أنا أحكي ... في الصيف المقبل ، أحسست بالظمأ في بيته ، ولم تكن المناسبة سوى تهنئته بالزواج بعد خمسين غشت من القحط . نعم ... كانت الثلاجة تستريح في المطبخ، وكانت حنجرتي ناشفة، وكنت كمن يحمل الشمس على كتفه . هو ... هي زوجته ... ملآ الكأس ، كان باردا بحال الثلج .... )حين سكبته في حنجرتي ، كان مذاقه كماء الغدير ، رشفته على مضض ، ثم رفت ابتسامة بائسة على شفتي ، وأغلقت الباب خلفي بهدووووء . أنا الآن في بيت النعاس، ممدد على سريري وأرتجف... أحرك رأسي ثقيلا باتجاه كأس من الماء ... ملامح زوجتي تبدو لي كرداءة أحوال طقس ... وأمي غرقى في مراثيها ... في الليل ، تصبب مني عرق كثير ، و...تذكرت كأسه ورائحة مائه التي قد تقودني بعد حين، باتجاه سرير في المقبرة، حيث سيبتر ذراعي الحارس بقلب لم يعد يعتذر بأسف عما اقترفه . أنا الآن ...الآن ..نعم الآن ... أتصفح أصابعي في غرفة الانتظار، أمامي قنينة ماء، نافذة متهرئة، وممرضة تتأملني وتهمس لزوجتي ما لا أفهمه. بعد التحليلات والفحص نصحني الطبيب بما يلي : 1- قف أمام المرآة ، مزق أقنعتك ، ولا تهتم بالألم 2- تربع في سطح بيتك ، وتفرج على أشعة الشمس . 3- جرب احتضارك وحيدا في سريرك 4- ادخل المقبرة وابتسم للموتى 5- تعارك مع نفسك ، وكن الضحية 6- احتس النبيذ يوميا ، واملأ كأسك بالسؤال 7- اشتر لزوجتك علبة حلوى لم يبق ما أضيفه من نصائح الطبيب، سوى فسح المجال ل « هو « كي يحكي بدوره ما جرى لي ذلك الصيف ( . هو يحكي ... كان يشعر بالظمأ وهو يشرب كأس الماء الذي جاءت به زوجتي باردا من الثلاجة على صينية صفراء. ) الماء مضى عليه أكثر من شهر في القنينة ، لانشغالي بمراسيم الخطوبة والزواج ( سكب الماء في حنجرته كاللهفان ، وحين أغلق الباب خلفه ، قلت لزوجتي : « الماء سمين هذا الصيف « صوبت نظراتها نحوي، التقت عيناها بعيني، ابتسمت لها، وردت الابتسامة بابتسامة. في بيت النعاس ، جلسنا على حافة السرير،عانقتها ، قبلتها ، وغبنا عن غشت والثلاجة وكأس الماء السمين . و.. رن جرس الموبايل : « صاحبك يهذي « كان ممددا على السرير، مغمض العينين، ويخرف... كان وجه زوجته يصطبغ بالحزن وعيناها تدمعان ... كان شعر أمه متناثرا ومنكوشا... وكنت أتأمل المشهد وأقول : -» الله يداوي « نظرت إلى ساعتي ، كانت الثامنة صباحا... في المصعد توكأ علي ، وفي غرفة الانتظار أسندته كتفي ... كان يلاعب أصابعه ، كان العرق يتصبب منه ، كانت زوجته تهمس للممرضة ، والممرضة تهمس لها بكلام مرموز ، وفي غرفة الفحص ، قال له الطبيب : 1- تفرج على عريك في المرآة 2- رصع أصابع زوجتك بالخواتم 3- جرب أن تلقي بنفسك من الطابق الأول 4- حاول أن تسقط من سرير نومك، وتدحرج كالكرة 5- .................... 12- ضاجع نفسك في الفراش و... انتهت نصائح الطبيب التي بدت لي «في شي شكل» أنا هو نحكي... حين خرج من تحت إبط الموت سالما كالجملة المفيدة، ضحكنا كثيرا في الحانة، ولم نحك شيئا عن الماء الذي فعلها في صيف يبدو بعيدا وباهتا في ذاكرتي. معذرة عزيزي القارئ ، يكفي من الهذيان