"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحمدية العالية احتضنت في أجواء جماهرية مهرجان تخليد الذكرى السابعة والثلاثين لوفاة زعيم تحرير
نشر في العلم يوم 16 - 05 - 2011

في كلمة الأخ مولاي امحمد الخليفة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين لوفاة الزعيم علال الفاسي: نظم حزب الاستقلال يوم الجمعة 13 ماي 2011 مهرجانا بقاعة المسرح البلدي بمدينة المحمدية تخليدا لذكرى السابعة والثلاثين لوفاة زعيم التحرير علال الفاسي تحت شعار:"علال الفاسي، رائد كفاح الشعب من أجل دستور ديموقراطي"، وترأس المهرجان الأخ الأمين العام الأستاذ عباس الفاسي رفقة وفد من مجلس الرئاسة، وألقى الأخ الأمين العام كلمة تطرق فيها إلى شخصية الزعيم باعتباره عالما مجتهدا وزعيما سياسيا متفتحا ومحاورا واضح الرؤية وقوي الحجة والبرهان، بالإضافة إلى كلمة الأخ الأستاذ مولاي مَحمد الخليفة، والقصيدة الشعرية التي ألقاها بالمناسبة الأخ شيبة ماء العينية، عضوي اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بحضور الأستاذين عبد الكريم غلاب وامحمد الدويري عضوي مجلس الرئاسة لحزب الاستقلال وعدد من أفراد أسرة الزعيم، وأغلب أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بالإضافة كذلك إلى مناضلي منظمة الشبيبة الاستقلالية وممثلي عن الروابط والجمعيات المنضوية تحت حزب الاستقلال .
كما حضر المهرجان العديد من ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية ووسائل الإعلام السمعية البصرية والمكتوبة، وقد امتلأت قاعة المسرح البلدي بمدينة المحمدية عن آخرها بمناضلي حزب الاستقلال الذين حضروا من كافة أقاليم المملكة رفعوا خلال هذه المناسبة شعارات الفخر والاعتزاز لما أسداه زعيم التحرير علال الفاسي للمغرب وللمغاربة.
وشارك كل من السيد رضوان بن شقرون العضو السابق للمجلس العلمي والسيد محمد الأزهر الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بمداخلتين وقفا من خلالهما على العديد من النصوص الواردة في مؤلفات الزعيم، خاصة التي تهم الإصلاح الدستوري بالمغرب، كما أدلى الأخ أحمد كحيل عن المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالمحمدية بكلمة بالمناسبة. ونعرض في هذه الصفحة لكلمة الأخ مولاي امحمد الخليفة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وأله وصحبه
الإخوة والأخوات في الأسرة الصغيرة لزعيمنا علال الفاسي،
الإخوة والأخوات في الأسرة الكبيرة لزعيم التحرير على امتداد رقعة الوطن،
سيداتي ..سادتي
أحسن صنعا حزبنا.. حزب الاستقلال عندما اتخذ شعار: » علال الفاسي .. رائد كفاح الشعب من أجل دستور ديمقراطي « لتخليد الذكرى السابعة والثلاثين لوفاة عاطر الذكر، صاحب الذكرى المغفور له علال الفاسي نور الله ضريحه، وجعل الجنة مأواه ومثواه، وخلد في الصالحات ذكراه، وبالذات في هذه المدينة الجميلة الخالدة بنضالها الاستقلالي، والمشرقة باسمها الرمز الخالد الذي تحمله نظير نضالات أبنائها البررة في سبيل حرية المغرب واستقلاله.
ولقد أصاب الشعار الهدف، ونفذ في مغزاه ومبناه إلى العمق بتجاوبه المطلق إلى أبعد حدود الإطلاق مع صميمية الظرفية الراهنة التي يحياها الشعب المغربي قاطبة بما أشاعه خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم تاسع مارس الماضي من ثقة وأمل في مستقبل رائع لهذا الوطن، وما فتحه هذا الخطاب التاريخي بمرتكزاته، والثَّوْرِي في مضامينه من بوابات الآمال المشرفة في أفق توجهاته وإشاراته وتدقيقاته لتزويد البلاد بدستور جديد، جدير بهذا الشعب، ونضاله المستميت في سبيل الحرية والعزة والكرامة وتضحياته على الدوام لبناء المغرب القوي العزيز على أسس راسخة ودعائم قوية جديرة بتاريخه وتطلعاته المشروعة ليحتل مقعده في صفوف الدول الديمقراطية العريقة.
