اهتمت الصحف الإسبانية بقرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بخصوص الامتناع عن نشر صور التقطت لزعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، بعد اغتياله على يد قوة أميركية خاصة، وتناولت بالتحليل خلفيات قرار جاء تخوفا من نتائج عسكية قد يجلبها نشر الصور التي وصفت ب»البشعة». صحيفة «الباييس» أشارت إلى إعلان أوباما عدم نشر صور جثة بن لادن لأنها «غير ضرورية لإثبات موته» ، ولا تتعدى مجرد إثارة تسبب من التوتر أكثر مما تجلب من المنافع، قائلة إنه بقراره يتحمل مخاطرة إعطاء دفع لنظرية المؤامرة، لكنه يظهر أيضا إيمانه بالثقة التي يمنحها الرأي العام الأميركي حاليا لإدارته. ونبه مراسل الصحيفة بواشنطن، أنتونيو كانيو، إلى تخوف أوباما من أن تؤدي الصور إلى اندلاع أعمال عنف أو أن تُستغل للدعاية، ورأى أنه بالنسبة لمن لا يصدقون موت بن لادن، وأن هذا يشكل دليلا على «كذب» الولاياتالمتحدة متسائلة، «هل سيغير المشككون آراءهم إذا ما رأوا الصور؟» علما بأنها التقطت للرجل بعد أن أصيب برصاصة في الرأس من بندقية من عيار كبير، ولا تقدم على أي حال صورة واضحة الملامح لزعيم القاعدة وهو ما يترك هامشا للشك في صحتها أيضا. وترى الصحيفة أنه بالنسبة لمن يصدقون رواية الحكومة الأميركية المؤيدة بالخبراء الذين حللوا الحمض النووي، «لا تضيف مشاهدة الصور إلا استعادة لمشاهد بالغة العنف». وتضيف أن المكاسب، التي يجلبها عرض الصور، تبقى ضئيلة مقابل الخسارة الفادحة، ف»الحد بين العدالة والفظاعة دقيق جدا ، ويمكن اختراقه بسهولة» ، منبهة إلى أن جورج بوش وفريقه عرضوا «بوقاحة» صور إعدام صدام حسين، بينما يفكر أوباما فيما هو أكثر تعقيدا، في الأثر الذي قد تتركه هذه الصور على أصحاب القلوب الرحيمة في كافة أنحاء العالم ، بمن فيهم من يؤيدون موت بن لادن. وترى أن هذا الانشغال مهم بشكل خاص للرأي العام في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، حيث يوجد احترام خاص للموت، وحيث ثقافة الصورة مختلفة عما عليه الحال في الثقافة الغربية. صحيف «البريوديكو» رأت في افتتاحية خصصتها للموضوع أن الولاياتالمتحدة، التي ردت على تحدي بن لادن بشن أطول حرب يخوضها الجيش الأميركي والتي في سياقها تأتي عملية القوات الخاصة في أبوت أباد، مندرجة في حرب «غير نظامية، لكنها شرعية، ويتم خوضها بعيدا عن كل الحدود التقليدية» وفق الصحيفة. ورغم مرور أربعة أيام على اغتيال بن لادن، فإن واشنطن، كما ترى الصحيفة، لا تكتفي بالامتناع عن تقديم صور أو معلومات محددة حول الهجوم عن مخبأ زعيم القاعدة، بل إنها صححت العديد من الروايات المختلفة التي صدرت عن مصادر رسمية في الساعات الأولى للعملية، حيث حصلت تناقضات حول وجود زوجته، وما إن كان مسلحا ، وهل قاوم ، وهل كانت القوة معها أوامر بقتله أو اعتقاله حيا. وترى الصحيفة أن غياب الصور، وغياب رواية متماسكة وموثقة، لن يؤدي إلا إلى تغذية التخمينات حول ما حصل . وتشير الصحيفة إلى عرض صور اعتقال الرئيس الراحل صدام حسين، وصور محاكمته وجثمانه، وكذلك صور أبي مصعب الزرقاوي، وترى أن على أوباما أن يكسر الصمت فيما يخص تفاصيل تصفية بن لادن تجنبا للتخمينات. وتطرقت صحيفة «آ بي ثي» إلى قرار أوباما عدم نشر صور جثمان بن لادن، قائلة إنه قرار أخذ من الرئيس الأميركي جهدا، لكنه يضع حدا، على الأقل في الوقت الراهن، للخلاف داخل البيت الأبيض والكونغرس وحتى «سي آي إي» حول بن لادن الذي يشغل الولاياتالمتحدة حتى وهو مجرد صورة. وتقول مراسلة الصحيفة بنيويورك، آنا غرا و، إن رئيس الاستخبارات المركزية، ليون بانيتا ، حريص على نشر صورة بن لادن، وإن حجته في ذلك هو كونها وسيلة لقطع شك أي شخص ما زال يعتقد أن بن لادن لم يقتل. وترى الصحيفة أنه من الواضح للجميع اهتمام بانيتا بالشفافية، وأيضا بإظهار هذه الإشارة الواضحة مباشرة قبل مغادرته منصبه الذي سيخلفه فيه ديفد بترايوس. وتشير الصحيفة إلى تخوف المسؤوليْن (كلينتون وغيتس) من الآثار الدبلوماسية السلبية لنشر الصور في وقت تحاول فيه الولاياتالمتحدة عقد تحالفات جديدة في العالم العربي، كما أن عرض بن لادن كما لو كان «جائزة» أحرزتها القوات الأميركية سيعرضها للانتقام أو يعرض للخطر مهمتها المعقدة في مقاومة «التمرد» بأفغانستان. ولفتت صحيفة «الموندو»، بعد الإشارة إلى قرار عدم نشر الصور، إلى وجود تخوفات من تسريبها إلى الإعلام منبهة إلى أن العديد من السياسيين والصحفيين تمكنوا من مشاهدتها. ونقلت عن عضو مجلس الشيوخ، كيلي آيوت، قولها إن سيناتورا آخر أطلعها على صور جثمان بن لادن، وتساءلت «ألموندو» إن كانت الصور بحوزة هذا السناتور؟ وهل توجد منها نسخ لدى آخرين؟ وهل تمكن حمايتها؟ وهل سيكون بوسع البيت الأبيض الدخول في سلسلة من التكذيبات حول الصور المفبركة الكثيرة المنشورة على الإنترنت؟ أم سيكتفي بأن لا دور له في أي تسريب محتمل؟ وعن طبيعة الصور، نقلت «الموندو» عن صحفيين من قناة «سي بي أس» شاهدوا الصور، قولهم إنها»بشعة للغاية». وأشارت إلى أنه بدا فيها بن لادن وبه جرح غائر في الرأس بسبب طلق ناري وتحيط برأسه أنسجة الدماغ، حيث إنه أصيب برصاصة في العين اليسرى فتحت الجمجمة وأخرجت جزءا من الدماغ. وذكرت الصحيفة أن البيت الأبيض يخاف من أن يكون لنشرها مفعول «الحريق» على بعض المجموعات، وأنه لهذا السبب يفضل استمرار الشكوك حول مقتل بن لادن على تخليد المشاعر التي قد تثيرها صورة واحدة من مقتله.