعية سكان جبال العالم- فرع المغرب.
-أولا نرحب بكم في هذا اللقاء,ونشكركم على تفضلكم بقبول إجراء هذا الحوار معنا.بداية نود أن نقربكم من القراء,فمن هو محند ميموني؟
بدوري أشكرك الأخ مصطفى على هذه الدعوة الأولى من نوعها,فيما يخص محند ميموني فهو من مواليد قصر ألنيف سنة 1966,تلقيت تعليمي الابتدائي بمدرسة صاغرو بألنيف,بعدها انتقلت إلى الريصاني أين تابعت دراستي الإعدادية,وبعد ذلك إلى أرفود لمتابعة المرحلة الثانوية من دراستي,وبعد حصولي على البكالوريا توجهت إلى مكناس لاستكمال دراستي الجامعية في كلية العلوم,حيث حصلت منها على الإجازة في علوم الفيزياء سنة 1993,بعد هذه المرحلة لم أتوقف عن الدراسة,فتوجهت للمدرسة الوطنية للإعلاميات وتحليل النظم,حصلت منها على دبلوم محلل في الإعلاميات,كما حصلت على الماستر في التصميم والبحث والتحليل في هندسة التكنولوجيا بالمنظومة التربوية من جامعة سيرجي بونطواز,حاليا أشتغل بالأكاديمية الجهوية للتعليم مكناس- تافيلالت,كمنسق جهوي لبرنامج (GENIE),الذي يهدف إلى إدماج تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات وتجديد المنظومة التربوية.
هذا فيما يتعلق بمساري العلمي والمهني,أما من ناحية العمل الجمعوي,فأنا عضو في عدة جمعيات من بينها جمعية أسيد الثقافية التي سبق لي أن كنت رئيسا لها,كما أني عضو بجمعية ألنيف المنطقة,ونائب رئيس جمعية سكان جبال العالم فرع المغرب.
-هل لك أن تعرفنا بجمعية سكان جبال العالم؟
جمعية سكان جبال العالم هي مؤسسة غير حكومية,تأسست بباريس في 10 أبريل 2001 بمبادرة من مجموعة من المناضلين والباحثين المنحدرين من الجبال,تتوفر هذه الجمعية على مجموعة من الفروع بعدة دول في إفريقيا وأوربا وأسيا وأمريكا,حيث يبلغ عدد الدول التي تنشط بها هذه الجمعية أكثر من 124 دولة.
فيما يخص فرع المغرب فهو ينقسم إلى أربعة فروع هي؛ فرع جبال الريف, فرع جبال الأطلس المتوسط, فرع جبال الأطلس الكبير, فرع جبال الأطلس الصغير, و للتوضيح-فقط- فهذا التقسيم كان بهدف تسهيل التواصل والتعاون بين سكان هذه الجبال.
- ما هي أهم الأهداف التي تعملون في جمعيتكم من أجل تحقيقها؟
تنمية الجبل على مختلف المستويات هو الهدف العام والأساسي الذي من أجله أنشئت هذه الجمعية,ويدخل ضمن هذا الهدف الدفاع عن مصالح و حقوق ساكنة الجبل,والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه الشريحة من السكان,علاوة على ذلك فنحن نعمل على دعم مجهودات الجماعات الجبلية القروية والحضرية فيما يتعلق بتدبير المجال وتنميته, كما نساهم في إنعاش الأدوار الاقتصادية والثقافية والاجتماعية للجبل وتقوية هذه الأدوار التي يمكن للجبل أن يلعبها والتعريف بأهميتها (دور الجبل في المحافظة على البيئة,الغابات,السياحة الجبلية,توفير مجموعة من المواد الأولية...),فضلا عن كل هذا فالجمعية تعمل على تشجيع أنشطة التعاون والتضامن بين ساكنة الجبل في مختلف مناطق المغرب,ومساعدة الجماعات الجبلية على تحقيق و تنفيذ التعاون الوطني ودفعهم إلى الاعتراف بهويتهم الأمازيغية والاعتزاز بها.