علال .. رائد لم يكذب أهله
مَنْ أجدر من علال وهو الحي بيننا وفي أعماقنا على الدوام بما علمنا، ونفثه في الصدور: دروسا، وأفكارا، ومحاضرات، ومناظرات، وندوات، واهم من ذلك سلوكا وأخلاقيات ونموذجا بشريا متفردا في عصرنا الذي نعتز ونقول فيه بملء الفم، ومن أعماق القلب والوجدان.
حسبنا ما منحتنا يا حياة *** حسبنا أننا عشنا عصر علال
من أجدر من عَلَمِ المغرب الشامخ هذا، والمغرب يتحفز بثقة وأمل لدخول عهد جديد بدستور جديد، وملك جديد، لتشييد مغرب جديد. أن تقترن تخليد ذكراه بالريادة في كفاح الشعب لتحقيق دستور ديمقراطي.
إنه الرائد الذي لم يكذب أهله أبدا...فمن أجل الدستور الديمقراطي للبلاد وخروجها من متاهات الحكم أزمنة طويلة بدون دستور الى عهد الأنوار بالحكم على أساس الدستور بما يعنيه الأمر في البدء والختام من أن "السيادة للأمة" و "الشعب مصدر السلطات" او كما يقول رضي الله عنه عند اشتداد الجدل، والاحتكام إلى هوى النفوس" لمن الأفضل ان تحكم البلاد بدستور مهما كان خير من أن تحكم بدون دستور" !من أجل ذلك كافح بالقلم والفكر وعلى أرض الميدان. وأيضا فإن ربط الريادة بشخص زعيمنا علال ليس افتتانا بعظمة الرجل أو حبه الذي يمتلك علينا الفكر والوجدان.. طبعا لا ننكر ذلك الافتتان بل نعتز به.. ولا نستطيع كتمان ذلك الحب فلقد جرى به القلم في الأزل وسرى بين جوانحنا جريان الدم في عروق بني آدم .
فالشعار صادق وعلال الفاسي رائدُ كفاح الشعب باستحقاق وجدارة من أجل إقرار دستور ديمقراطي للوطن فمن ينكر اليوم او يجادل؟.. نعم علال زعيم التحرير ذلك لقبه الذي أضفاه عليه الشعب عن جدارة واستحقاق، وعلال رائد كفاح الشعب في الدستور .. ذلك نضال تاريخي مشهود في حقبة تاريخية تُلْزم مفكري هذا الوطن وحواريي عقيدته إبراز معالمها مشاعل يَهْتَدِي بها الوطن اليوم في بناء مستقبله الديمقراطي.
ريادة علال فكرية وميدانية
سيداتي سادتي ..
هذه الكلمة ليس مجالها اليوم الحديث عن ريادة زعيمنا الفكرية وإنتاجاته الغزيرة ورؤاه الصائبة لتشييد المغرب الديمقراطي بعد تحرره. وليست مجالا للحديث عن كتاباته المتفردة، وحفرياته التاريخية، وتأصيلاته الرائعة، وإرهاصاته الأولى لترسيخ قيم المواطنة الحقة والاحتكام إلى الدستور لبناء الوطن الحر للمواطنين الأحرار.
وإنما اخترت أن أتحدث عن ريادة علال بالنسبة للدستور ميدانيا على أرض الواقع وعلى امتداد رقعة الوطن مع بسطاء الناس في أقاصي السهول وأعالي الجبال في البوادي كما في المدن في شرق الوطن وغربه كما في شماله وجنوبه بمناسبة وضع أول دستور للبلاد سنة 1962 .
