لو أن الخمسة ملايين دولار، التي عرضتها الولاياتالمتحدة مقابل رأس أسامة بن لادن عام 1998 ، قادت إلى القبض الفوري عليه وشلت القاعدة، لكانت هذه هي صفقة الألفية. وعلى فرض أن هجمات 11 شتنبر 2001 ما كانت لتحدث بدون بن لادن، وأن حربي أفغانستان والعراق ما كانت لتحدث بدون 11 شتنبر ، فإن زعيم القاعدة يكون قد كلف دافعي الضرائب الأميركيين مباشرة أكثر من ألفى مليار دولار وربما كان العبء غير المباشر أكبر بكثير. وقالت« فايننشال تايمز» إن عملية تقدير الفاتورة الجدلية ل11 شتنبر أصبحت صناعة منزلية مزدهرة. والتكاليف المباشرة للعمليتين الأفغانية والعراقية هي الجزء الأسهل. وقد حسبت هيئة الأبحاث بالكونغرس مؤخرا أن الأخير خصص 1283 مليار دولار منذ 2001 زيادة على نفقاته العسكرية المعتادة بدون التكيف مع التضخم وفوائد الديون. وتقدر الهيئة أن التكاليف سيبلغ مجموعها 1800 مليار بحلول عام 2021. وإذا خرجت القوات الأميركية من العراق وأفغانستان، كما هو مخطط وقل الإنفاق، فإن تلك التكاليف تكون كبيرة، لكنها غير معجزة، إذ أن 1283 مليار دولار أقل من 10% من الدين الفدرالي الحالي. لكن ما يسمى «الحرب على الإرهاب» ترك للولايات المتحدة أيضا التزامات جديدة قد يصعب التخلي عنها. فقد زاد الإنفاق على مكافحة الإرهاب الداخلي بعد تأسيس وزارة الأمن الداخلي عام 2002 كأول وزارة حكومية جديدة منذ إنشاء شؤون المحاربين القدامي عام 1989. تفيد دراسة حديثة أن التكلفة المباشرة لنفقات الأمن الداخلي الإضافية بين عام 2002 و2011، بواسطة الحكومة الفدرالية، كانت 690 مليار دولار بحسابات اليوم. ونفقات الأمن الداخلي الآن تتجاوز الإنفاق الأميركي لمكافحة كل أشكال الجريمة. ويقول خبراء آخرون إن حرب العراق وحدها كبدت الاقتصاد الأميركي خسارة لا يقل عن ثلاثة آلاف مليار دولار. ويجادلون أيضا بأن الإنفاق العام لتمويل الحرب انحرف عن مجالات محلية منتجة، مثل الأبحاث والتنمية، مما تسبب في تقليل الاستثمارات الخاصة. وقالت الصحيفة إن بن لادن ربما كان مسؤولا بدون قصد عن إضعاف الإطار القانوني للتجارة العالمية، وضياع الكثير من أوقات البيروقراطيين. وفي النهاية، فإن تكاليف الحربين الأفغانية والعراقية، التي أثارتها أحداث 11 شتنبر، تبين أنها كانت أكبر بكثير مما كان متوقعا، في حين أن الضرر المستمر للاقتصاد العالمي كان من المحتمل أن يكون أقل مما يُخشى. وربما يكون بن لادن قد حمل كاهل دافعي الضرائب الأميركيين تكاليف كثيرة، لكنه على ما يبدو فشل في إنهاء الرأسمالية الغربية كما نعرفها.