تصدرت الاحتجاجات المصرية ، والمناداة بإصلاحات سياسية ، وحالة الغضب التي وصل إليها الشارع المصري، عناوين الصحف البريطانية. كتبت «ديلي تلغراف» تقول أن دبلوماسيين غربيين نبهوا إلى أن الاحتجاجات المصرية على نظام الحكم هناك أقوى بكثير وأكثر تهديدا من المتوقع، وأنه رغم اعتقال عدد كبير من المتظاهرين بعد مواجهات دموية ، فإن خروج عشرات الآلاف إلى شوارع القاهرة وضواحيها كان مستلهما من الثورة التونسية التي أطاحت بديكتاتورها لأول مرة منذ عقود. وفي محاولة لتفادي تكرار «يوم الغضب» ، الذي بدأ يوم الثلاثاء الماضي، درست الحكومة المصرية حظر تجمعات ، وقالت وزارة الداخلية في بيان إنها لن تسمح بأي تحركات تحريضية أو تجمعات احتجاجية أو تنظيم مسيرات أو مظاهرات ، وسيتم اتخاذ إجراءات قانونية عاجلة والتحقيق مع المشاركين. وأشارت الصحيفة إلى ما قاله دبلوماسيون غربيون إن الحكومة المصرية فوجئت بأعداد المتظاهرين بالشوارع، وإن مبارك يواجه لحظة حقيقة حرجة يمكن أن يقدم فيها تنازلات للجماهير أو يستخدم القوة لقمع خصومه. وقال مسؤول غربي «النظام يواجه معضلة ، وهي أن التنازلات التي تطالب بها الجماهير يمكن أن تفعل ما يكفي لوقف الاحتجاجات أو يمكن، كما في تونس، ترجمتها كعلامة على الضعف». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض الأميركي، إن على مبارك أن يبدي تفهما ومرونة لشعبه. كما حث وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، مبارك على تقديم تنازلات، وقال «من المهم أن تصغي الحكومة لهموم المتظاهرين ، وتحترم حقوق حرية التجمع والتعبير، والانفتاح والشفافية والحرية السياسية هي دعائم الاستقرار». في سياق متصل ، علقت صحيفة «فايننشال تايمز» د بأن الاضطرابات، التي تشهدها مصر تنذر بنهاية الأسر الحاكمة في الشرق الأوسط، وأن جموع المصريين التي خرجت إلى الشوارع هذا الأسبوع ، لم تطالب فقط بنهاية حكم مبارك، الذي دام ثلاثين عاما ، لكنها استهدفت أيضا إسقاط الرئيس المنتظر المتوقع جمال مبارك. فطالما كان التوريث بالنسبة للمصريين وكثير من العرب في أنحاء المنطقة ، يعتبر سٌبة كبيرة للمجتمعات التي تهفو إلى حرية أكبر. ومع انتشار الاحتجاجات بالعالم العربي، نتيجة الثورة التونسية، فإن التعاقب الأسري في جمهوريات المنطقة ، من المرجح أن يكون الضحية الرئيسية. وحتى إذا وجد مبارك ، الطاعن في السن ، طريقة لمقاومة الضغط من أجل إصلاح سياسي جذري، فإن الاحتجاجات، كما يقول محللون، قد وجهت لطمة قاتلة لحملة ترسيخ ابن الرئيس البالغ 47 عاما الذي يدعمه الحرس الجديد بالحزب الحاكم. وفي الوقت الذي يبدي فيه المصريون رغبة لجعل أصواتهم مسموعة في الشوارع ، فإن أي محاولة لفرض خليفة مبارك بالانتخابات الرئاسية القادمة ، من المرجح أن تزيد من زخم ثورة أكبر يصعب معها تمرير سيناريو التوريث. لكن رغم اشمئزاز الشعوب من التوريث ، فإن التعاقب الأسري قد وجد بعض الاستحسان بين مؤيدين غربيين للأنظمة المستبدة بالعالم العربي، وهو ما يوفر ضمانات باستقرار مستمر، وخاصة بالدول التي تعتبر حلفاء إستراتيجيين. وعلى نفس المنوال، كتبت ال«غارديان» في افتتاحيتها تقول أن مصر الآن تعلو فيها صيحة واحدة: الديكتاتورية لن تعيقنا بعد الآن. فقد مر 34 عاما منذ اهتزت مصر بمظاهرات جماهيرية غاضبة. وكان الغضب عام 1977 على قرار الرئيس السادات بوقف الدعم عن الغذاء والوقود، أما اليوم فالغضب موجه ضد عمل بعينه ألا وهو نظام حكم شمولي متصلب. ومثل تونس ، فالانتفاضة كانت بلا