إيمان علال بإنجاز الدستور
لقد كان قدري رائعا اذ كنت شَاهِدَ عيّان في تلك الأيام من خلال عملي بجريدة العلم، مهتما اشد الاهتمام بما تمور به الساحة آنذاك من آراء وأفكار، ومتتبعا شغوفا بخطوات علال وتحركاته ..كان الكل يتوقع أنه لن تغرب شمس 1962 حتى تكون بلادنا قد أنجزت دستورها بعهد قطعه بطل التحرير محمد الخامس رحمه الله لشعبه قبل التحاقه بالرفيق الأعلى لكن أحدا لم يكن يعرف متى وكيف. ؟
علال وحده كان واثقا اشد الوثوق بأن سنة 1962 ستكون سنة الدستور بامتياز، ولم يكن يقبل منا نحن شباب الحزب وطلبته أي لغو أو غرغرة كلام في الموضوع. ولعلني أحسب وثوقه ذلك يعود إلى اتفاقِ نُبلٍ لا يجوز إفشاؤه بينه وبين الملك الراحل الحسن الثاني وفاء بعهد محمد الخامس نظير قبوله الدخول في الحكومة آنذاك.
أيام قلائل في حياة الشعوب تغير كل شيء..
والذي يراجع تاريخ علال في أيام معدودات لا تتجاوز ثلاثة وثلاثين يوما من 3 نونبر 1962 الى 8 دجنبر من نفس السنة سيحسب نفسه في النهاية يتحدث عن علالات، وليس علالا واحدا.. !
حزب علال رائداً
إنها أيام معدودات ولكنها كانت حاسمة في تاريخ تطورنا الديمقراطي.
في المجلس الوطني للحزب الذي انعقد بالقاعة الكبرى ببناية جريدة العلم يوم 3 نونبر 1962 كاشف الزعيم علال أعضاء المجلس بأن الملك الحسن الثاني سيفي بعهد والده الراحل محمد الخامس رحمه الله، وأن » لجنة الخبراء المغاربة الذين كلفهم الملك بوضع الدستور، والتي تتركب من المغاربة لا من غيرهم تواصل عملها في إنجاز المهمة المنوطة بها« ..
ولقد عبر المجلس الوطني للحزب عن موقفه وطالب ان يتضمن الدستور ما سماه القيم العليا للأمة المغربية وهي : الإسلام ، والحدود الطبيعية والتاريخي، واللغة العربية، والملكية الدستورية، وقرر المجلس أن يبقى اجتماعه مفتوحا، وهو ما تم بالفعل غداة إعلان الدستور.
علال الرائد كان يعرف ما يجب عليه فعله وما يدره إلى حينه، كان يسابق الزمان ليبقى حزبه في الريادة والطليعة، ففي اليوم الموالي لانعقاد المجلس الوطني صدر أول ظهير في تاريخ المغرب لتنظيم الاستفتاء .
الوفاء بوعد محمد الخامس
وفي الثامن عشر من نفس الشهر وتخليدا لذكرى عيد استقلال المغرب كان الخطاب الملكي البار بالوعد، وأعلن المغفور له الحسن الثاني لأول مرة في تاريخ المملكة عن مشروع الدستور، وللتاريخ فإن جريدة "العلم" أصدرت في هذا اليوم عددين برقمين متتابعين: ( العددين 4764 4768) في يوم واحد صادف يوم الأحد 18 نونبر 1962 إسهاما بارزا من الحزب في تمكين المواطنين من قراءة فصول الدستور فور إعلانه.. طبعا الفورية بمقياس ذلك الزمان !.
علال يجند الشعب بسلاح الوعي
وهنا ستبرز من جديد ريادة علال وقيادته الحكيمة إذ استطاع في ظرف وجيز تجنيد كل أطر الحزب وطاقاته على امتداد رقعة الوطن للتصويت بنعم على الدستور فأصبحت مدن المغرب وقُراه طيلة حملة الاستفتاء خلية واحدة تستمع لمعنى وجود الدستور في مجتمع ما، وشرح فصوله وغاياته، واعتمد على مؤسسات الحزب وهَيَاكِلِهِ لتعميق النقاش، واستجلاء الغوامض، واتخاذ القرارات بخصوص الوثيقة الدستورية،، جاب الوطن من أقصاه إلى أقصاه فخطب في مراكش، وطنجة وتطوان والرباط والقنيطرة والبيضاء وفاس، وخنيفرة، وصفرو، والصويرة، وآسفي، وآزرو، وفاس، وخريبكة، وأكادير، وسوس، فكان المنظر، والموجه، والخطيب، والشارح والداعي إلى احترام ثوابت الأمة، وفي نفس الوقت المحاضر الذي يناقش مع الأطر العليا للوطن في الدار البيضاء في ذلك الزمان أطروحة الحزب والأسباب الداعية للتصويت بنعم،
وإبراز مكانة الوثيقة الدستورية المغربية بين دساتير العالم،، واعتبر شخصيا ان أعظم إنتاج فكري للزعيم الرائد في هذه الحملة الاستفتائية هي تلك المحاضرة المهمة التي ألقاها في مدينة تطوان ارتجالا والتي طبعت بعد ذلك تحت عنوان " مارس حقك الدستوري " واعتبرها إلى الآن من أنفس شروح دستور 1962 فلقد كانت بموضوعية نتاج مفكر عالم متمكن من أَسْبَاب النزول، وزعيم فذ، ورائد ميداني خالد، لمس بحدسه الذي لا يخطئه،.. وعن قرب بجولته عبر ربوع المغرب اهتمامات الناس، وتطلعاتِهم ومطامحَهم واشكَالاتهم، ومعرفتَهم، وجهْلَهم، والغايات التي يبتغونها من وراء الوثيقة الدستورية فأجابهم أجمعين بسلاسة، ووضوح، وعمق،.. وأحيانا ساق المَثَلُ ليتضح المقال.
