جدد المغرب في شخص وزيره الأول اهتمامه بالوضع الامني في منطقة الساحل والصحراء رابطا بين ما تعرفه المنطقة من نشاط لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وتهريب المخدرات والتجارة بالبشر. و أوضح الأستاذ عباس الفاسي على هامش لقائه الأخير بالوزير الأول الكندي أن المغرب وعيا منه بتداخل المصالح الجيو سياسية والأمنية ، بشمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء ، ليؤكد على أن مواجهة التحديات الأمنية التي يشكلها تنامي الإرهاب ، وكل أشكال الاتجار الممنوع في الأشخاص ، والمخدرات والأسلحة ، لا يتم بشكل منفرد ، وإنما بتحدي جماعي ، وتضافر جهود المنتظم الدولي في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة بالمنطقة. و في الوقت الذي كانت الرباط تنتظر تجاوب الجار الجزائري مع الموقف المغربي برد فعل إيجابي معه لم يتأخر الموقف المتهور لقصر المرادية الساعي لفرض إرادته و هيمنته المطلقة على مصير منطقة الساحل حيث أعلنت الخارجية الجزائرية عن احتضانها لمقر الأمانة التنفيذية لفرقة إقليم شمال إفريقيا في القوة الإفريقية الجاهزة التابعة للاتحاد الإفريقي ( NARC ) بموجب اتفاق تم التوقيع عليه الثلاثاء 25 يناير بالجزائر العاصمة. وكانت الجزائر قد هربت قبل سنوات اجتماعا لبعض قادة البلدان الإفريقية أقحمت ضمنهم ممثل جبهة البوليساريو الانفصالية لتأسيس ما يسمى قوة للتدخل السريع لمواجهة مختلف الأزمات التي تعرفها القارة و التغطية على فشل بعض دول الساحل على ضمان أمنها و تأمين حدودها من تسربات خلايا القاعدة المسلحة . على أن الولادة القيصرية المتسرعة و المصلحية جمدت هياكل القوة و حدت بالعديد من مكوناتها الى الانسحاب منها في هدوء في ظل إستفراد الجزائر باتخاذ القرارات داخل هرميته و تحويلها للمعاهدة الاتفاق لرأسمال معنوي بغية تحقيق الحظوة الاستراتيجية لدى الدول العظمى و بسط الهيمنة الاستراتيجية بمنطقة الساحل الافريقي التي أضحت موضوع اهتمام للعديد من العواصم المؤثرة . ويبدو أن الجزائر التي تعمدت عن سبق إصرار و ترصد إقصاء المغرب عن المشاركة في المجهود الجماعي للحفاظ على الأمن و استتباب الاستقرار بمنطقة الساحل بهدف تبرير التواجد الشاذ لجبهة الانفصاليين داخل المشروع العسكري المجهض منذ ولادته ، تحاول عمدا تبخيس الجهود التي تبذلها المملكة في سبيل بناء وحدة المغرب العربي ، حتى يصبح هذا الفضاء الشمال إفريقي، فضاء للتعايش والتطور والازدهار المشترك، قائم على حسن الجوار وعلى احترام سيادة الدول ووحدة ترابها لأنها تدرك أن بعث هياكل الاتحاد المغاربي و إستحضار مضامين معاهدته التأسيسية من شأنه الكشف عن الوجه المتحايل للنظام الجزائري و فضح حقيقة خرقه المتعمد ودوسه المتكرر على ميثاق هذا الحلم الجماهيري المؤجل . و الغالب أن دخول البيت الأبيض مجددا الى الساحة عبر ما يروج اليه إعلام الجزائر من دعم لوجيستي وعسكري أمريكي للجزائر للاضطلاع بدور قائد حرب الارهاب بالمنطقة , في الوقت الذي تحذر فيه القيادة الجزائرية جيرانها الأفارقة من مغبة إقحام أي عنصر أجنبي في حرب الارهاب المحلية في إشارة الى باريس و مدريد من منطلق تقارب مواقفهما و تماهيها مع الطرح المغربي فيما يتعلق بحل ملف الصحراء المغربية ، فإن هذه الحقائق تكشف منطق التمويه الاستراتيجي الذي تنهجه الجزائر لتغذية أطماعها الهيمنية بالمنطقة من جهة وتسائل مسؤولية البيت الأبيض الأمريكي ودواعي دخوله في معادلة دعم هذا المشروع و المناورة الجزائرية المفضوحة و التي قد تسفر عن تضحية واشنطن بحلفائها وأصدقائها بالمنطقة .