تحلّ الذكرى الثانية عشرة لتربع جلالة الملك محمد السادس، على عرش الآباء والأجداد، في ظل متغيرات وطنية شاملة وعميقة، تتخذ مسارات عديدة، انطلقت من الخطاب الملكي يوم 9 مارس الماضي، وبلغت ذروتها بالموافقة الشعبية الواسعة التي لا مثيل لها، على مشروع الدستور المغربي المعدّل، الذي هو اليوم بمثابة البوصلة الهادية والمنارة المضيئة التي ترسم معالم الطريق نحو المستقبل المغربي، من خلال بناء الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة المتطورة، على قواعد متينة من الملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية البرلمانية. وبذلك تكتسب هذه الذكرى الوطنية في هذه السنة، طابعًا متميزًا فريدًا من نوعه، يجعلها المحطة الأولى في مسيرة وطنية حاشدة جامعة شاملة، يقودها بحكمة وتبصر، جلالة الملك، وتدعمها، بوعي ومسؤولية، القوى الوطنية التي عملت دائمًا من أجل الوصول إلى هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ المغرب المعاصر. إن حلول ذكرى عيد العرش المجيد مع تباشير التحول الكبير الذي سيعرفه المغرب في الفترة القريبة القادمة ، بإقرار قانون الانتخابات المقبلة ، في ظل الدستور الجديد، ينطوي على دلالات سياسية عميقة، تؤسس لعهد جديد تشرق فيه شمس الديمقراطية البانية للإنسان وللوطن، والضامنة لكسب رهان المستقبل، والدافعة للطاقات الوطنية نحو المزيد من الجهد والبذل والتضحية والعطاء، من أجل ترسيخ البناء، وتنويع العطاء في سبيل بناء مغرب مزدهر ومستقر وآمن، هو الهدف الاستراتيجي للمشروع الحضاري الوطني المعبر عن إرادة الشعب المغربي قاطبة. لقد انطلقت قاطرة الإصلاحات العميقة ، بإرادة ملكية قوية، وبالتفاف الشعب حول قيادته الوطنية، ولن تستطيع العوائق التي تعترض الدول النامية أن توقفها، أو أن تؤثر في انتظام سيرها على السكة الجديدة التي أرسى الشعب قواعدها، بالتجاوب مع الإرادة الملكية، وبالموافقة على الدستور الجديد. وعلى الرغم من الصعوبات في ظل الظرفية الاقتصادية المتأثرة بالأزمة المالية العالمية، فإن الإرادة الوطنية القوية قادرة على التغلب على المشاكل وتجاوز المرحلة الراهنة المثقلة بالأعباء، وفتح الآفاق الواسعة أمام الاقتصاد الوطني، لاستيعاب الطاقات الشابة الصاعدة، من أجل أن تنال حقها في خدمة الوطن من خلال انخراطها الفاعل في مسيرة البناء الديمقراطي والنماء الاقتصادي. إنَّ ديناميكية العمل الوطني المسؤول التي بدأت مع الخطاب الملكي يوم 9 مارس، تدفع في اتجاه القطع مع السلبيات التي شابت العملَ السياسيَّ خلال السنوات الماضية، في ظل غياب الشروط الكاملة للديمقراطية الحق التي لا تشوبها شائبة من تزييف لإرادة الشعب، ومن تزوير للحقائق، ومن استغلال للظروف الحياتية التي تعيشها غالبية الشعب المغربي، مما كان يترتب عليه في ذلك العهد، قيام مؤسسات منتخبة مطعون في صدقيتها، كانت إحدى المعوقات الرئيسَة لنمو المغرب وتقدمه. إن مغربًا جديدًا يسير صاعدًا نحو المستقبل، قد انطلق في الاتجاه الصحيح، وهو اليوم يطوي مراحل التقدم تباعًا، في غير ما اندفاع أو ارتجال، وإنما في تؤدة وتأنٍ، وبتعامل رشيد مع المتغيرات وتفاعل واع مع المستجدات، وفي إطار القواعد الدستورية التي تحكم العملية السياسية في دولة حديثة، تواصل مسيرتها الإنمائية على جميع الأصعدة، وتقدم مثالا ً للرباط القوي المحكم الذي يجمع بين الشعب وبين العرش. إن الذكرى الثانية عشرة لجلوس جلالة الملك على عرش المغرب، تحيي في النفوس الأمل في غد مشرق، ينعم فيه المواطنون جميعًا، بالضمانات الدستورية التي توفر للبلاد الأمن والأمان، وللشعب التقدم والازدهار، وتبث الثقة في المؤسسات، وتؤكد على وجوب احترام الدستور في كل شأن من شؤون البلاد، كبر أو صغر، لأن خدمة الوطن لا تعرف التجزئة. مغرب الأمل والعمل، تظله الذكرى الثانية عشرة لجلوس جلالة الملك محمد السادس على العرش، تتوافق فيه إرادة الملك والشعب، وتترابط وفق مقتضيات العقد الذي يجمع بينهما، والذي تجدد وتقوى بالدستور الجديد الذي يؤسس للمغرب الجديد.