أكد الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أن المغرب في منأى عن الهزات الاجتماعية السياسية، التي عصفت بأنظمة عربية، مستندا في ذلك على رزنامة دينامية الإصلاح السائدة بالمغرب، في إطار تلاحم متين بين العرش العلوي والشعب، مؤكدا أن المغرب يستطيع مواجهة تحديات المستقبل بقوة ومناعة أكبر. وقال الفاسي الفهري إن المغرب ما فتئ يلح على ضرورة اندماج اقتصاديات الدول الخمس للمغرب العربي، الذي ستمكن من تسريع وتيرة التنمية ، واستفادة الشباب من فرصها، في إشارة إلى ضياع قرابة 2 في المائة من الناتج القومي الداخلي الخام للدول المغاربية برمتها، الذي يصل في إجماله إلى قرابة 400 مليار دولار سنويا. وأوضح الفاسي الفهري أن شعوب المغرب العربي أدت ثمن عدم قيام الاتحاد المغاربي للدول الخمس ، مشيرا إلى أنه لو كان الاتحاد المغاربي قائما، لما وقع ما وقع في تونس . وأضاف الفاسي الفهري، الذي حل ضيفا على برنامج خاص، أعده الصحافي محمد رضا الليلي، بالقناة الأولى، مساء أول أمس الاثنين، في الساعة الخامسة والنصف، وتم بثه ليلا بذات القناة، أن الجزائر عرقلت بناء المغرب العربي، لموقفها غير المنطقي حيال نزاع الصحراء، حيث تؤوي الانفصاليين، وتقدم لهم الدعم الكامل، فوق أراضيها، وتحرضهم أيضا على زعزعة استقرار المغرب ، مشيرا إلى التكتيك الجديد الذي نهجه فلول الانفصاليين في مخيم ضواحي العيون لكن ظنهم خاب. وأكد الفاسي الفهري أنه رغم الأزمات التي يشهدها العالم اليوم، فإن وتيرة الإصلاح بالمغرب تتقدم يوما عن يوم، وهناك إرادة لتحديث الاقتصاد ، عبر إنجاز أوراش كبرى في مجالات عدة، من قبيل إرساء البنيات التحتية، وتطوير قطاع الاتصالات، وتطبيق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، لإدماج كافة الجهات في جهود التنمية ، مبرزا أن المغرب كان سباقا إلى القيام بالعديد من الإصلاحات التي مكنته من الحصول على «الوضع المتقدم» في إطار علاقاته مع الاتحاد الأوروبي. وتحدث الفاسي الفهري عن المنهجية الجديدة في دفاع الطرف المغربي المفاوض حول، حل الحكم الذاتي في ظل سيادة المغرب على كافة أراضيه، موضحا أن المقترح المغربي هو تقرير للمصير، يتطابق والشرعية الدولية. وأشار الفاسي الفهري إلى أن هيئة الأممالمتحدة، حلت قرابة 60 ملفا عويصا، من أصل 64 ، بخيارات متنوعة، من خلال التوافق على حل سياسي واقعي، من قبيل الحكم الذاتي، فيما اعتبرت خيار الاستفتاء، غير قابل للتنفيذ ومتجاوز، لوجود إشكالية تحديد هوية من له حق التصويت. وحذر الفاسي الفهري بعض الجمعيات الحقوقية من السقوط في خطأ فسح المجال لبعض الأصوات الداعية إلى انفصال الصحراء، لأنهم بكل بساطة يشتغلون بأجندة سياسية خارجية لحكام الجزائر، وليس وفق قناعات حقوقية، مستندا في ذلك على ما جرى في مخيم ضواحي العيون، حيث تم التخطيط لذلك عبر الدعم الإعلامي الجزائري والإسباني، وتنسيق الجهود بين نشطاء، ادعوا حين دخلوهم التراب المغربي، أنهم مجرد سياح، والتقوا في فنادق محددة، و خططوا لكيفية تحويل المطالب الاجتماعية، إلى شغب وفوضى، وقبل ذلك عمدوا إلى ترويج افتراءات تزعم أن المغرب قام بإبادة عرقية في حق المنحدرين من الصحراء، وقدموا حصيلة وفيات وهمية، وصور أطفال غزة، وجرائم عادية وقعت في مدينة الدارالبيضاء، وأسماء مواطنين توفوا، وهم أحياء، لكن ثبت أنها مجرد كذبة ، من أجل استغلال ملف حقوق الإنسان، بشكل مغرض، وهو ما فطن له الرأي العام الوطني، كذا المنتظم الأممي الذي تابع عن كثب ما جرى. وأكد الفاسي الفهري أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية تمثل الحل الوحيد لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء، معتبرا إياها « أفضل جواب ديمقراطي»، لأنها توفر كل الضمانات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، مؤكدا قدرة المغرب على تفعليها، خاصة وأنه مقبل