إلى جانب تغطيته المتواصلة للأحداث، فإن الإعلام الإسرائيلي منشغل بالتحليل ووضع السيناريوهات للنظام الجديد. ويواصل الإعلام تقديم النصح للقيادة الاسرائيلية وحثها على ضبط النفس وعدم التسرع في اتخاذ مواقف حازمة وداعمة للحليف والصديق مبارك، تحسبا للتغيير المرتقب. وإذا كان المحللون السياسيون في وسائل الإعلام الإسرائيلية منهمكين بقراءة المشهد الحزبي والسياسي في مصر، فإن تركيزهم يذهب خصوصا نحو «الإخوان المسلمين » . فيما يتعلق بموضوع نقل الجيش المصري لكتيبتين من قواته إلى شبه جزيرة سيناء، يرى بعض المحللين العسكريين أنها خطوة يجب التعامل معها بحذر، وإن تمت بالتنسيق وموافقة القيادة الإسرائيلية. صحيفة «يديعوت أحرونوت» أبرزت في صفحتها الأولى تغطيتها للدور المرتقب ل«الإخوان المسلمين»، واعتبرت المرحلة فاصلة وبمثابة "يوم الحساب" لنظام مبارك. وأوضح الصحفي أليكس فيشمان، أن «الإخوان المسلمين» يسعون في هذه الفترة لشق طريقهم نحو سدة الحكم، ويستغلون المظاهرات والاعتصامات الشعبية لتحقيق هذا الهدف، مشيرا إلى أن القول الفصل في نهاية المطاف للجيش الذي لم يقل كلمته النهائية بعد. و لا يستبعد فيشمان إمكانية حدوث صدامات ومواجهات مسلحة بين قوات الجيش وعناصر« الإخوان »إذا فقدت السيطرة على الاحتجاجات. أما صحيفة "إسرائيل اليوم" ، المقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فتناولت التركيز على الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة وتجدد إطلاق الصواريخ نحو النقب، رابطة هذا التصعيد بتطورات الأحداث في مصر. وكتب الضابط المتقاعد ونائب وزير الأمن الأسبق، أفرايم سنيه ، في مقال له بصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن مصر ما بعد الثورة لن تسير على نهج سياسة مبارك، فأحزاب المعارضة والأجواء المناهضة لإسرائيل ستكون سيدة الموقف. وبناء على هذا ، يرى سنيه ضرورة احتلال الجيش الإسرائيلي لمحور صلاح الدين (فيلادلفيا) في قطاع غزة على الفور، وإعادة النظر في التعامل مع الجيش المصري واعتباره جيشا غير صديق لإسرائيل. في حين ترى صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، أن قلق وانشغال نتنياهو على مصير ومستقبل حليفه مبارك، ينبع بالأساس من مخاوف إسرائيل حيال ما سيحصل عقب تغيير النظام وصعود القوى المعارضة للسلام مع إسرائيل إلى سدة الحكم. وأشارت الصحيفة إلى أن القيادات في إسرائيل اعتمدت سياسة "إبرام صفقات" مع الرئيس مبارك وأمثاله، وافترضت بذلك أنهم "سيضمنون الاستقرار" وسيمنعون إحداث أي تغيير في الشرق الأوسط، والنتيجة أن إسرائيل لم تستعد للتغييرات التي قد تحصل. ودعت الصحيفة إسرائيل، عقب أحداث تونس ومصر، إلى إعادة النظر في سياستها تجاه الشرق الأوسط والشعوب العربية، والعمل على التأقلم وملاءمة نفسها لواقع المنطقة والتغييرات التي قد تشهدها الدول العربية. وتناول المحلل العسكري ، رون بن يشاي ، في مقاله على الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، تعاطي الجيش المصري مع الأحداث ودعمه -على حد اعتباره- للرئيس مبارك. وفي نظر بن يشاي "ليس كل شيء أسود في القاهرة"، فالضباط في مصر يتصرفون بحكمة وحنكة، والاعتقاد السائد بأن النظام الجديد تحت مظلة الجيش، لن يتعجل خوض صدام مع إسرائيل التي سيكون لها متسع من الوقت لتنظيم صفوف جيشها من جديد. أما رئيس معهد "أهداف إستراتيجية" ، البروفيسور ألكسندر بليي ، فنبه ، في مقاله بصحيفة «معاريف» إلى ضرورة عدم تدخل إسرائيل فيما يجري بمصر، مشيرا إلى أن المنطقة أمام عهد جديد، وبالتالي على قادة إسرائيل عدم الإدلاء بأي تصريحات علنية حيال مصر. وأشار بليي إلى أن مصر تعيش فراغا سياسيا رغم سيطرة الجيش، محذرا من التغاضي عن تعاظم قوة «الإخوان المسلمين» ومحاولة سيطرتهم على الشارع، متسائلا في نفس الوقت، عن مدى قوتهم ونفوذهم في الجيش المصري.