- وأنتم تسعون إلى تحقيق الأهداف التي سبق وأن تحدثتم عنها,فمن الطبيعي إذن أن تصادفوا بعض المشاكل في طريقكم, فما هي أهم هذه المشاكل؟
المشاكل التي نصادفها تختلف من منطقة لأخرى,فمثلا نلاحظ بأن هناك ليونة ويسر في التعامل مع فرع الأطلس المتوسط,فيما يتعلق بمنح التراخيص والدعم المادي و اللوجيستكي,على عكس ما يحصل معنا في المنطقة التي أمثلها,أي فرع الأطلس الصغير,وكمثال على ذلك,فقد قمنا بجمع تأسيسي أول سنة 2010,وقمنا حينها بجميع الإجراءات القانونية اللازمة لتأسيس المكتب الجهوي للجمعية,وكان ذلك في بلدة تبسباست قرب تنغير,إلا أن الملف قوبل بالرفض من طرف السلطات المعنية,مما دفعنا إلى تنظيم جمع آخر هذه السنة,تفاديا للدخول في صراع مع السلطات التي لا زلنا ننتظر جوابها,والتي نعتبرها شريكا أساسيا لتحقيق الأهداف التي سطرنها,ولابد من الإشارة هنا إلى نقطة مهمة هي أن رفض السلطات منحنا ترخيص إنشاء المكتب الجهوي بدون سبب يذكر,من شأنه عرقلة الأهداف التي نصبو إلى تحقيقها,والتي من بينها التقريب بين الجمعيات التنموية في المنطقة وتشجيع التعاون فيما بينها,وحتى لا أنسى كذلك نقطة أخرى,فإن رفض السلطات منحنا ترخيص المكتب الجهوي,اضطرنا إلى عقد لقاء بتنغير باسم المكتب الوطني وليس الجهوي الذي لم ير النور بعد.
مشكل آخر لا يقل أهمية عن سابقه وهو مشكل غياب الإعلام الوطني,وكأن لاشيء مما نقوم به يهم المعنيين بالإعلام رغم أهميته الكبيرة,ولا يخفى عليكم الدور الهام الذي يمكن للإعلام أن يلعبه في تحقيق التنمية,وهنا نسجل مثلا أنه لم يسبق لقناة أو إذاعة وطنية أن قامت بتغطية الأنشطة التي نقوم بها في مجموعة من المناطق,حيث نعتبر أن هذا هو دورها الرئيسي,أي تغطية مثل هذه الأنشطة,في حين تقبل على تغطية أنشطة أقل أهمية أو لنقل لا أهمية لها.هذا التهميش الإعلامي لا يمكن فصله و عزله عن التهميش العام الذي تعاني منه ساكنة الجبل على مختلف المستويات,وفي هذا تناقض مع إستراتيجية الدولة وسياستها التي ترفع شعار تنمية الجبل والمناطق النائية بصفة عامة,أما المشكل الآخر الذي نصادفه فيتمثل في كون المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تتعامل بانتقائية أو لنقل بنوع من الزبونية مع الجمعيات,بحيث لا تنفتح على جميع الجمعيات,وكمثال على ذلك فهي تعرض مشاريعها على بعضها وتستثني أخرى.
- لطالما عرفتم بنضالكم من أجل الأمازيغية,والحقوق الأخرى التي تناضل من أجلها الحركة الأمازيغية,فما هي علاقة جمعيتكم بالحركة الأمازيغية؟
انطلاقا من فهمنا العلمي للهوية,والذي يرتبط بالدرجة الأولى بالأرض,وباعتبارنا كل سكان المغرب أمازيغ بالهوية التي يستمدونها من الأرض التي يعيشون فوقها,وباعتبار سكان جبال المغرب جزء لا يتجزأ من ساكنة المغرب,فمعنى هذا أننا لا نختلف عن الحركة الأمازيغية فيما يتعلق بفهمنا للهوية,وبمختلف الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي ناضلت ولازالت هذه الحركة تناضل من أجلها,هذه الحركة التي نعتبر أنفسنا جزءا منها.