مغرب مطلع الستينات
سيداتي سادتي:
قبل خمسين سنة من الآن .. كان علال الرائد وحده القادر على قيادة كفاح شعب على أرض الميدان وعلى مستوى الفكر لإنجاز دستور ديمقراطي.
علينا أن نتذكر أنه قبل خمسين سنة لم يكن المغرب يتوفر على فقيه دستوري واحد.. !
علينا ان نتذكر أنه قبل خمسين سنة كان جرح تقسيم الحزب لا يزال ينزف دما.
علينا أن نتذكر أنه قبل خمسين سنة كان علال وحزب علال يناضل وحده في الميدان وبإخلاص لقيام نظام ملكي دستوري بالبلاد.
علينا أن نتذكر انه قبل خمسين سنة كانت حرية الجهر بالقول تتيح وصف الملكية بالحكم الفردي والحكم المطلق وغير ذلك من التوصيفات القدحية.
علينا ان نتذكر أنه قبل خمسين سنة لم يكن في البلاد وعيا واعيا بمعنى الوثيقة الدستورية، وكان من السهل الخلط بين مفهوم الدستور الممنوح، والدستور النابع من إرادة الشعب، وكان من السهل الخلط بين القراءة المتأنية للدستور بكامله، والوقوف في فقرة من فقراته عند ويل للمصلين.
علينا أن نتذكر انه قبل خمسين سنة كان هناك من يحاول الخلط بين نعم للدستور، ورفض الدستور، ومقاطعة التصويت عليه.
وعلينا ان نتذاكر أنه قبل خمسين سنة كان الإيذاء شديدا لرائد الدستور زعيمنا علال إلى درجة الغثيان، كان يتحمل كل الاذاء وهو في حملته الميدانية صابرا صبر أولى العزم والمجاهدين الصابرين، إلا عندما تمس حدود الله،
أو يراد تحويل شرع الله إلى خدمة مآرب وضيعة، فلقد كان يثور ويغضب غضبا شديدا لانتهاك حرمات الله.
شخصيا في ذلك الزمان لم أكن املك الا الإشفاق والتألم واردد بمرارة المناضل الجريح ببيتي شعر للترويح عن النفس وتفريج الكرب.. لا يزالان عالقان بالذاكرة إلى الآن:
لا تأسفن على غدر الزمان فطالما علت جثت الأسود كلابا
لا تحسبن بفعلها تعلو أسيادها تبقى الأسود أسودا الكلاب كلابا
ومع ذلك فلقد كان المشهد السياسي للبلاد واضحا أشد الوضوح وبدون تردد أقول: إنهُ أحْسَنَ مما هو عليه الآن، ! وكان الحقل الحزبي متميزا بقطبية لا تخطئها العين الناظرة، وفي الحقيقة وبالأسف لم يكن يؤطر هذا الحقل إلا (حزب الاستقلال) .."بشقيه": الوسطى الإسلامي التقدمي التعادلي الديمقراطي، أو اليساري التقدمي المتطرف الديمقراطي.. !!