على تجربة الجهوية الموسعة ، ستبدأ إن شاء الله من جهة الساقية الحمراء ووادي الذهب، وإحداث وكالة تنمية خاصة بهذه الجهة، وذلك وفق خطب جلالة الملك محمد السادس. وأوضح الفاسي الفهري أن هذه المبادرة التي تمت بلورتها بمشاركة شيوخ القبائل الصحراوية، والقوى السياسية لقيت ترحيبا من طرف مجلس الأمن الدولي، لأنها تتطابق مع الشرعية الدولية، وتنسجم مع دعوات المجلس، والجمعية العامة للأمم المتحدة، وهيآت أخرى من أجل السعي إلى التوصل إلى حل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء. وسجل الفاسي الفهري في المقابل، أن الجزائر وجبهة البوليساريو، فضلا الوضع الراهن، وسعيا إلى التشويش على الموقف المغربي، من خلال مخطط يرمي إلى الاستغلال المغرض لملف حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية، كما ظهر ذلك من خلال الحملة الإعلامية التي قام بها أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية، بخصوص عملية تفكيك مخيم اكديم ايزيك في ضاحية مدينة العيون. وإن كان الفاسي الفهري، نفى وجود علاقة بين تنظيم القاعدة بشمال إفريقيا، ونظام الجزائر، وقادة البوليساريو، فإنه قدم توضيحات شافية حول التقاء أهداف كل واحد منهم، وقال بهذا الخصوص» هناك تطابق مصالح بين الأطراف الثلاثة، إذ يقومون بالتشويش على المغرب من أقاليمه الجنوبية، التي شهدت نموا مطردا في مجال التنمية، ويحاولون إضعاف الأجهزة الأمنية المغربية»، مستندا في ذلك على تفكيك خلية إرهابية سمت نفسها « فتح الأندلس» سنة 2008 ، وأخرى سمت نفسها « المرابطون الجدد» سنة 2009 ، فالمفككة أخيرا بمنطقة أمغالا سنة 2010 ، لذلك كله سعى المغرب إلى الدفاع عن أمنه واستقراره، رغم جميع المناورات، مؤكدا أن الحرب الإعلامية على المغرب قائمة من قبل وسائل الإعلام الإسبانية والجزائرية، مستغربا التحريف وغياب الموضوعية في تناول قضايا المغرب، معتبرا ذلك مسا بإستقرار الضفة المتوسطية. وقال الفاسي الفهري» إن الجزائر والبوليساريو لهما مصلحة على إبقاء الوضع على ماهو عليه «، مبرزا أن ذلك يصب في مصلحة تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي يستفيد من الوضع القائم في المنطقة . واستغرب الفاسي الفهري تصرف الحكام الجزائر، معتبرا أنه في يوم ما سيفهمون أنهم أخطأوا في حق المغرب، مبرزا أن المنتظم الدولي يجهل بتاتا أي قانون يسري على سكان مخيمات تندوف الموجودة فوق التراب الجزائري، هل هو قانون الدولة الجزائرية التي هي مسؤولة عما يجري هناك من قهر، وتسلط، وخرق سافر لحقوق الإنسان. وأوضح الفاسي الفهري أن النظام الجزائري، لو أراد تطبيق القانون، واحترام حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، لسمح للمفوضية العليا للاجئين، إحصاء عدد سكان المخيمات، أولا، وثانيا تحديد هويتهم، هل هم فعلا منحدرين من صحراء مالي أو موريتانيا، أو الجزائر، أو المغرب، أو دولة أخرى بمنطقة الساحل، أو بغرب إفريقيا، أم منحدرين من كوبا، أو جنوب إفريقيا، مشددا على أن الديمقراطية، وحقوق الانسان، يفهمها أيضا الإعلاميون الاسبان، ولكن لا أحد منهم وضع على نفسه سؤالا واحدا هو لماذا ترفض الجزائر عمل المفوضية العليا للاجئين، من خلال حديثها رأسا لراس مع كل قاطني المخيمات، لمعرفة هل يريد البقاء هناك، أم العودة إلى وطنه الأم، المغرب، أو التجوال شمال الجزائر، أو في وسطها، أو غربها»، لذلك توجد هناك انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، وأول حق للإنسان، هو حرية التنقل والتجوال. وتحدث الفاسي الفهري عن القرارات التي اتخذها المغرب لبث الدفء إلى المغرب العربي، وعودة روح العلاقات الطبيعية مع الجزائر، من خلال تجديد طلب فتح الحدود البرية، وعبر عقد لقاءات قطاعية ، بمعزل عما جرى من تدخل سافر للجزائر في الصحراء، معلنا قرب عقد زيارات متبادلة على المستوى الحكومي، دون تقديم تفاصيل.