القى الوزير الأول السيد عباس الفاسي كلمة في افتتاح الاجتماع الذي عقده مع الوزير الأول الكندي السيد ستيفن هاربر امس الخميس نوه فيها بارادة البلدين لتحقيق التعاون والتشاور في عدد من القضايا. كما ذكر بمساعي المغرب وجهوده لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية في سبيل ارساء اجواء الاستقرار في المنطقة وتكثيف مبادرات التنمية بما يخدم المنطقة المغاربية. وفي مايلي النص الكامل لتدخله أود في البداية أن أرحب بضيفنا العزيز، السيد الوزير الأول ستيفان هاربر، في زيارته للمملكة المغربية وبالسادة وزراء التجارة الدولية والفلاحة والصناعة الغذائية وكذا بالوفد المرافق لهم. وأود بهذه المناسبة، أن أسجل بارتياح التطور المطرد الذي تعرفه العلاقات بين المغرب وكندا، الدولة التي صنفها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطاب العرش لسنة 2004، ضمن الدول الصديقة التي تربطها بالمغرب علاقات متميزة ومبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وبالفعل، فإن علاقات البلدين على المستوى الدبلوماسي ترجع إلى السنوات الأولى لاستقلال المغرب، وهي تعود إلى أبعد من ذلك بكثير، إلى القرن السابع عشر حيث كانت البواخر المغربية المحملة بالسكر المغربي الموجه إلى أمريكا الشمالية ترسو بالموانئ الكندية. فزيارتكم هاته، بقدر ما تعد بادرة من شأنها أن تعطي دينامية جديدة لعلاقات بلدينا، فهي أيضا امتداد لزيارات عديدة قام بها للمغرب مسؤولون كنديون رفيعو المستوى، مما يؤكد تجدر المشاورات السياسية بين مسؤولي بلدينا وارتكازها على أسس متينة وقواسم مشتركة. وكما تعلمون، فإن المغرب وكندا يتقاسمان علاقات شراكة وتعاون متعددة الأوجه وتشمل مختلف المجالات بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية. إن لقائنا هذا يمثل فرصة سانحة لنجدد التأكيد على انخراط المغرب في إرساء أسس علاقة مبنية على الوعي بالمصالح والرهانات المشتركة بما فيها المحافظة على الأمن والسلم الدوليين وترسيخ قيم حقوق الإنسان. وفي هذا الإطار، فإن المغرب الذي يتقاسم وكندا نفس الانشغالات على المستوى الدولي والإقليمي، يعتبر أن تعزيز السلم والأمن الدوليين يقتضي تضافر الجهود من أجل دعم مسلسل السلام في الشرق الأوسط، حيث يؤجج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كل أنواع الحقد والكراهية والتطرف، ويمنع هذه المنطقة الحساسة من لعب دورها في التطور الاقتصادي وتحقيق الأمن والسلم العالميين. ولن يتأتى السلام في هذه المنطقة إلا باعتماد حل الدولتين الذي يمكن من خلق دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشريف وتعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في إطار الأمن والسلم. أما على المستوى الجهوي، فإن المغرب، ووعيا منه بتداخل المصالح الجيو سياسية والأمنية بشمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، ليؤكد على أن التحديات الأمنية التي يشكلها تنامي الإرهاب وكل أشكال الاتجار الممنوع في الأشخاص والمخدرات والأسلحة، لا يمكن مواجهتها بشكل منفرد، وإنما هي تحدي جماعي يتهدد المنطقة برمتها ويستوجب تعاونا جهويا ما بين دول المنطقة من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى، كما يقتضي تضافر الجهود من أجل تنمية اقتصادية مستدامة تضمن رفاهية وازدهار شعوب المنطقة للنأي بها عن كل أشكال الغلو والتطرف. ويمر تحقيق السلم والأمن على المستوى الجهوي كذلك، بترسيخ أواصر التضامن والتعاون البناء بين دول وشعوب منطقة المغرب العربي، التي مافتئ المغرب يوليها فائق اهتمامه، ويؤكد بشأنها على انخراطه الكامل في كل جهود بنائها حتى يكون اتحاد المغرب العربي، فضاء للتعايش والتطور والازدهار المشترك، قائما على مبادئ حسن الجوار وعلى احترام سيادة الدول ووحدة ترابها. ومن هذا المنطلق فإن المغرب مافتئ يؤكد على ضرورة حل النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، قصد الوصول إلى حل سياسي قائم على الواقعية وروح التوافق، في إطار الدينامية التي أطلقها المقترح المغربي حول الحكم الذاتي بأقاليمه الجنوبية. إن طموح المملكة المغربية في المساهمة في تعزيز وترقية أواصر التعاون البناء، لا يوازيه إلا حرصها على وضع قضايا الجالية المغربية في صلب اهتمامه للدور الذي تلعبه هذه الجالية في التعريف ببلادها وفي المساهمة في نماء ورفاه بلد الاستقبال، فضلا عن دورها الفاعل في إثراء الحوار بين الثقافات والحضارات. وإذ أجدد الترحاب بالسيد الوزير الأول، أود أن أؤكد على استعداد المملكة المغربية لتعزيز وتطوير وإغناء كل مجالات التعاون والتشاور، بما يضمن تحقيق المصالح المشتركة لبلدينا ويساهم في تثبيت أسس السلم والأمن والازدهار والتقدم.