أحمد الناجي ممثل مسرحي محنك ، اقترن اسمه بمجموعة من الأعمال المسرحية و الدرامية و السينمائية،حيث قام لمدة خمس وثلاثين سنة بلعب أدوار مختلفة، وتقمص شخوصا عبرت عن عبقريته وغزارة تجربته. ابتدأت مسيرته الفنية بفرقة هواة المسرح بسلا ، ثم انتقل إلى مرحلة الشبه احتراف ليعمل بفرقة القناع الصغير رفقة الفنانين عباس إبراهيم ومحمد الجم ونبيل الحلو و آخرين . و برزت عطاءات هذا الفنان في المجال المسرحي لما التحق بفرقة الفنان المقتدر الطيب العلج، والتي سميت فيما بعد بفرقة المسرح الوطني محمد الخامس .. حيث مارس المسرح بهذه الفرقة لسنوات برزت فيها موهبته الفنية ليصير اسما لامعا من الأسماء المسرحية التي تزخر بها الساحة الفنية المغربية في ذلك الوقت . و لم تقف عطاءات أحمد الناجي عند هذا الحد ،بل برز اسمه كذلك ضمن قائمة الأسماء الفنية التي أمتعت الجمهور المغربي بتمثيليات إذاعية رائعة لا يزال الجمهور المغربي يتذكر تفاصيلها . ويعد أحمد الناجي من بين الفنانين الأساسيين الذين ساهموا في تطوير وتجويد العمل المسرحي من خلال أدواره المسرحية بفرقة مسرح فنون و التي يرأسها الأستاذ أنور الجندي ونحن نحتفل باليوم العالمي للمسرح هل يمكنك أن تطلعنا على واقع المسرح المغربي اليوم ؟ أظن أن واقع المسرح المغربي لا يبشر بغد أفضل ، مع الأسف الشديد فهو واقع مرير و سيء للغاية، وقد بدأ هذا التردي و ظهرت الرداءة المسرحية بعد أن اعتمدت الوزارة سياسة دعمها للعديد من الأعمال المسرحية غير المؤهلة لتمثيل المسرح المغربي على الركح ، وهذه النتيجة كانت حتمية نظرا لأن بعض المشرفين على عمليات الدعم لم تكن لهم لا من قريب و لا من بعيد، علاقة بالمجال المسرحي، و بالتالي فقد اختلطت الأمور وأصبح من هب و دب يطلب دعما لإبداعه المتواضع ،و يختار طرقا ملتوية للوصول إلى الدعم ،مما يضطر لجنة الدعم إلى منحه دعما لا يستحقه بالنظر إلى رداءة إبداعه . من جهة أخرى يمكنني الجزم أن فن المسرح المغربي ،تفتت مبادئه بعد رحيل جيل من المبدعين و التخلي عن البعض منهم و عن إبداعاتهم . فهؤلاء الذين تشرفت بالعمل مع الكثير منهم كانوا يمارسون الفن المسرحي من أجل المسرح، يشتغلون على أعمال مسرحية تتسم بنكران الذات ، و لا ينتظرون الشكر أو المكافأة من أحد ، بل كانوا يأخذون ملابس التمثيل من بيوتهم للعب بها على خشبة المسرح، ويساهمون من جيوبهم في أعمالهم المسرحية . الآن، ماتت الفرق،وساد الارتزاق، ولم يعد المسرح يلعب دوره الأخلاقي والتربوي و الفني ، و أصبحت المادة هي المحرك الأساسي لكل مبادرة فنية . هل انعكست هذه الوضعية على الحالة الاجتماعية للفنان المسرحي المغربي ؟ بالفعل لقد انعكس هذا التردي على الفنان المسرحي المغربي ، و أخص بالذكر الجيل الذي أنتمي إليه ، فكثير منهم لم تعد حالته تسر كل غيور على الفن و الفنانين ، فلقد تابعتم خلال السنوات الأخيرة مجموعة من الحالات التي عانت نتيجة عوزها المادي ، بل إن البعض منها توفي نتيجة عدم قدرته على مواصلة العلاج باهظ الثمن، و البعض الآخر غادر دار الدنيا و في قلبه غصة "الحكرة " التي تعرض لها من قبل المشرفين على المجال الفني. أيحدث هذا رغم حصولكم على بطاقة الفنان ؟ يا سيدي ..بطاقة الفنان سلمت لكل من هب ودب...لقد فاجأني يوما ماسح أحذية سحب من جيبه بطاقة فنان و قال لي " آسي الناجي واش عندك بحال هذي " ، كما أن هذه البطاقة قزمت تاريخ كل فنان حقيقي في مدة صلاحيتها المحددة ،فهي في نظري مجرد بطاقة لا أقل و لا أكثر ... إذ لا تضمن أي حق و لا توفر أي امتياز ، وإن كان المنطق يقتضي أن تضمن حق الشغل على الأقل، فهذا غير وارد لكون الباب في هذا الصدد بقيمفتوحا على مصراعيه لغير حامليها من الدخلاء وسماسرة الكاستينغ، الذين أغلقوا في وجهنا الباب و فتحوه في وجه الدخلاء في كل مكان حتى في القنوات التلفزية و الإذاعة. ألم يعد المجال مفتوحا أكثر في وجهكم على مستوى القنوات التلفزية؟ من قال إن المجال مفتوح للفنان المسرحي المغربي و الطريق معبدة له نحو القناتين، و أخص بالذكر الجيل الذي اشتغلت إلى جانبه، فهو يجانب الصواب بادعائه ، فأنا مثلا لم يسبق لي طوال حياتي المهنية أن شاركت في عمل من أعمال القناة الثانية ، سواء فيما يتعلق بالأعمال المسرحية أو الدرامية،بل أكثر من هذا ، لم يسبق لي يوما حتى ولوج مقر القناة الثانية و بالأحرى المشاركة في أحد إنتاجاتها . ما سبب ذلك في نظرك ؟ العلم لله ... لقد سبق لي شخصيا أن استفسرت عن هذا الأمر و لم أتلقى أي جواب ، وسبق أن تم اقتراحي من قبل مجموعة من الزملاء كي أكون ضيفا على برنامج مسار ، ولحد الآن لم تتم الاستجابة لمطلب الزملاء ....هي أمور غريبة مجهولة تتحكم في الوضع داخل هذه القناة . كلمة أخيرة ؟ أريد أن أوجه نداء إلى كل الغيورين على الفن المسرحي و على الفنانين المسرحيين المغاربة الأقحاح، من أجل وضع حد لهذا التدهور الذي يعيشه المسرح المغربي شكلا ومضمونا، نتيجة لفقر البنيات التحتية للفرق المسرحية، التي تحتاج إلى مركبات ثقافية تحتضن أنشطتها المسرحية بمختلف المدن المغربية... وكذا لإيقاف نزيف التمييع الثقافي الذي يقف عائقا رئيسا أمام إبداع بمواصفات الجودة ، وخاصة المسرح المغربي.. الذي كان إلى وقت قريب مفخرة المغاربة ومضرب مثل الفرق العربية الرائدة في مجال المسرح .