قال خالد الناصري، وزير الاتصال، إن الحكومة المغربية ستتعامل بكثير من الاطمئنان، إزاء الاحتجاجات المتحضرة المرتقبة ، لكونها احتجاجات عادية، حيث سبق أن تفاعلت معها دوما الحكومة، بارتياح وأريحية. وأوضح الناصري، في معرض جوابه على أسئلة « العلم»، في مؤتمر صحافي عقده ، أول أمس الثلاثاء ، عقب انتهاء أشغال المجلس الحكومي بالرباط، أن الحكومة تتعامل بانفتاح كبير مع المطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشباب المغربي. و يستشف من جواب الناصري، أن الحكومة لن تمنع دعوة بعض الشباب على مواقع إلكترونية المغاربة، إلى التظاهر المتحضر والسلمي يوم الأحد المقبل، علما أن هؤلاء الشباب، لم يضعوا طلبا لدى السلطات، لتحصيل تصريح بالتظاهر، تحت يافطة جمعية أو حزب سياسي ، أو منظمة نقابية ، وبأجندة مطلبية تنسجم والتوجه المرجعي لهم، ولربما وقعوا تحت طائلة تأثير الصور الإعلامية لما جرى ويجري في بعض بلدان الوطن العربي والمسلم. وأكد الناصري أن ميزة المغرب أنه بلد يواجه مشاكله في نطاق تفاعل عميق مع المؤسسة السياسية، حيث فسح المجال رحبا أمام كل أشكال التعبير المتحضر، ما جعل المغرب يظهر في الوطن العربي كحالة استثنائية، أو حالة متفردة، إذ تم التعامل مع المطالب، بإجراء إصلاحات ضخمة قادها جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش، في تناغم تام مع نبض الشارع، مستندا في ذلك على ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة، من قراءة متأنية لماضي انتهاكات حقوق الإنسان، أمام الرأي العام الوطني والدولي، حيث لم تقم دول أخرى، مصنفة ضمن خانة الدول المتقدمة صناعيا، والمتقدمة ديمقراطيا من فتح صفحة الماضي، مشيرا إلى أن جلسات الاستماع للمنتهكة حقوقهم ، أو لذويهم ، وجبر الضرر الفردي والجماعي، علاوة على تعديلات الدستور، وآخرها دستور 1996، ومباشرة الإصلاحات العميقة، منذ عهد حكومة التناوب التوافقي سنة 1998 ، إلى الآن، حيث تعرف وتيرة تطور مطردة، إلى أن تحقق نهضة شاملة. وأضاف الناصري أن الحكومة لا تكتفي فقط بالإنصات إلى مطالب الشباب، ولكنها تتفاعل بإيجابية معها، وتشتغل لإيجاد حلول عملية لها، مبرزا مع ذلك ، أن لا أحد يشك في مشروعية المطالب الاقتصادية،والاجتماعية والسياسية لهؤلاء الشباب، وأنها مطروحة في الأجندة الوطنية، حيث يتم التعامل معها بانفتاح كبير . وقال الناصري بهذا الخصوص « سنستمع لهذه المطالب وهناك حركية في اتجاه الاستجابة لها كي لا يقال إننا نكتفي بالاستماع ، بل نتفاعل معها من أجل العمل جميعا لبناء الديمقراطية المغربية المتفردة ، التي تمثل المدخل للعدالة الاجتماعية ، ومحاربة الفقر، والقضاء على الرشوة، وتحسين المشهد السياسي، لأننا نثق في الروح الوطنية ، وتماسك أفراد الشعب المغربي، وفي مقدمتهم الشباب الذين لا يشك أحد في التحامهم بالقضايا الوطنية الكبرى، ممثلة في استمرار التعبئة الوطنية للدفاع عن القضايا الكبرى ، من قبيل تحصين الوحدة الترابية، وترسيخ الديمقراطية والبناء المؤسساتي في ظل مناخ الاستقرار الذي تنعم به البلاد». ونفى الناصري أن يكون الاجتماع ، الذي رأسه عباس الفاسي، الوزير الأول ، يوم الاثنين، مع الأمناء العامين للأحزاب الممثلة في البرلمان، من أغلبية ومعارضة ، له علاقة بما جرى ويجري في بعض البلدان العربية، خاصة تونس، ومصر، مؤكدا أن اللقاء كان ضمن أجندة الوزير الأول، لكنه تأخر تنفيذه لازدحام في الأجندة، مشيرا إلى أنه ليست المرة الأولى، التي عقد فيها الوزير الأول عباس الفاسي، لقاءا مع قيادات حزبية. وقال الناصري، إن الأحزاب السياسية تحدثت بكثير من الانفتاح والمسؤولية وروح الوطنية خلال ذلك الاجتماع، حيث توخى الاستماع للأغلبية من أجل الحفاظ على التماسك الضروري لعمل الحكومة، وكذا لأحزاب المعارضة، وذلك انطلاقا من مرجعية كل حزب سياسي بما يخدم المصلحة العليا للبلاد. وأضاف الناصري أن ذات الاجتماع، الذي يدخل في سياق عادي لتدبير المؤسسات بشكل ديمقراطي، طرح بدون استثناء كل القضايا التي تهم حاضر ومستقبل المغرب ، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو غيرها، إذ همت هذه القضايا، بالإضافة إلى تطورات قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، بما يتهددها من مناوشات من عدة جهات معلومة، وأخرى