تؤكد جميع المؤشرات أن الأقاليم الجنوبية للمملكة عرفت تطورا كبيرا، في جميع المجالات ، بعدجلاء المستعمر الإسباني وعودتها إلى أرض الوطن ، فقد تحسنت الخدمات المقدمة للمواطنين في ميادين الصحة والتعليم والماء والكهرباء، وتقلصت مستويات الفقر والبطالة ، وسجلت البنيات التحتية الأساسية طفرة نوعية، وهو ما جعل هذه الأقاليم في موقع متقدم ، على مستوى مؤشر التنمية البشرية، بالمقارنة مع باقي الأقاليم .. وفي هذا الإطار تشير المعطيات المضمنة في تقرير حول «التنمية البشرية في الأقاليم الجنوبية للمملكة : المكتسبات والأفاق » إلى معدل تطور مؤشر التنمية البشرية في هذه الأقاليم يفوق النسبة المسجلة في باقي جهات المملكة، مبرزة أن هذا المعدل كان في سنة 1975 عندما عادت هذه الأقاليم إلى أرض الوطن 0.408 وهو يعادل ماكان مسجلا في البلدان الأقل تقدما ، بالرغم من أنها كانت محتلة من قبل إسبانيا التي كان مؤشر التنمية البشرية يبلغ 0.870 ، وهو معدل مرتفع . وفي هذه المرحلة بالضبط كان مؤشر التنمية في الأقاليم الجنوبية يقل ب6 في المائة عما هو موجود في المغرب بشكل عام ، وبنسبة 51 في المائة عماهو موجود في إسبانيا .. وكانت معطيات هذا التقرير الذي يتزامن نشره مع إطلاق جلالة الملك محمد السادس للورش الكبير للجهوية الموسعة، قدمت على هامش الدورة ال 13 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مارس الماضي بجنيف. وتفيد المعطيات التي قدمها إيمانويل ديركس دو كاستيرلي، ممثل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي سابقا ، يوم الاثنين بالرباط، أن الكثير من المرافق الاجتماعية والبنيات التحتية الأساسية كانت منعدمة أو شبه منعدمة، عندما استرجع المغرب هذه الأقاليم ،خصوصا تلك المرتبطة بقطاعات التعليم والصحة والطرق والماء والكهرباء ، مشيرا إلى أن معدل البطالة ، على سبيل المثال ، كان يفوق 50 في المائة .. ويوضح التقرير الذي تم إنجازه لفائدة وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية، أنه بعد مرور حوالي عشر سنوات ، أي في سنة 1985 ، انتقل مؤشر التنمية البشرية في هذه الأقاليم إلى 0.520 ، وهو ما يعادل متوسط مجموع البلاد ، كما أن الفارق بينها وبين إسبانيا تقلص بنسبة 40 في المائة . ومنذ بداية التسعينيات من القرن الماضي أصبحت هذه الأقاليم ، إلى جانب الدارالبيضاء الكبرى والرباط سلا زمور زعير ، الجهات الوحيدة التي يفوق فيها مؤشر التنمية البشرية المعدل الوطني ، وهو معطى أكده التقريران الوطنيان لسنتي 2003 و2005 حول التنمية البشرية المنجز بشكل مشترك من قبل المندوبية السامية للتخطيط وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وواصل هذا المؤشر تطوره بوتيرة مرتعة بلغت 2.3 في المائة سنويا مابين 2004 و2006 ، وهو ما سيمكن هذه الأقاليم من تجواز سقف 0.800 الذي يعتبره برنامج الأممالمتحدة الإنمائي مؤشرا مرتفعا خلال حوالي خمس سنوات ، كما أن مستوى المعيشة تضاعف مابين سنة 1984 وسنة 2004 ، في حين أن معدل الفقر انخفض من 4ر29 بالمائة، أي الأكثر ارتفاعا ، إلى 8ر9 بالمائة ، أي الأكثر انخفاضا في المغرب . ويظهر من هذه المعطيات المجهود الذي بذلته السلطات العمومية خلال العقود الماضية مكن هذه الأقاليم الجنوبية تحقيق اندماجها بشكل كامل في النسيج الاقتصادي والاجتماعي الوطني، ويبرز التقرير أن هذه النتائج تحققت بفضل السياسة الناجحة التي نهجها المغرب من أجل النهوض بهذه الأقاليم ، ومعالجة مظاهر النقص والخصاص التي ظلت تعاني منها في مختلف المجالات وهو ما جعلها مناطق جذب للاستثمار والاستقرار السكاني ..