شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديكتاتورية ''مبارك'' تترنح.. والمتظاهرون لا يسلّمون الشارع
نشر في التجديد يوم 31 - 01 - 2011

اشتعلت مصر، واهتزت الشوارع من سيناء إلى السويس، مروراً بالقاهرة والمنصورة والإسكندرية، على وقع خبطات أقدام المتظاهرين، وهتافات بحت لها حناجر الآلاف، إن لم نقل الملايين، ومعها بدأت تهتز أعمدة نظام محصّن بمؤسسة أمنية شديدة البطش أمعنت في سفك الدماء وتماهت في ''فنون'' القمع مع الوحشيّة ''الإسرائيليّة''، أملا في هروب الغاضبين وعودة الأوضاع إلى ما قبل الجمعة ''يوم الغضب الأكبر''.. رهان نظام حسني مبارك على البطش والإرهاب والقتل تلاشى أمام إصرار عنيد من المحتجين على تحقيق أهداف ''ثورتهم''، بحيث لم يعودوا يعبأون بأي تهديد مهما كان شكله.. ماضون في طريقهم نحو خط النهاية وهم يرفعون هتافات مندّدة بالنظام ''الديكتاتوري''، وتدعو ''مبارك'' إلى التنحي وحل الحزب الحاكم.. واندفع آلاف المحتجين نحو مباني، لطالما مثلت بالنسبة إليهم مراكز للظلم والرعب، من مقارّ الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، ومقارّ الشرطة التي اعتادوا تلقي الإهانات من ضباطها، فحولوها إلى شعلة ملتهبة من النيران في عشرات المحافظات، غير آبهين بالشرطة ورجالها الذين خرجوا لمطاردتهم، علماً بأن معلومات أفادت بأن قيادات من الحزب الوطني أمرت بإحراق مقارّه في القاهرة والمحافظات، بهدف إتلاف كل الوثائق التي تحتويها، وبأن الحرس الجمهوري وعناصر أمنية مندسة بين الجمهور هي من عملت على نشر الفوضى، قبل تدخل الجيش، على أمل تخويف الناس من تداعيات انهيار النظام، لكن هذا الرهان سقط هو كذلك.
مصر/''أم الدنيا''.. تلك الدولة العربية الإقليمية العظمى التي حكمت العالم العربي من المحيط إلى الخليج، تتلقّى الإهانات من أقزام ''إسرائيل'' ولا تردّ، تنبطح أمام أقدام ''العم سام'' صاغرة ولا تعقب... مصر استعادت نفسها بشعبها.. أما ''مبارك'' فهو على حاله، يكابر كالمومياء التي لا تزال تحسب نفسها فرعون.. ضعيف يدّعي القوة.. منهار يوحي بالتماسك.. الأرض تتزلزل من تحت قدميه ويمثّل دور الواقف منتصباً.. يمارس ألاعيب وحيلة من سبقه إليها (الرئيس التونسي المخلوع) لكنه لم يفلح.. استماتة للاحتفاظ بالكرسي حتى اللحظة الأخيرة.. حتى الطائرة الأخيرة.. حتى النفَس الأخير.. التجربة التونسية خير شاهد.. فخبر مغادرة بن علي بالطائرة أثلج قلوب الملايين وداوى جروحهم ويلاحقونه بالقصاص.. وهذه أمنية المنتفضين المصريين والشعب كله.