مجهولة، تحضير مشاريع القوانين الانتخابية، وكذا القوانين المرتبطة بقطاع التشغيل، والصحة، مضيفا أن المجلس الحكومي استمع أول أمس الثلاثاء إلى عرض قدمه الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي ، حول فحوى اللقاء الذي أجراه مع الأحزاب السياسية، للتداول في مختلف القضايا السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية المطروحة لبحث أمثل السبل، وأنجع الآليات لمعالجتها، مشيرا إلى التدابير العملية والإصلاحية التي باشرتها الحكومة في هذا المجال، معلنا قرب عقد الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية لقاء مع الأحزاب السياسية في الأغلبية والمعارضة، لمناقشة القوانين الانتخابية، للوصول إلى توافق بشأنها. وأكد الناصري أن هناك وسيلتين للتحضير للعمليات الانتخابية، الأولى تتمثل في وضع الحكومة مساندة بأغلبيتها، مشاريع القوانين الإنتخابية، على أنظار البرلمان، لمناقشتها والتصديق عليها، حيث ينتهي الأمر، سواء قبل طرف أو غضب طرف ما، وهناك وسيلة ثانية، تتوخى التوافق بين كافة الأحزاب السياسية، حيث يتم نقاش هادئ حول مشاريع تلك القوانين، وتعرض على أنظار البرلمان، لتعميق النقاش، واعتماد تعديلات، بينها ماهو جوهري، كما حصل في السابق ، ثم التصديق عليها لتطبيقها، والحكومة فضلت الطريقة الثانية ، لما لها من مزايا سياسية . وقدم الناصري توضيحات حيال القرار الحكومي الرامي إلى ضخ 15 مليار درهم في صندوق المقاصة، والتصديق على مشروع قانون يسمح لموظفي كتابة الضبط التمتع بنظام أساسي خاص ، وتغيير إجراء إداري يسمح للحكومة بتوظيف عاطلين عن العمل دون إجراء مباريات كما نص على ذلك القانون . وقال الناصري إن الحكومة راعت الجانب الاجتماعي، وضخت 15 مليار درهم إضافية لصندوق المقاصة ، الذي خصص له من ميزانية 2011 ، 17 مليار درهم ، ليعادل مخصصات السنة المالية السابقة بإجمالي وصل إلى نحو 32 مليار درهم ، وذلك لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية ، حتى لا تتأثر بانعكاس الارتفاع الصاروخي لبرميل النفط، ولأسعار الحبوب، في الأسواق الدولية ، خلافا لما قامت به جميع الدول ، بما فيها المنتجة للنفط، حيث عكست الارتفاع الصاروخي للأسعار على سوقها الداخلي، مضيفا أن الحكومة ملزمة مؤسساتيا وسياسيا الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين خاصة الأكثر فقرا ، مبرزا أنه سبق وأن أوضح للصحافيين، في مؤتمر سابق، أن الحكومة قلصت من ميزانية التسيير بنسبة 10 في المائة، لترشيد سير الإدارة، تحسبا لطوارئ اجتماعية، في إشارة إلى توقف الوزارات، والإدارات على شراء أو كراء مبان جديدة، تحتاجها لعملها، أو شراء سيارات للتنقل، أو تقديم تعويضات لتنقل الموظفين، داخل وخارج البلاد، وكذا تقليص ساعات استعمال الهواتف. وأكد الناصري أن المجلس الحكومي، صادق برئاسة الأستاذ عباس الفاسي، الوزير الأول، على مشروع قانون يسمح بتمتع موظفي كتابة الضبط بنظام أساسي خاص، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية السامية في خطاب 20 غشت 2009، الذي أكد فيه جلالة الملك محمد السادس، على ضرورة مراجعة النظام الأساسي للقضاة، في ارتباط مع إخراج القانون الأساسي لكتاب الضبط، مشيرا إلى أن ذلك يعد جزء من منظومة ورش إصلاح القضاء. وأوضح الناصري أن النص السالف الذكر، هم تعديل المادة الرابعة من القانون الأساسي بما يسمح بتمتع موظفي كتابة الضبط بنظام أساسي خاص، بهم، معلنا ان النقابة الوطنية للعدل المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، ستوقف الإضراب الذي شل المحاكم، إذ التزمت الحكومة بمباشرة إجراءات صرف المبالغ المستحقة للموظفين عن سنة 2010 وبشكل فوري، إلى جانب صرف تعويضات الحساب الخاص المستحقة خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2011 بداية شهر يوليوز المقبل، مؤكدا أن الحكومة التزمت ووفت، وأنزلت الاتفاق أرض الواقع. وبخصوص الإجراء المتخذ حيال عملية توظيف العاطلين عن العمل بشكل مباشر، كما السنة الماضية، قال الناصري إن الحكومة صادقت على بعض الإجراءات الإدارية التقنية، قصد تسهيل عملية توظيف العاطلين عن العمل بداية مارس المقبل، دفعة واحدة، دون المرور بإجراء المباريات، كما سبق وأن نص على ذلك قانون الوظيفة العمومية.