علال الصادق في مواقفه الشجاع في مواجهاته
كان الصراع على أشده على مستوى المشهد السياسي العام، كل الأسلحة كانت مباحة الاستعمال في حملة الاستفتاء على الدستور .. كانت تجليات الحراك السياسي في عمقها فكرية، وإديولوجية لكن أيضا كانت الاختيارات واضحة أمام الشعب من خلال الشروح والنظريات التي تقدم إليه وكان علال الرائد فارس الحلبة بامتياز.. في التنظير، والتأطير، والتوجيه.. وعلى أرض الميدان. لقد استطاع تعبئة شعب بكامل لأنه كان صادقا في مواقفه، وشجاعا في مواجهاته، ومؤمنا بما يكافح من أجله، وجاعلا مصلحة الوطن والشعب فوق كل اعتبار، لم يكن الرجل يكل أو يمل، لم تعد تعنيه مهام وزارة دولة لولا اقترانها بالإسلام لما قبل تحمل أعبائها ووضع لبناتها الأولي والتاريخ يعطيه الحق اليوم بل أصبح يعيش بالجماهير ومع الجماهير الشعبية بانتظام، وذلك للتاريخ أيضا.. ما كان يجد فيه نفسه وراحته رحمه الله فلا غرو أن يكون رائد الدستور.
علال أجاب على أسئلة الماضي والحاضر والمستقبل
إن إلحاحي لشديد على استحضار تلك المرحلة الصعبة والمضيئة في نفس الآن من تاريخنا،، لأنها تعطينا المعنى الدقيق لريادة علال الفاسي لكفاح الشعب من أجل الدستور في أجلى صورها .
سيداتي سادتي
لقد كانت خطابات رائد كفاح الشعب المدوية في المغرب من أقصاه إلى قصاه في تلك المرحلة شروحا ضافية لفصول الدستور، وفي نفس الوقت إجابات علمية وفقهية ودستورية عن طروحات الأخرين، فهو عندما يدافع عن وجوب التنصيص في الدستور على أن الإسلام هو دين الدولة، كان يجيب الآخرين الذين يقولون لا ضرورة للنص على ذلك في الدستور لأن المغاربة مسلمون بدون ذلك... ! وهو عندما يدافع عن الملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية، فلقد كان يجيب الذين يعتبرون الملكية حكما فرديا أو مطلقا، وهو عندما يتحدث عن الملك أمير المؤمنين الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة فإنه من إيمانه المطلق بحدود وطنه الحقة إلى درجة الاستشهاد، كان تفكيره لا تفارقه الأحداث الأليمة الدامية التي وقعت في فاتح أكتوبر من نفس السنة في قلعة تندوف واستشهد فيها الكثير من المغاربة، وبإباء رفض القائد ولد السالك إنزال العلم المغربي حتى أنزلته القوات الجزائرية بالقوة في الثامن من نفس الشهر فكان متجاوبا وحريصا أن يكون الملك هو الضامن للحدود الحق فهو تطويق لعنق الملك بهذه المسؤولية الجسيمة ، وهو عندما يتحدث عن اللغة العربية لغة رسمية، فلقد كان همه الأكبر إنهاء الاحتلال اللغوي الاسباني بالشمال، والفرنسي بالجنوب لإداراتنا ومؤسساتنا وحياتنا العامة.. وسواء في المدن أو القرى في السهول أو في الجبال، في الريف أو في سوس، كان خطابه واحدا.. لغة رسمية واحدة للبلاد، توحد المغاربة أجمعين بِهُويتهم ذات الطابع التعددي ولهجاتهم المختلفة التي هي رافدٌ من روافد كيان الأمة المنصهرة في
الإسلام، والتي هي أيضا مِلْكٌ للمغارية أجمعين، وهذا يفرض اختيار المغاربة أجمعين اللغة العربية لغة رسمية في الإدارات العمومية المختلفة، والحياة العامة لجميع المغاربة حتى تضمن لبلادنا سهولة الحوار، ويسر التخاطب بين أبناء الوطن الواحد.