وللتوضيح أكثر فجمعية سكان جبال العالم المنتشرة في عدد كبير من الدول,تتبنى وتدافع عن هوية وثقافة ولغة شعوبها,ونحن في المغرب لا يمكننا أن نخرج عن هذه القاعدة,وهي الدفاع كما قلت عن ثقافة وهوية ولغة سكان الجبال الذين لا يتحدثون في معظمهم سوى الأمازيغية,حيث أن أول مشكل يصادفونه في حياتهم هو مشكل التواصل مع الإدارات والمؤسسات من محاكم و مستشفيات ومدارس,إذن لا شك أنكم ستكتشفون بأننا مع جميع الحقوق التي ناضلت وتناضل من أجلها الحركة الأمازيغية منذ زمان,والتي من بينها رفع التهميش و الإقصاء,والاهتمام بالثقافة المحلية وفتح المجال أمامها للتطور والانتشار نحو العالمية,ووقف الاستلاب والنظرة التحقيرية والدونية لكل ما هو وطني,لأننا نرى بأن التنمية لا يمكن أن تحصل إلا من الداخل,وبالتالي فتهميش وتحقير ما هو وطني داخلي من شأنه عرقلة عجلة التنمية,وهنا لا بد من التركيز على أننا عندما نتحدث عن الثقافة الوطنية,فنحن نتحدث عن جميع مكوناتها دون استثناء.
- ننتقل إلى موضوع آخر,في ظل الحراك السياسي والشعبي الذي يعرفه المغرب,والذي نتج عنه إفراز مجموعة من التعديلات الدستورية تراوحت المواقف حولها بين القبول والرفض والتحفظ,ما رأيكم أنتم في هذه التعديلات وخاصة فيما يتعلق بالحقوق التي تناضل من أجلها الحركة الأمازيغية والتي قلتم إنكم جزء منها؟
في الحقيقة لا أخفيكم بأني عندما استمعت إلى خطاب الملك"أيليد",كدت أن لا أنام من شدة الفرحة التي غمرتني,وأعتقد أنه نفس الإحساس الذي حس به كل الأمازيغ,لأنه لأول مرة تذكر الأمازيغية في الدستور,ولأول مرة يعترف بنا كمواطنين مغاربة,هذا الحدث دفعنا إلى ملاءمة موضوع ندوة فكرية تم تنظيمها بتنغير يوم 18 يونيو,أي مباشرة بعد الخطاب الملكي,مع ما جاء في هذا الخطاب,حيث ناقشنا خلالها ما جاء في مسودة الدستور فيما يتعلق بالجانب الهوياتي و الحقوقي بالخصوص,والمؤسف في الأمر أنني عندما اطلعت على المسودة وجدت أنها لا ترقى إلى مستوى الخطاب الملكي الذي كان صريحا وواضحا في إعلان اللغة الأمازيغية لغة رسمية جنبا إلى جنب مع اللغة العربية,في حين أن ما ورد في المسودة يظل غامضا و مفتوحا على كل التأويلات,فمثلا نجد في المسودة بأن اللغة العربية تظل هي اللغة الرسمية الأولى وفي فقرة أخرى تليها الأمازيغية,مما يجعلها ضمنيا لغة رسمية ثانية,وهذا يخل بمبدأ المساواة الذي يجب أن تحظى به كلتا اللغتين,إذ أن تفضيل هذه اللغة على تلك,يعتبر أوتوماتيكيا تفضيل المتحدثين بهذه اللغة على أولئك المتحدثين باللغة التي تأتي حسب مسودة الدستور في درجة أقل,مما من شأنه جعل المواطنين المتحدثين بهذه اللغة الثانية يحسون بالحكرة وبأنهم أقل درجة وشأنا,وهذا أمر خطير,فقد كان من السهل تجاوز هذا المشكل باستعمال عبارة"الأمازيغية والعربية أو العربية والأمازيغية لغتان رسميتان للدولة"(نقطة إلى السطر),أما والحال هكذا فإن مستقبل الأمازيغية يبقى غامضا,فمسودة الدستور تتحدث عن الأمازيغية كلغة غير موجودة بعد,وغير مستعدة بعد,وأظن أن هذا جاء في اللحظات الأخيرة بضغط من بعض الأحزاب المعادية للأمازيغية,لجعل