شهدت الأقاليم الجنوبية بعد استرجاعها من الاستعمار الإسباني تطوراً كبيراً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعمراني، كان أبرز معالمه ظهور مراكز حضرية استطاعت أن تتوسع مع السنين لتصبح مدنا تماثل المدن القديمة الموجودة في باقي جهات المملكة، وأيضا ارتفاع مستوى المعيشة، وتحسن مؤشرات التمدرس والصحة، وأضحت الأقاليم الجنوبية للمملكة أقطابا اقتصادية وعمرانية تتوفر على جميع المؤهلات التي تجعلها تتطور بوتيرة سريعة في المستقبل المنظور، وفي هذا الإطار يؤكد «تقرير التنمية البشرية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية»، أن الوزن الاقتصادي لهذه الأقاليم أصبح يتجاوز وزنها الديمغرافي البالغ 2,7 % من إجمالي عدد السكان، حيث تمكنت الجهات الثلاث، برسم سنة 2004، من تعزيز مكانتها في الاقتصاد الوطني بحوالي 4% من الإنتاج الوطني، وهو ما يمثل قيمة إجمالية تعادل 30 مليار درهم، وولّد النشاط الاقتصادي قيمة مضافة فاقت 19 مليار درهم، أي حوالي 4,3% من القيمة الوطنية، وساهمت جهة كلميمالسمارة بحوالي 44%، مقابل 35% بالنسبة لجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء. ويبرز التقرير المذكور أن البيانات المشار إليها تظهر نجاح الجهات الجنوبية في المجال الاقتصادي، الذي يعكسه ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2004، الذي تجاوز المتوسط الوطني، خصوصا في جهة واد الذهب الكويرة، وفي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، في حين أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بجهة كلميم، السمارة، اقترب من المتوسط الوطني. ويشير التقرير إلى أن كتلة الأجور في الجهات الثلاث ماتزال تعتمد على الرواتب التي يتم صرفها من قبل الإدارة العمومية، ومع الأخذ بعين الاعتبار أطر قطاعي التعليم والصحة، فإن الإدارة العمومية تصرف حوالي 8 ملايير درهم لفائدة الأجور، أي مايعادل 84% من أجور جميع العاملين في الجهات المذكورة، ومن المتوقع أن تعرف القطاعات الأخرى تطوراً مهما خلال السنوات المقبلة، وخصوصاً النشاط التجاري، وهو مايمكنه المساهمة في تقليص الهيمنة التي يفرضها قطاعا التعليم والصحة على مستوى الاعتمادات المتعلقة بالأجور الموجهة من قبل الإدارة العمومية.