تتواصل اليوم بالرباط أشغال المنتدى الوزاري الإفريقي السابع حول مكافحة الفساد وتعزيز الحكامة الجيدة بغية الحد من الفقر وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بإفريقيا. وكان الوزير الأول عباس الفاسي قد افتتح أمس هذا المنتدى بحضور محمد سعد العلمي وزير تحديث القطاعات العامة، وممثل الكافراد بالمغرب وممثلي كل من مؤسسة هانس سايدل وبرنامج الأممالمتحدة للإنماء بالمغرب. ومن المنتظر أن تختتم أشغال هذا المنتدى اليوم بإصدار توصيات تعزز ما تصبوا إليه الدول الافريقية في هذا المجال. وأكد عباس الفاسي أن هذا اللقاء ذو أهمية خاصة، لكونه يأتي في سياق التمهيد لاحتضان بلادنا، في أكتوبر المقبل، للدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. وأضاف أن بلادنا ترى في قرار احتضان هذا المؤتمر ليس فقط اعترافا من طرف المنتظم الدولي بمجهوداتها المبذولة في مكافحة الفساد وتعزيز الحكامة الجيدة، ولكن أيضا حافزا على تحصين مكتسباتها في هذا المجال بمبادرات وبرامج استراتيجية هادفة. وأشار إلى أن هذا المنتدى الإفريقي يلتئم اليوم في ظل ظرفية دقيقة، تعرف فيها دول ومناطق من العالم تحولات عميقة، وتواجه رهانات جديدة تحظى باهتمام وانشغال كبيرين من طرف المنتظم الدولي، لذلك بات من الضروري العمل على تضافر جهود مختلف بلداننا الإفريقية، سواء في إطار المنظومة الدولية أو باقي المنتديات الإقليمية والدولية، بغية العمل جنبا إلى جنب، على محاربة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة بقارتنا الإفريقية، فضلا عن مكافحة الفساد وآفة الرشوة، وتعزيز الحكامة الجيدة. وأضاف أن بلادنا أعدت تقريرا وطنيا في الموضوع، برسم سنة 2009، أضحى مرجعا في متابعة مؤشرات التنمية البشرية، وآلية تقييمية لحصيلة وآفاق تحقيق أهداف الألفية للتنمية في المغرب. وأشار إلى أن خطاب جلالة الملك محمد السادس،استعرض في قمة أهداف الألفية للتنمية المنعقدة بنيويورك خلال شهر شتنبر 2010، ما تم إنجازه بفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المعتمدة منذ سنة 2005 ببلادنا، وما صاحبها من إصلاحات عميقة ومخططات قطاعية واستراتيجية كبرى، مؤكدا أن بلادنا قطعت على درب تحقيق أهداف الألفية أشواطا هامة خاصة فيما يتعلق منها بمحاربة الفقر والهشاشة والإقصاء، وتعميم الاستفادة من الماء والكهرباء بالعالم القروي، واعتماد نظام المساعدة الطبية لفائدة الأشخاص المعوزين، فضلا عن الخطوات التي تم قطعها في مجالات التعليم والصحة والمساواة بين الجنسين، واعتماد مخطط رائد للطاقة الشمسية. ومن هذا المنطلق بالذات، أعطى جلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره، في خطابه التاريخي ل 9 مارس 2011، الذي أعلن فيه عن إجراء إصلاح دستوري شامل، إشارات واضحة، مؤكدا أن تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة، ودسترة هيئات الحكامة الجيدة وحقوق الإنسان وحماية الحريات، تعد من بين المرتكزات لهذا الإصلاح الدستوري. وفي هذا السياق، فإن مشروع الدستور المغربي الجديد الذي سيعرض على الاستفتاء يوم الجمعة فاتح يوليوز المقبل ينص، في التصدير وفي عدد من الفصول، على تقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددة وتعزيز آليات الحكامة الجيدة، ومحاربة الفساد، وتنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة في الولوج إليها، ووفق مبادئ احترام القانون والحياد والشفافية، وتقديم الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية، وتصريح المسؤولين كتابيا بممتلكاتهم، هذا بالإضافة إلى إعداد ميثاق للمرافق العمومية سيحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسييرها. كما أكد مشروع الدستور الجديد على الدور المنوط بمؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة، وذلك من خلال تقوية دور واستقلالية المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات في مراقبة المال العام وفي عدم الإفلات من العقاب، ودسترة مجلس المنافسة الذي أنيطت به مهام تنظيم منافسة اقتصادية حرة ومشروعة وشفافة، والهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها والتي ستتولى تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وكذا مؤسسة الوسيط التي سيعهد إليها بإشاعة قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية. وأشار إلى أن الحكومة تعمل على تنفيذ برنامج يرتكز بالأساس، على توطيد الإطار المؤسساتي من أجل احتواء هذه الظاهرة، وإرساء أسس المساءلة والرقابة وتدعيم قيم الشفافية. وقال إن المغرب، رغبة منه في تعزيز شراكة تضامنية،ليضع بدوره تجربته في مجال تحقيق أهداف الألفية للتنمية رهن إشارة الدول الإفريقية الشقيقة، وذلك في إطار تبادل الخبرات والتجارب في هذا المجال، مضيفا أن الهاجس المشترك هو رفع التحديات المطروحة وتحقيق أهداف الألفية في أفق سنة 2015، وذلك بالعمل الجماعي الرامي إلى توطيد دعائم نموذج تنموي بشري ومستدام وتضامني بالقارة الإفريقية.