هيأ لنا "مجلس الجالية المغربية بالخارج" و"الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع" فرصة ثمينة للاجتماع طيلة ثلاثة أيام مع البعض من حوالي مائتي صحافية وصحافي مغربي يعملون في الخارج. يتعلق الأمر بكتلة من مغاربة العالم تتألف أساسا من الشباب. ( 62 % منهم تتراوح أعمارهم ما بين 35 و49 سنة) .وهم نساء ورجال، حاصلون على مؤهل جامعي، يعملون في السمعي البصري غالبا، وفي الصحافة المكتوبة ووكالات التواصل. وهم في الغالب صحافيون ( 64 %). ولكن منهم مؤطرون ومكونون. هم منتشرون في قارات الدنيا الخمس، من كندا إلى الدينامارك إلى الخليج، فضلا عن أوربا الغربية. ومن معلوماتي القديمة أنه كانت بأستراليا صحافية كانت لها محطة إذاعية. دفعت هؤلاء وأولئك إلى المغادرة ظروف سلبية، ( 70% الاستياء من ظروف العمل ماديا أومعنويا) ونعرف حالات كانت قد لقيت تعاطفا في وقتها في وسط الرأي العام. المعطى البارز الذي خرجت به من هذا اللقاء هو أن 98 % ممن شاركوا في الاستطلاع الذي أنجز بشأنهم، يفكرون في العودة إلى بلادهم. ومنهم من يريد أن يعود ليعمل صحافيا، وهم حوالي 37 %. ومنهم من ينوي اقتحام ميدان الاستثمار لإنشاء مقاولته الخاصة. وهذا المعطى المتعلق بالعودة، هو الذي هيمن على خاطري، طيلة اللقاء، لأنه يدل على شيء واضح، وهو أن هؤلاء، و 57 % منهم، كانوا قد غادروا منذ 1995 ثم في 2000و 2004، يعرفون أن الظروف الآن قد تغيرت. أي أنه في الإمكان أن يراهنوا على أن الأوضاع ستزداد تحسنا. إن عوامل الدفع إلى الأمام تزداد رجحانا ، سواء في الداخل ? حيث لن يقبل المغاربة أي شكل من أشكال العودة إلى الديموقراطيا المغشوشة، أو في المنطقة - ويكفي أن نستحضر ما وقع في تونس ومصر- وفي العالم، حيث لم يعد مقبولا التساهل مع أساليب الكبح والخداع - ويكفي أن نستحضر ما تتعرض له وزيرة الخارجية الفرنسية من انتقاد بسبب مغازلة غير محسوبة. إن هؤلاء 98 % الذين يفكرون في العودة، يرون أن المسار الذي انخرطت فيه بلادهم يبعث على الاطمئنان. وأنه في مجال الإعلام، كما في مجالات أخرى، هناك تقدم نحو الأمام. وأن المناخ أصبح يسمح بتنفس هواء أقل تلوثا، وأن المنطق العام يعمل عمله في تثبيط أولئك الذين تخامرهم العودة إلى التعاسة التي خرجنا منها. ولابد أنه بعد تونس ومصر سترتفع عندنا سرعة "الانتقال الديموقراطي" الذي بدا أحيانا أنه يتثاءب، بعد أن كنا السباقين إلى الانخراط في منطق التغيير، واقتحمناه بأدواتنا وبديناميتنا الخاصة. إن هذه الاعتبارات توجد خلف الثقة التي تدفع زملاءنا في المهجر إلى التفكير في العودة، للمشاركة في دفع الأمور إلى الأمام، في كنف التفاؤل والثقة بالنفس، والتناغم مع منطق العصر والعالم. 6 فبراير 2011