يعرف المغرب حاليا حدثا ثقافيا بارزا هو المهرجان الوطني للفيلم. ويتبارى في هذه التظاهرة 38 شريطا نصفها طويل. ومنذ عقد كان معدل ما ننتجه هو 4 أشرطة في السنة. وهذا التعبير الكمي عن التقدم الذي وقع في وتيرة الإنتاج، يرافقه تعبير عن التقدم النوعي، بفضل الآليات التي استحدثت لتقديم الدعم في جو الحرية. وإذا كانت الحصيلة السنوية تضعنا في مصاف أبرز الدول التي هي في مستوانا، فإن إنتاجات فنانينا تثير الانتباه إليها في الملتقيات الدولية شرقا وغربا. بل يمكن القول إن المغرب وحده يحقق تقدما في هذا الميدان. وسنة بعد أخرى يلاحظ أن الجوانب التقنية ينهض بها مهنيون مغاربة يتزايد عددهم وتزداد قيمة إنجازاتهم. ولابد من القول إن الدعم المادي الذي يقدم للمشاريع، بريء من أي تحكم. هناك توجه أساسي يضبط عمل لجنة الدعم للإنتاج السينمائي وهو النظر في المشاريع بكل نزاهة، مع الإلتزام بالمعايير التي تتضمنها النصوص المؤسسة للجنة والضابطة لعلاقتها مع مختلف الفاعلين. وكما شرحت في ندوة بتونس، فقد كان لي، وأنا وزير للاتصال، أن أعين مرتين رئيسا للجنة المذكورة، وفي المرتين كنت أكتفي بتسليم الوثائق المنظمة للعمل لرئيسها وأعضائها، ولا أطلع على النتائج إلا في نهاية الأعمال حينما تتخذ اللجنة قرارها بكامل الاستقلال. وحينما عهد إلي في السنة الماضية بتسيير عمل لجنة الدعم، ذكرت الأعضاء بالمعايير التي نسترشد بها في عملنا،وقلت لهم إننا تبعا لتلك المعايير مطالبون بأن نعطي الحساب عن أعمالنا في دائرة صلاحياتنا، إلى أستاذ في القانون هو وزير الاتصال، وأستاذ في الفلسفة هو رئيس المركز السينمائي. وقد ساعدنا استحضار الجوانب التنظيمية والمعنوية على أن تكون قراراتنا منطقية، ومستوفية لشروط الصحة، إلى درجة أن قراراتنا تصدر عادة بتسعة أصوات من بين 11 صوتا، مما يشير إلى وقوع شبه إجماع في تقويمنا الموضوعي للمشاريع التي ندرسها، علما بأن التصنيف النهائي تسبقه مداولات تساعد على تقارب وجهات النظر الفردية، وتمكننا من دراسة متأنية للمشاريع التي بين أيدينا لا نستنير فيها إلا بما تتضمنه النصوص التنظيمية. وهذه النصوص تزداد صقلا من سنة إلى أخرى، والوزارة الوصية بمعونة المركز المنسجم مع المتدخلين، يقلبان النظر في تلك النصوص وصولا إلى تحقيق الغرض المتوخى وهو النهوض بالسينما المغربية، وذلك بتضافر جهود المتدخلين من رسميين ومنتجين مبدعين، حيث أن الفاعلين في القطاع الخاص يجدون أن جهودهم المقدامة في الدارالبيضاء وورزازات هي مراهنات كانت في محلها. والنتيجة أن المركز يمكنه اليوم أن يتحدث عن حصيلة غنية. فهناك أعمال جيدة ينجزها مؤسسون من مخرجين/ات، وممثلين/ات، وتقنيين/ات، وكذلك مبدعون/ات، شبان/ات، أتوا من مشارب متنوعة. وأعمالهم تتناول موضوعات تغطي شتى مناحي الحياة المغربية، وهي في الطريق إلى أن تصبح قاطرة لفنون التعبير بالمغرب الحداثي. 23 يناير 2011