الفصل 19 ومعنى القداسة في الدستور
لقد تعمدت تقديم هذه النماذج التي تعطى أسباب النزول لبعض فصول النص الدستوري، من خلال فكر الرائد أما إذا حاولنا استقصاء ما تحدث عنه فسنجده تناول: إقرار الحريات العامة والفردية دستوريا، ومعنى سيادة الأمة، وأهمية فصل السلط، ومسؤوليات واختصاصات وواجبات الملك، والسلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، واحترام حق الملكية والتخطيط الاقتصادي.. على أن كل النقاشات التي تثار اليوم، وكأنها فتح مبين سواء تعلق الأمر بتنظيم ولاية العهد، أو حدود إمارة المؤمنين في الفصل 19، أو تقديس شخص الملك أجاب عنها الرائد علال سنة 1962 بوضوح وصراحة وتبسط من خلال خطبه، أو من خلال محاضرته القيمة التي ألقاها بمدينة تطوان ، كما أن جريدة العلم في عدد 4777 نشرت مناقشات المجلس الوطني لحزب الاستقلال حول الدستور اذ اعتبرت الجريدة اجتماع المجلس تاريخيا وأكدت على أنه ما دامت جلسات المجلس ومناقشاته سرية فقد تم الاتفاق على نشر ملخص لتلك المناقشات المهمة .. ولتعميق توجيهات زعيمنا في تلك المرحلة أثبت هنا على سبيل المثال أحد الأسئلة المطروحة آنئذ لأنه يجيب على بعض أسئلة الحاضر اليوم وهو :
الفصل 19 التزام وليس امتيازا
سؤال: في الباب المتعلق بالملكية نجد اختصاصات الملك واسعة جدا وغير محدودة ونتساءل في هذا بالخصوص عن معنى تقديس الملك، ووراثة الملكية،
وكان الجواب هو :
جواب: إن هذا الباب يجب أن لا تنظر إليه وحده مستقلا عن بقية أبواب الدستور وإذا فعلنا ذلك فاننا نجد أنه مشتمل على اختصاصات جلالة الملك، والكثير في هذه الاختصاصات هي واجبات قبل أن تكون حقوقا، ومن ذلك امارة المؤمنين وما يتبعها من أوصاف تجعل جلالة الملك يتحمل مسؤولية كبرى كقيده بالقانون الإسلامي، ووجوب رعايته، وعدم الخروج عليه، الى آخر ما تضمنه الفصل 19 من هذا الباب: فالفصل 19 يحمل الملك واجبات مهمة، من واجباته رياسة الدولة بالمحافظة على الإسلام، وضمان دوام الدولة واستمرارها، والسهر على احترام الدستور، وصيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيآت، وضمان استقلال البلاد، وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.. كل هذه واجبات يلتزم الملك بالقيام بها وفقا لنص الدستور، ولذلك فهي ليست سلطة ينتزعها من الأمة وإنما هي تكليف تقتضيه صفته كرئيس للدولة، ورمز وحدتها وسيادتها، فلذلك وجب أن تكون للملك وسائل للقيام بهذه المهام الملقاة على عاتقه، وكل هذا لإحداث التوازن بين المؤسسات الدستورية التي هي رئاسة الدولة والبرلمان والحكومة، وكل نظام دستوري ينص بأن يكون التوازن بين هذه المؤسسات الدستورية، وأن تكون لكل منهما واجبات ووسائل للقيام بهذه الواجبات.
القدسية السياسية
اما مسألة قدسية الذات الملكية فليس المقصود هو التقديس الذي يتنافى مع الروح الإسلامية التي هي ضد الوثنية بل المقصود هو الاحترام والصيانة للملك بوصفه أميرا للمؤمنين ورمزا لسيادة البلاد والتقديس بهذا المعنى تقديس سياسي لا يتنافى مع حريات المواطن المضمونة بالفصول 6و9و10و11و12
أما بالنسبة لسن التشريع والتي يثير الآن الجدل في إطار الفصل 19 من الدستور فان علالا الفاسي كان واضحا اشد الوضوح، في محاضرته : "مارس حقك الدستوري" اذ قال: التشريع لم يعد كما كان خاصا بالملك ولكنه أصبح في يد الأمة... والملك لا يقترح التشريع وإنما يقترحه رئيس الحكومة ونواب الأمة .
ان غايتي من بسط رؤية علال للنص الدستوري في شموليته في هذا الوقت هو تسهيل الحوار فيما بيننا بخصوص النص الدستوري الذي سيقترح علينا لنضطلع بمسؤولتنا في إغناء فصوله بالضبط، والتوضيح، والتدقيق حتى يخرج في أحسن حُلَّة ليطبق على أكمل وجه.
