اختار رئيس الحكومة الجزائرية السيد أويحي الهروب إلى الأمام في علاقة بلاده بالمغرب،ففي الوقت الذي كان عدد من المحللين يعتقدون أن الجارة الشرقية للمغرب سوف تنحوا لتهدئة الأجواء في ظل التحولات التي تعرفها المنطقة،والمخاطر الحقيقية التي تواجهها،فجرت الجزائر قنبلة صوتية جديدة لإلهاء الرأي العام الداخلي والتأكيد من جديد على أن صقور الجزائر وقصر المرادية لا يمكن أن ينتعشوا وأن يحافظوا على مواقعهم،دون الحفاظ على أجواء التوتر والمواجهة مع المغرب ... أويحي عبر في لقاء صحفي أول أمس عن إتهامات للمغرب بقيادة حملة في واشنطن لتشويه صورة الجزائر وتوجيه لاتهام إليها بتوريطها في المستنقع الليبي،حيث عبر أويحي على أن المغرب الرسمي يحاول تشويه صورة الجزائر بالقول أنها تقدم مساعدات لكتائب العقيد القذافي...الحقيقة هي أن المغرب لم يتهم الجزائر بمثل هذه التهم ، والحقيقة أيضا أن السيد أويحي مصاب بالحول،فعوض أن يقدم نقدا ذاتيا لسوء تقدير الإدارة الجزائرية لمجريات الأحداث في ليبيا ، وسوء إختيار التموقع إلى جانب العقيد القذافي ، وبعد أن أصبح نظام هذا الأخير في طور الإحتضار في أيامه الأخيرة ، تحاول الجزائر التملص من مسؤوليتها الأخلاقية إتجاه الشعب الليبي ومحاولة بئيسة لضرب عصفورين بحجر واحد ، فمن جهة توجيه رسالة إلى المجلس الانتقالي الليبي بالقول أنها ليس لها علاقة بمليشيات القذافي ، ومن جهة أخرى تأزيم العلاقة مع المغرب لتحقيق مكاسب سياسية داخلية وخارجية ، كيف ذلك ؟ داخليا من مصلحة صقور النظام الجزائري الحفاظ على التوتر مع المغرب ، وذلك لتقديم كل المبررات لقمع أي حركة للتغيير في الجزائر ، بدعوى الحفاظ على استقرار البلاد في مواجهة التحدي المغربي ، وخارجيا توجيه رسالة للإدارة الأمريكية للحفاظ على حيادها فيما يتعلق بالشأن الداخلي الجزائري ، ويلاحظ الجميع أن الرئيس الأمريكي أوباما في خطابه الأخير لم يشر للحالة الجزائرية ، وهو ما يعني إقرار بأهمية الدور الجزائري في منطقة الساحل والصحراء إضافة إلى سلاح النفط الذي يعتبر الورقة الصعبة بيد حكام المرادية ...وقصد الجزائر أنه بإمكانها إشعال توترات جديدة وكبيرة في منطقة المغرب الكبير تنظاف لما يجري في ليبيا وما يمكن أن تسفر عنه تطورات الأحداث في مصر وتونس التين تعرفان عدم استقرار ينذر بكل الاحتمالات خاصة بعد إجراء الاستحقاقات الانتخابية في كلى البلدين.. بالعودة إلى موضوع التورط الجزائري في الإقتتال الذي يجري في ليبيا ، فقد كان حريا بالسيد أويحي أن يجيب الجهات التي أثبتت وأعلنت تورط جبهة البوليساريو في القتال إلى جانب كتائب القذافي بوصفهم مرتزقة ، قدمت لهم الجزائر كل المساعدات اللوجيستيكية للوصول إلى ليبيا ، فقد أكد الديبلوماسي الأمريكي إدوارد غابرييل في تصريحات نشرتها مجلة « ذوهيل « التي يصدرها الكونغرس الأمريكي : « إن جبهة البوليساريو التي تدعي الإلتزام بمبادئ حقوق الإنسان ، تسمح لعناصرها بحمل السلاح ضد قوات حلف الناتو في ليبيا ، في تحد صارخ لتقويض مجلس الأمن الدولي، وأن النظام الليبي ينفق ملايين الدولارات للاستفادة من خدمات نشطاء البوليساريو ..وأن مئات المرتزقة من البوليساريو وتلقوا مبالغ بقيمة 10 آلاف دولار لكل فرد للمشاركة في القتال،وقبل ذلك أكد وزير الهجرة والمغتربين الليبي المنشق في لندن أن مقاتلي البوليساريو يقاتلون إلى جانب العقيد الليبي ونفس الشيء أكدته وكالة الأنباء الإيطالية إعتمادا على مصادر جزائرية مطلعة ، وقد سبق لوكالة الأنباء الإفريقية أن كشفت في قصاصة لها ، بأن 500 عربة قتالية كانت قد حصلت عليها ليبيا إنطلاقا من التراب الجزائري ...فكيف تصل قوات مسلحة تقطع 1000 كلم من تيندوف إلى ليبيا دون مظلة جزائرية يتساءل الديبلوماسي الأمريكي إدوارد غابرييل ... أكثر من ذلك فقد أقرت وكالة الأنباء الليبية الرسمية نفسها أن العقيد معمر القذافي أجر إتصالا هاتفية مع زعيم المرتزقة محمد عبد العزيز ، وكان هذا الأخير من القلائل الذين تمكنوا من ربط الإتصال بالعقيد الليبي ..في وقت كانت المعارضة الليبية قد أعلنت عن أسر عدد من أفراد البوليساريو ، وعلى مستوى الصحافة العالمية فقد أجمعت «الواشنطن بوست» الأمريكية و»كوريراديلاسيرا» الإيطالية و»الديلي تيليغراف» البريطانية ، في تقارير متطابقة أن الجزائر تدعم قوات القذافي عبر السماح بتجنيد مرتزقة من عناصر البوليساريو للقتال مع قواته، وأن هناك أزيد من 500 مقاتل من البوليساريو يقتلون بصفة فعلية على الأراضي الليبية حسب جينيفر روبين من «الواشنطن بوست «...هذه هي الحقائق كما نقلها أكثر من مصدر إعلامي إضافة إلى تصريحات من قيادة الناتو في المنطقة ، فهل يملك السيد أويحي قليلا من الشجاعة لكي يواجهها ، بدلا من الهروب إلى الأمام في حالة تيه تثير الشفقة...