قائد، ومع ذلك كان أول رد فعل لوزارة الداخلية المصرية هو إلقاء اللوم على «جماعة الإخوان المسلمين» الذين لم يكن لهم حضور بالمظاهرات، ولا محمد البرادعي الذي تكتل حوله بعض المعارضين للنظام. وقالت الصحيفة إن الرئيس مبارك حساس لدعوات أنه يجب أن يرحل. فهو يعاني من مشاكل صحية ، وهو بالسلطة منذ قرابة ثلاثين عاما ، وليس هناك خليفة له. و لقيت محاولات تلميع ابنه جمال مقاومة من الجيش. علاوة ذلك ، فإن رجلا مثل جمال كان في مركز برنامج الخوصصة ، سيجد صعوبة في مواجهة مطالب شعبية متزايدة لتضييق الهوة بين الأغنياء والفقراء. وأكد تعليق جريدة« ذي تايمز»من جهته على العجز الديمقراطي، وأن مصر بحاجة إلى إصلاح، وينبغي على الولاياتالمتحدة أن تقف بوضوح إلى جانب المنادين به. وقالت الصحيفة إنه ينبغي على مصر أن تلتفت إلى الاحتجاجات، وعلى الحكومات الغربية أن تدعمها. وإذا كانت احتجاجات تونس من الطبقة المتوسطة عموما، فإن السخط المصري يحركه استياء أساسي من البطالة والفساد والسبات الاقتصادي، وإن رد الرئيس مبارك كان ينبغي أن يكون إعادة الدعم وإيجاد وسائل أخرى لتلطيف إحساس الشعب بأن مستوياتهم المعيشية مضغوطة. لكن هذا لا يكفي. إذ أن على مبارك أن يعد لخليفته، وليس فقط بتلميع ابنه جمال للقيادة. وأهم خطوة يمكن أن تتخذها الحكومة هي وضع حد لمضايفة الأحزاب غير الحكومية، والسماح بتعددية سياسية حقيقية. وينبغي عليها أيضا أن ترفع القيود عن وسائل الإعلام والقضاء. وليس هناك مستقبل للبلد مع التضييق على المحتجين والاعتقالات الجماعية. ومع ذلك، يجب على مصر أن تنفذ إصلاحات، وعلى الولاياتالمتحدة أن توضح أن غياب التغيير يشكل خطرا جسيما لاستقرار مصر. وأن النظام السياسي، الذي يفتقر إلى منافسة حقيقية بين الأحزاب، لا يمكن أن يبرز مرشحين لهم ثقل. وعلقت الصحيفة بأن الرئيس أوباما كان متحفظا جدا بشأن المنادين بالديمقراطية في إيرانوتونس. لكنه ينبغي أن يكون أعلى صوتا في الحالة المصرية. فالفشل في الضغط على مبارك سيشكك في مصداقية الولاياتالمتحدة بين أولئك الذين يضغطون من أجل تغيير سياسي. كما أنها بهذه الطريقة تجازف بتمكين أولئك الذين يمكن أن يحطموا الديمقراطية بمنحهم نصف فرصة. وفي تعليقها على الأحداث في مصر، قالت صحيفة «إل موندو» الإسبانية إن مصر «تقف على مفترق طرق، « معتبرة أن المحتجين فاجؤوا السلطات المصرية حيث لم تشهد مصر مظاهرات عارمة من قبل. وأضافت الصحيفة «الفتيل التونسي اشتعل الآن في القوة القيادية العربية، فالرئيس مبارك يريد تأسيس نظام لتوريث السلطة لنجله، لكن آلاف المتظاهرين يطالبون بأن يذهب الرئيس إلى المنفى مثل نظيره التونسي السابق بن علي». كما ذكرت صحيفة «ذي تايمز» البريطانية الصادرة أنه «يتعين على مصر إصلاح نفسها» ، ورأت أنه «إذا أصبح الجيش في الصدارة بسبب غياب القيادة السياسية فإنه قد يكون مرشحا غير مريح، لكنه معقول لتولي السلطة». ودعت الصحيفة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الإعراب عن موقفه إزاء مصر بوضوح أكبر، وألا يكون متحفظا مثلما فعل مع تونس. أما «لو فيغارو» الفرنسية فقالت «المظاهرات في مصر تنطوي على خطر كبير إذا لم تستجب الحكومة لمطالب الشعب». ورأت الصحيفة أنه لا يزال هناك وقت للتصرف «لكن إذا لم يتم فعل شيء فإنه سيتم بذلك تعريض البلاد لخطر واضح». ودللت« لو فيغارو» على تحذيراتها بالأوضاع في تونس التي «أظهرت أن حركة احتجاجية من الممكن أن يكون لها تأثيرات غير عادية إذا تمت تقويتها بالقمع».