المشهد المصري يتقاذفه مساران متصارعان، مسار الشعب الذي رفع السقف عاليا ولا يريد التراجع خطوة واحدة إلى الوراء، ويعبر عن ذلك بوضوح في رسائل يوجهها من خلال التظاهرات المتواصلة في الشارع. ومسار السلطة السياسية في شخص الرئيس ''مبارك'' الذي وجه خطابا ليلة الجمعة، بعد أربعة أيام صمت فيها ''صمت القبور''، معلنا أنه أمر الحكومة بتقديم استقالتها وأنه سيتخذ خطوات، وصفها المراقبون بأنها ''تسكينية'' و''لاجدوى منها''.. فالمتظاهرون لم يبدوا حماسا إلى مضمون الخطاب ومحتواه، فالمشكلة الحقيقية والجوهرية في نظر المحتجين وباقي مكونات الشعب المصري ليست في تغيير وجوه الوزراء، بل في السياسات التي تحكم الشعب لثلاثة عقود خلت زادت من معاناته.. ''مبارك''، بحسب المراقبين، يعالج أزمة جديدة بطرق قديمة. فلو قام الرئيس مخاطبا الشعب الغاضب بقرارات عملية (دون مقدمة طويلة سعى في خلالها إلى التبرؤ من كل ما يحصل في مصر، بوصفه ''الحكَم'' بين السلطات) قرارات لا لف فيها ولا دوران، من بينها إعلان عدم ترشحه لولاية أخرى وحل مجلس الشعب (البرلمان) المزور، وتحديد موعد قريب لإجراء انتخابات نزيهة تشارك فيها المعارضة بأطيافها المختلفة، ومحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين ويختمها بإجراءات تسليم السلط إلى من هو أقدر ومقبول من الشعب، لوجد تجاوبا من المحتجين والمعارضة المقموعة ''عمليا''. لكن الرئيس لم يكن واضحاً إن كان يضحك على نفسه أو على شعبه.. ولعل التنديد الشعبي السريع، في مظاهرات القاهرة، ضد تعيين شخصيتين ''أمنيتين'' من جيل الكبار وهما الجنرال عمر سليمان، مدير المخابرات المصرية نائبا له والجنرال أحمد شفيق الذي كان يشغل حتى الآن منصب وزير الطيران رئيسا للوزراء خلفا لأحمد نظيف لتشكيل الحكومة القادمة أبلغ رد رافض لقراراته وخطواته العرجاء التي أعلن عنها، لأن ''شفيق'' و''سليمان''، رغم أنهما شخصيتين ''مستقلتين''، لكنهما لا ينفكان أن يكونا جزءا من منظومة صاغها ''مبارك'' وحاشيته من حزبه وشخصيات أمنية ورجال أعمال... فالمزاج الشعبي المصري متوافق وموحد على شعار واحد: ''إسقاط النظام'' وتنحي ''الرئيس'' أولا وأخيرا، وسقفه مرتفع، ويزداد منسوب ارتفاعه كلما بلغت إلى مسامعه قرارات من رأس النظام لا يرضى عنها.
المشكلة الكبيرة التي تواجهها مصر الآن هو انهيار الأمن.. فالشعب ينتابه قلق شديد من مشاهد القتل والنهب والسلب التي تتعرض لها الممتلكات العمومية والخاصة. والترقب في ظل هذه الأوضاع الأمنية الخطيرة هو سيد الموقف، وأصابع الاتهام تتوجه إلى عناصر موالية للنظام تبين أنهم من الشرطة السرية، وفق مصادر إعلامية عربية، تسعى لخلخلة البنية الأمنية للدولة وإعطاء انطباع سلبي وتقديم صورة مشوهة للخارج بأن ما يجري ليس ''ثورة'' ضد النظام السياسي القائم تطالب بالتغيير الجذري، وإنما ''مخطط لزعزعة الاستقرار والانقضاض على الشرعية'' حسب قول ''مبارك'' في خطابه الخجول والبائس لليلة الجمعة.
محمد غنمي
''غضب متواصل
وفراغ أمني ونهب للمتلكات
دفع الجيش المصري بتعزيزات ضخمة إلى مختلف أنحاء الجمهورية في محاولة للسيطرة على الوضع، في ظل حالة من الفراغ الأمني وغياب قوات الشرطة واتساع نطاق السلب والنهب.
وأصدر الجيش تحذيرات شديدة اللهجة، وقال إنه سيتعامل ''بقسوة'' مع من سماهم ''الخارجين على القانون''.
وجددت القوات المسلحة في بيان لها، مساء أول أمس، دعوتها إلى ضبط النفس والتزام حظر التجول، فيما ناشدت قوات الجيش المتظاهرين بالابتعاد عن منطقة مبنى الإذاعة والتلفزيون وسط القاهرة.
جاء ذلك، بعد تصاعد حدة الاحتجاجات المليونية الغاضبة في أنحاء مصر، في سادس أيام الغضب. وتحدى الملايين قرار حظر التجول الذي بدأ على الورق فقط والذي تم تمديده ليبدأ من الرابعة عصرا حتى الثامنة صباحا (بحسب توقيت القاهرة). واتسع نطاق الاحتجاجات العارمة في كافة المحافظات والمدن مطالبة الرئيس حسني مبارك بالتنحي، وسط حالة من الفراغ الأمني.
وردد المتظاهرون ''ارحل ارحل''، ''يا مبارك يا جبان يا عميل الأميركان''، ''الشعب يريد إسقاط النظام''... وهم يتجمعون في ميدان التحرير في ظل وجود كثيف للجيش الذي نشر في المدينة لتهدئة الوضع، وردد المحتجون ''سلمية سلمية''.