الدستور يتماشى و يخدم أطروحاتها العنصرية الإقصائية اتجاه الأمازيغية,هذه الأحزاب التي تلعب على عامل الوقت لاستكمال مشروعها المتمثل في قتل الأمازيغية,وهذا يتنافى مع الخطب الملكية السابقة التي تؤشر على أن الأمازيغية لغة قائمة بذاتها,ومن بين هذه المؤشرات إنشاء معهد ملكي خاص بها,وإدماجها في التعليم منذ 2003,وهنا نلاحظ تناقضا بين الإرادة الملكية التي تسعى للنهوض بالأمازيغية,وبين الوزارات الوصية التي تقدم إحصائيات مغلوطة,من قبيل أن تدريس الأمازيغية يشمل أغلب الجهات,في حين أن الواقع عكس ذلك تماما,وبالنظر إلى هذه المدة الطويلة فقد كان من المفروض أن تكون الأمازيغية قد قطعت أشواطا مهمة في التعليم,ولكن كما قلت سابقا هناك أيادي خفية معادية للأمازيغية تحول دون تطورها,وهنا يمكنني أن أتساءل؛مادامت مسودة الدستور تتحدث عن الأمازيغية مستقبلا, أي مستقبل للأمازيغية مادام لم يتحقق لها شيء طيلة هذه السنوات؟منذ 2003 ونحن نتحدث عن مستقبل الأمازيغية ونحن الآن في2011 ولا زلنا نتحدث عن مستقبل الأمازيغية,فمتى سيحين هذا المستقبل؟؟
لدي ملاحظة مهمة في هذا الشأن,وهي أن الأمازيغية ما دامت لم تحقق الكثير تحت إشراف المعهد الملكي,فكيف سيكون مصيرها بعد أن وضعتها مسودة الدستور بين أيدي الأحزاب بمقتضى قانون تنظيمي,خاصة ونحن نعلم أن بعض الأحزاب تعتبر الأمازيغية ألذ أعدائها؟؟
بما أنكم سألتموني عن التعديلات الدستورية فلابد من الإشارة إلى العلم الوطني,فباعتبار هوية المغرب هوية أمازيغية,فمن المنطقي ومن المفروض أن يطابق العلم الوطني هذه الهوية,وهذا موقف كل الحركة الأمازيغية,وفيما يخص العلم الحالي وحسب بعض المصادر التي اطلعت عليها فهو من اقتراح ليوطي,فكيف يعقل أن نبقي على اعتماد علم هو من صنع الاستعمار؟ضروري أيضا أن نذكر بأن هذا العلم يذكرنا بمعاهدة إيكس ليبان التي قدمت فيها تنازلات كبيرة في إطار تبادل المصالح,والخطير فيما يتعلق بالعلم الوطني أن البعض يعتبره أقدس المقدسات,لا يجوز الطعن فيه أو المطالبة بتغييره كأنه منزل من السماء,في حين أنه مجرد اجتهاد بشري,وهنا تحضرني حادثة محاولة الاعتداء على كمال سعيد الذي هو بالمناسبة رئيس جمعية سكان جبال العالم-فرع المغرب,وتهديده في إحدى الندوات التي نظمت بمدينة أزرو قبل خروج هذا الدستور إلى الوجود,هدد الأستاذ سعيد كمال وسب وشتم,لأنه فقط قال رأيه في العلم الوطني,وأورد معلومة تاريخية مفادها أن هذا العلم من صنع الاستعمار,وأن الاسم الأصلي للمغرب هو مراكش,وهذا أمر خطير كما سبق وأن قلت,بسبب استمرار بعض العقليات المحافظة والتقليدانية الرجعية التي ترفض التغيير,وتعمل على تزوير الحقائق التاريخية بهدف التأثير على عقول المواطنين وكسب ودهم وتعاطفهم,مستغلة عنصر الوطنية للتشكيك في خصومها واتهامهم بتهم باطلة,وهنا ينبغي أن أتوجه بالسؤال إلى أولئك الذين يعتبرون رفع الأعلام الأمازيغية دعوة للانفصال والانشقاق,عمن سننفصل؟ كما أؤكد أن العلم الأمازيغي هو رمز الهوية الأمازيغية,مما يجعل الإقبال عليه يزداد يوما عن يوم بفعل تنامي الوعي الشعبي بالهوية الأمازيغية.