وتلك رسالة في عنقنا وفاء لما قدمه صاحب الذكرى الذي نعتز اليوم بان التاريخ وبعد خمسين سنة أنصف فكره الوهاج، ونضاله المستميت وأصبحت اجتهاداته الصائبة منذ نصف قرن محل إجماع اليوم.
الصدف الرائعة في تاريخ أمتنا
سيداتي سادتي
أعتبر إحياء هذه الذكرى وبهذا الشعار من الصدف الرائعة في تاريخ أمتنا، لأنها فرصة ذهبية في تاريخنا السياسي والديمقراطي لاستحضار ما كنا عليه
بالأمس، وما نحن عليه اليوم، وما نأمله ونرجوه لمغرب الغد ففي الثلاثين من مارس من السنة القادمة ستكون قد مرت مائة سنة على السقطة المريعة لبلادنا، ووقوعها تحت نير الحماية والاستعمار، وعندما تعودون اليوم لقراءة حفريات عن الحركة الدستورية في المغرب قبل الحماية للزعيم علال، ستقرأونها قراءة جديدة أوضح تجلياتها ، انه لو كانت بلادنا تتوفر في ذلك الزمان على دستور يحدد سلطات الحاكمين لما وقعنا فريسة سهلة للاستعمار.
وفي السابع من دجنبر من السنة القادمة نفسها سيخلد المغاربة مرور خمسين سنة على تزويد البلاد بأول دستور في تاريخها، وعلينا كاستقلاليين أن نستحضر في تخليد هذا الحدث العظيم كفاح الرائد من أجل أن يكون يوم سابع دجنبر يوم فاصلا بين عهدين في تاريخ الوطن .. عهد اللادستور، وعهد الدستور.
وهي صدفة رائعة أيضا لأنه بخطاب تاسع مارس فتح جلالة الملك محمد السادس نصره الله ورشا وطنيا إصلاحيا كبيرا تحتاجه البلاد هو ورش الإصلاح الدستوري والسياسي، فنحن الاستقلاليين على موعد مع التاريخ للإسهام الجاد والمسؤول في بناء مغرب الغد وتحرير دستور جديد للبلاد يحقق آمال المغاربة في الديمقراطية الحق، وأيضا لنضطلع بدورنا بجرأة وشجاعة وحكمة بإعلان مذكرة الإصلاحات السياسية الواجب مواكبتها للإصلاحات الدستورية قبل عرضها، وموازاة معها، وبعد المصادقة الشعبية عليها، حتى نعيد للمشهد السياسي لبلادنا عامة والحقل الحزبي بصفة خاصة صحته وسلامته وشفافيته وتوهجه.
نبنى كما كانت أوائلنا *** تبني ونفعل مثل ما فعلوا
أيها السادة:
يوم 7 دجنبر سنة 1962 قبل حوالي خمسين سنة صوت شعبنا على أول دستور بما يكاد يشبه الإجماع، فمن حق كل استقلالي ان يفخر بتلك الثورة الفكرية، وذلك النضال على أرض الميدان الذي قام به زعيمنا علال لإقرار أول دستور بالبلاد وسط مشهد سياسي حاولت تصوير ملامحه قبل قليل.
أعطى بمواقفه القدوة والمثل
وفي اليوم الموالي يوم 8 دجنبر بما يرمز إليه هذا اليوم في تاريخ المغرب وأحداثه الدامية، ومساراته الأليمة، ووفاء ملك وطني عظيم في حجم محمد الخامس للوطنية الصادقة ورفضه التبرأ من حزب الاستقلال.. في هذا اليوم نشرت جريدة "العلم" صورة رائد كفاح الشعب في الدستور يؤدي واجبه الوطني في الاستفتاء، ولأنه في حياته رحمه الله قرن القول بالعمل، وأعطى دائما في تصرفاته القِدوة والمثل، وآمن على الدوام بأن النساء شقائق الرجال في الأحكام فقد اختار بهذه المناسبة العظيمة في تاريخ الأمة ان يتعرف الشعب المغربي ولأول مرة في التاريخ على صورة زوجته الفضلى رفيقة دربه في الكفاح والحياة للازهرة متعها الله بالعافية وهي تؤدي واجبها المقدس.
وتلك أيضا إحدى دروس الزعيم الفذ التي لا تنتهي جزاه الله عن امة الإسلام خير الجزاء وجعلنا على نهجه ودربه سائرين.
والسلام عليكم ورحمة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.