وجاء تصاعد المظاهرات رغم خطاب مبارك إلى الشعب في ساعة متأخرة من يوم الجمعة وإقالته الحكومة، وهو ما اعتبره متظاهرون مخيبا للآمال، كما قال مراسلون.
وذكر شهود ل''رويترز'' أن الشرطة المصرية أطلقت عيارات قرب محتجين تجمعوا في الشوارع الجانبية المؤدية إلى ميدان التحرير بوسط العاصمة، أول أمس، واتضح أنها ذخيرة حية.
وارتفع عدد ضحايا الاشتباكات التي وقعت أثناء التظاهرات إلى أكثر من 200 قتيل منذ الثلاثاء الماضي وأزيد من ألفي جريح، وفق إحصاء استنادا إلى مصادر طبية. وانتشرت قوات الجيش في الشوارع وعند المواقع الحساسة ومن بينها محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي حاول المتظاهرون اقتحامه الجمعة الفائت.
جاء ذلك بينما لا تزال الحرائق مشتعلة في مقر الحزب الحاكم المحاذي لكورنيش النيل وبعض المؤسسات الأخرى والدخان يتصاعد منها، في ظل غياب كامل لقوات الشرطة.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن هناك حالة من الانفلات الأمني تسود محافظات عديدة وأن هناك مناوشات بين لصوص حضروا لنهب المحال التجارية قرب ميدان التحرير مسلحين بالأسلحة البيضاء والعصي، ومتظاهرين شكلوا دروعا بشرية لحماية الممتلكات العامة.
من جانب آخر، شهدت العديد من السجون المصرية أعمال عنف دامي خلال محاولة السجناء الفرار أو اقتحامها من خارج أسوارها، أسفرت عن مقتل العشرات برصاص قوات الأمن. وأكدت مصادر إعلامية أن العديد من المعتقلين المصريين السياسيين قتلوا داخل السجن جراء إطلاق نار من الأمن المصري.
وفي تطور خطير، افادت ''الجزيرة'' أن ضباط سجن القطا قرب القاهرة أطلقوا الرصاص الحي، أمس، على المساجين وذويهم وأوقعوا أكثر من 170 قتيلا و200 جرحا. ورجحت مصادر من قوات الطوارئ أن عدد القتلى في ازدياد.
في السياق ذاته، أشار شهود عيان، وفق ما نقلت عنهم وسائل إعلام عربية، أن اللجان الشعبية من أهالي وادي النطرون (شمال غرب القاهرة حوالي 100 كيلومتر) استطاعت تحرير السجناء من السجن بعد هروب ميليشيات الأمن، ومن بينهم معتقلين سياسيين بينهم 34 عضوا من جماعة الإخوان المسلمين ضمنهم 7 من مكتب الإرشاد الذين اعتقلتهم السلطات المصرية صباح الجمعة الماضية.
ü وكشفت صور من القاهرة في صبيحة الاحتجاجات يوم الجمعة حجم الدمار وسيارات الشرطة المحترقة، وما تعرضت له العديد من المنشآت العامة والخاصة، وكان أكثرها تضررا المقر الرئيسي للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم حيث أُحرق المبنى ونهبت محتوياته. وأفاد مراسلو وسائل إعلام عربية وغربية أن أعمال التخريب التي وقعت قام بمعظمها كثير من المشبوهين والمساجين الذين فروا من أقسام الشرطة. وتحدث شهود عيان ل''رويترز'' عن نهب أحد متاجر كارفور في القاهرة. وقال مراسل ''الجزيرة نت'' في القاهرة إن قوات الجيش ألقت القبض على مجموعة من ضباط الأمن حاولوا نهب بعض محتويات المتحف الوطني بمساعدة بعض المتظاهرين.
ü وفي حلوان قال شهود عيان إن مبنى أمن الدولة ونقطة مرور حلوان والإدارة المحلية أحرقت بالكامل.
في هذه الأثناء، تحدثت تقديرات متفاوتة عن سقوط مئات القتلى ونحو ألفي مصاب في الاحتجاجات التي عمت المحافظات المصرية على مدى الأيام القليلة الماضية.
وعرضت فضائية ''الجزيرة'' أول أمس صورا حية من داخل أحد المستشفيات لجثت قتلى مدرجة في الدماء ضحايا رصاص الشرطة.