لابد من الحديث كذلك عن مطلب علمنة الدولة الذي لطالما ناضلت الحركة الأمازيغية من أجله,فشخصيا لا أتصور دولة دينية ديمقراطية,وهنا لابد من القول بأن إعلان الدستور عن كون الإسلام هو الدين الرسمي للدولة من شأنه استفزاز مشاعر غير المسلمين,ورغم أن الدولة ستتعهد بضمان حرية التدين وممارسة الشؤون الدينية,إلا أن ذلك لن يمنع غير المسلمين من الإحساس بأنهم في درجة أدنى,وباختصار فلا أرى ضرورة لتدخل الدولة في الشؤون الدينية للأشخاص,وهنا ينبغي أن نوضح نقطة مهمة للقراء,وتتعلق بالخلط الذي يحاول البعض إحداثه بين العلمانية والإلحاد,فالعلمانية ليست هي الإلحاد كما يصورها البعض للناس,بل الأخطر من ذلك,أن منهم من يعتقد بأن العلمانية ديانة قائمة بذاتها جاءت لمحو الإسلام أو لمنافسته,في حين أننا نرى بأن العلمانية ستحفظ الإسلام من استغلال المستغلين والمسترزقين,وعلى كل حال,فهذه المغالطات هي ما حاولت و تحاول الحركة الأمازيغية توضيحها للناس,مما وضعها في كثير من الأحيان في قفص الاتهام بمعاداة الإسلام تارة والإلحاد تارة أخرى,من لدن بعض المنتفعين والمستغلين لعواطف الناس والمتلاعبين بالوتر الحساس لدى المواطنين ألا وهو الدين,وذلك لأغراض انتخابوية محضة,وهنا أعود لأؤكد أنه لا يمكن تصور دولة حديثة و متقدمة دون الفصل بين الدين والسياسة,لأن استمرار استغلال الدين لأهداف سياسوية ضيقة واستعماله كسيف مسلط من طرف البعض على من يخالفونهم الرأي,وذلك لتبخيس نضالاتهم وحقوقهم هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا.
- كلمة أخيرة.
أود أن أقول في الختام بأن أول إيجابيات ترسيم اللغة الأمازيغية هو حل ما أسميه بالعقد النفسية التي يعاني منها البعض اتجاه كل ما هو أمازيغي,وعلى سبيل المثال الأسماء الأمازيغية التي كانت إلى وقت قريب تحارب وتمنع دون سبب يذكر,كما أن من شأن هذا الترسيم أن يفتح المجال لمجتمع متساوي,متضامن وعادل,بحيث لا يحس فيه أحد بالإقصاء أو الميز لأي سبب من الأسباب,وسيضع المغرب في مصاف الدول المتقدمة حقوقيا و ديمقراطيا, ويحقق تقدما في مجال العلم و المعرفة,وهنا أعود مرة أخرى لأسجل ارتياحي من الخطاب الملكي- وأركز على الخطاب الملكي وليس مسودة الدستور-,لأنه كان صريحا وواضحا وشجاعا في ترسيم الأمازيغية,وهذا أعتبره إحقاقا للحق,وليس فقط استجابة لإحدى المطالب التي ناضلت من أجلها,بل استجابة لحق أبنائي تيليلا، توناروز، أوسيم و يوبا، شأنهم في ذلك شأن جميع الأطفال المغاربة من الأجيال القادمة, الذين نتمنى أن يحملوا مشعل الأمازيغية بكل مسؤولية وتفاني وإخلاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.