ü كما تواصلت الهجمات على أقسام الشرطة، حيث أحرق محتجون قسم مدينة السلام وأخرجوا زملاءهم الذين اعتقلتهم قوات الأمن الجمعة.
ü وقد شهدت عدة سجون مصادمات متصاعدة، حيث ذكرت مصادر إعلامية عربية أن قوات الأمن اقتحمت سجن القطا بدلتا مصر وتحدثت عن عشرات القتلى. كما تحدثت عن تمرد بسجن أبو زعبل الذي يضم سجناء سياسيين، وأشارت إلى إطلاق نار على المعتقلين.
ü وفي الإسكندرية ورد أن مظاهرات حاشدة للتنديد بخطاب مبارك والمطالبة بتنحيه تجوب شارع المحافظة الذي شهد إحراق مبنى المحافظة أمس فضلا عن إحراق أقسام الشرطة في مناطق المنشية ومحرم بيك وباب شرق وسيدي جابر والمنتزه والعطارين. وتحدثت وسائل إعلام عن أكثر من عشرين جثة لأشخاص سقطوا في احتجاجات الجمعة. كما ذكرت أن مواطنين حاصروا مقر أمن الدولة في منطقة الفراعنة بالإسكندرية وعناصر الأمن الموجودة داخله تطلق الرصاص الحي.
ü واقتحم متظاهرون مصانع حديد عز والدخيلة التابعة لرجل الأعمال أحمد عز وهو شخصية نافذة في النظام والحزب الحاكم، حيث جرى الاستيلاء على كامل محتويات المصنع.
وكانت المظاهرات عمت، الجمعة، كل أنحاء المدينة من منطقة العامرية في أقصى غربي المدينة إلى منطقة أبو قير في أقصى شرقيها، حيث اختفت قوات الأمن من الشوارع، وسيطر المتظاهرون على أغلب المواقع.
ü وفي السويس أفادت مراسلة ''الجزيرة'' بأن مئات الأشخاص تجمعوا مجددا أمام قسم شرطة الأربعين مرددين هتافات ضد مبارك، بينما يسيطر الجيش على معظم شوارع المنطقة ويحاول أن يحمي المؤسسات الحكومية. كما أعلن الشيخ حافظ سلامة وهو قائد المقاومة الشعبية بالسويس عام ,1973 أن الوضع في السويس تحت سيطرته بعد أن شكل لجانا من المقاومة الشعبية تضم الشباب لحماية الأحياء والشوارع والممتلكات العمومية والخاصة.
وأفادت وسائل إعلامية عن مصادر طبية أن مستشفى السويس العام استقبل العشرات من القتلى والجرحى وأن بعضهم في حالة حرجة. وذكرت أن الأهالي يتجمعون أمام مشرحة السويس العامة للتعرف على جثت أبنائهم والمطالبة بالتحقيق لمعرفة من أطلق النار عليهم. وقال صحفيون إن الشرطة أطلقت الرصاص الحي على المواطنين في السويس بأوامر من القيادات. وفي السويس أيضا أعلن عمال مصنع السويس للصلب إضرابا مفتوحا حتى إسقاط النظام المصري، لكنهم لم يتحدثوا حتى الآن عن الخروج للشارع لحماية آلات المصنع.
ü وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بوقوع صدامات عنيفة بين متظاهرين وقوات الأمن في مدينة الإسماعيلية شمالي شرقي مصر. كما وردت أنباء عن مقتل خمسة أشخاص في دمنهور.
يشار إلى أنه، رغم فرض حظر التجول في القاهرة الكبرى والإسكندرية والسويس منذ ليلة الجمعة الماضية وحتى صباح أمس لم يلاحظ أي التزام بهذا الحظر طيلة الليل.
في غضون ذلك، دعت جماعة الاخوان المسلمين إلى تشكيل حكومة وطنية انتقالية في مصر وإلى نقل السلطة بشكل سلمي، وذلك في بيان أصدرته، أول أمس، في اليوم الخامس من الانتفاضة الشعبية على نظام الرئيس حسني مبارك. وأكدت الجماعة، قوة المعارضة الرئيسية في مصر، دعمها ''للانتفاضة السلمية المباركة'' للشعب المصري ودعت إلى ''تشكيل حكومة وطنية انتقالية من غير الحزب الوطني (الحاكم) تتولى إجراء الانتخابات النزيهة ونقل السلطة بشكل سلمي''.
علماء يطالبون بتنحي ''مبارك''
وفي خطوة لافتة، وجه علماء مسلمون نداء إلى الرئيس المصري حسني مبارك يطالبونه بالتنحي وترك الشعب المصري يقرر بحرية من يحكمه. في الوقت نفسه حذر علماء مصريون في بيان المتظاهرين من أعمال السلب والنهب، قائلين إن ذلك من الفساد في الأرض.
ودعا رئيس رابطة علماء السنة الدكتور أحمد الريسوني الرئيس مبارك إلى التنحي لأن الشعب ''لم يعد يحتاج إلى اجتماعات ولا مداولات''. وقال مخاطبا مبارك إن ''الشعب ألغى مطالبه كلها'' ولم يعد يطلب إلا ''أن تستريح منه ويستريح منك''. وأضاف: ''منذ سنوات وأنت تسمع الناس يهتفون قائلين لك ولحزبك ولسياساتك: (كفاية، كفاية ...). واليوم خرج الشعب عن بكرة أبيه ليقول لك شخصيا: كفاية منك أنت، ارحل عنا، تنح عنا وعن مستقبلنا''.
وأضاف الريسوني أنه لا أحد يصدق أن مبارك رئيس منتخب من الشعب لا في المرة الأولى ولا في المرة الأخيرة، ''وأنت تعلم أكثر من غيرك كيف جاء وصولك إلى الرئاسة وكيف تستمر فيها''.
بدوره، دعا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الرئيس المصري محمد حسني مبارك، للرحيل ''على رجليه'' من مصر، مشدداً على أن خطابه بالأمس (الجمعة) لم يكن له صلة بالواقع.
وقال العلامة القرضاوي، في تصريح لقناة ''الجزيرة''، أول أمس: ''لا حل لهذه المشكلة سوى رحيل مبارك، وعليه أن يترك للشعب المصري حرية الاختيار''. وأضاف: ''يا مبارك ارحم شعبك إن كان في قلبك ذرة من رحمة.. نريدك أن تخرج على رجليك من مصر، ولا نريد أن تحاكمك الجماهير.. وأنا أنصحك أن تستفيد من درس الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي''.
وأكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن رياح التغيير إذا هبت من الشعب فلن يستطيع أحد أن يوقفها ويحارب الأقدار، موجهاً التحية للجيش المصري، وداعياً إياه إلى ''عدم الاعتداء على الشعب الثائر''. وحث العلامة القرضاوي أبناء مصر على المضي في هبتهم السلمية، مشدداً على أن الشعب المصري يطالب بحقه في العدالة الاجتماعية والكرامة.
من جانبه، أيد الداعية الأردني والأستاذ السابق في جامعة آل البيت الدكتور أحمد حسين القضاة ''الثورة الشعبية الغاضبة'' في مصر، ودعا الجيش المصري إلى الوقوف مع الشعب لإخراج حسني مبارك وإسقاط نظامه وأزلامه. وأيد القضاة ما صرح به رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي من أن على الرئيس المصري أن يرحل فورا، قائلا إن مبارك طغى وتجبر وعاث فسادا في أرض مصر كما فعل الطغاة السابقون. ورأى القضاة أنه ''ينبغي للحكام المستبدين أن يأخذوا العبرة مما حل ويحل بالطغاة سواء في تونس أو مصر أو غيرهما''.
كما دعا علماء مصريون المتظاهرين إلى البعد عن عمليات السلب والنهب لأنها ''حرام شرعا ونوع من الفساد وتخريب المجتمع، وقد أمر الله باتباع سبيل المصلحين وترك سبيل المفسدين''. واعتبر البيان أن الاعتداء على تلك المنشآت إنما هو ''اعتداء على الملكية العامة، وإذا كان الإسلام قد حرم الاعتداء على ممتلكات الفرد وجعله من المحرمات، فإن الاعتداء على ممتلكات الشعب أشد إثما عند الله تعالى''.
تل أبيب: ''مبارك'' انتهى
قال الوزير الصهيوني السابق أفيشاي بروفيرمان، أول أمس، إن الرئيس المصري محمد حسني مبارك في نهاية طريقه الآن، مشيرًا إلى أن أمله في توريث ابنه الأكبر جمال مبارك للحكم في مصر ''ربما تبدد''. ونقل الموقع الالكتروني لصحيفة ''معاريف'' العبرية عن بروفيرمان قوله: ''نحن في إسرائيل كل ما نتمناه هو أن تبقى الأوضاع مستقرة في هذه المنطقة بعد زوال مبارك ويخلفه رئيس جديد''.
وفي السياق نفسه، وبحسب ''المركز الفلسطيني للإعلام''، عقد مدير عام وزارة الخارجية الصهيوني ''يوسي غال'' جلسة من المشاورات المستعجلة لمناقشة التطورات الأخيرة في مصر وما تنطوي عليه من أبعاد. وذكرت إذاعة الاحتلال العامة أن ''ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزارة الجيش تتابع عن كثب التطورات في مصر إلاّ أن أي تعقيب صهيوني رسمي على مجريات الأمور هناك لم يصدر حتى الآن''.
في سياق ذي صلة، واصل الكيان الصهيوني، لليوم الرابع على التوالي، إيلاء التطورات المصرية أهمية قصوى في ظل ارتباك ومخاوف من ''البديل الإسلامي''، يأتي ذلك من خلال وسائل إعلام العدو التي تحاول تحريف أسباب الأحداث ومسارها، وذلك بالتركيز على أن ما يجري في مصر ''مواجهة مباشرة'' بين ''الإخوان المسلمون'' ونظام ''مبارك''. وأعربت الدوائر الأمنية والسياسية في الكيان الصهيوني عن خشيتها من انزلاق التظاهرات المتنقلة في عدد من الدول العربية نحو الأسوأ، معربةً عن قلقها من إمكان أن ''يخطف'' الإسلاميون أي انتصار في هذه الدول، بحسب زعمها.
ونقلت صحيفة ''جيروزاليم بوست'' عن خبراء أمنيين في الكيان العبري، استبعادهم تأثير ما يحصل في الدول العربية على الأمن القومي الصهيوني. ومع ذلك، أشار الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، يعقوب عميدرور، إلى أنّ ''الظروف قد تتغير بين يوم وآخر، وبالتالي يجب أن نسأل أنفسنا عن السيناريو الأسوأ، لأننا نقف بالفعل على جليد سميك، سيذوب في النهاية''.
أما الجنرال غيورا آيلاند، الذي شغل سابقاً منصب مستشار الأمن القومي، فلمّح إلى إمكان أن يسيطر ''الإخوان المسلمون'' على السلطة إذا حصلت ثورة في مصر، ''وهذا سيكون سيئاً، ليس لإسرائيل فحسب، بل لجميع الديموقراطيات'' في العالم. وتابع زاعما أن ''المعركة الحقيقية في مصر لم تكن بين (الرئيس المصري حسني) مبارك وعناصر مناصرة للديموقراطية، بل بين مبارك والإخوان المسلمين''.
في المقابل، لفت الخبير في الشؤون الأمنية في مركز دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، شلومو بروم، إلى أنّ ''من المستحيل معرفة ما يمكن أن يحصل''، ف''صحيح أنّ الأصوات المؤيدة للديموقراطية تعبّر عن نفسها، وهذا إيجابي، لكننا لا نعرف كيف سينتهي ذلك''.
من جهتها، شدّدت صحيفة ''هآرتس'' على وجوب انتظار ما ستؤول إليه الأمور في مصر، مشيرةً إلى أن ''مَن يتوقع انتشار وباء الثورة في الشرق الأوسط أو في شمال أفريقيا، عليه أن ينتظر النتائج في كل دولة على حدة، لأن كل واحدة منها تمتلك أسباباً ومفاعيل مختلفة، وليست بالضرورة مشابهة لما تسبّب سقوط النظام التونسي''. وفي السياق، كتب معلق الشؤون العربية في الصحيفة، تسفي برئيل، ما مفاده أنّ ''مصر، خلافاً لتونس، هي دولة ذات خبرة وتجربة مع المتظاهرين ومع الإضرابات والاحتجاجات، وتعرف كيف تناور حيال الرد الجماهيري والدولي، وإذا كان السد في تونس قد تحطم وسقط الحكم، فإن حكام مصر يفهمون أنهم ليسوا مسؤولين فقط عن أنفسهم، بل عليهم أيضاً أن يمنعوا انفجارات إضافية في المنطقة''. أما ''يديعوت أحرونوت''، فتحدثت عن معضلة أمريكية حيال ما يجري في أرض النيل، على قاعدة أنّ ''على واشنطن الاختيار بين الديموقراطية أو الصديق مبارك''. ورأت أنّ ''واشنطن، في سعيها إلى المحافظة على الهيمنة العالمية، تدعم الإصلاحات الديموقراطية في العالم العربي، لكنها أيضاً تدعم الطغاة مثل مبارك وملوك السعودية والأردن، ما داموا موالين لها وللغرب''.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.