العولمة.. التنافسية.. الامثلية الخوصصة.. التنمية المستدامة... وغيرها من المصطلحات التى تم تعريبها فى العقدين الاخيرين وظهرت العديد من المقالات والكتب التى تبشر بها.. أحيانا تحذر منها.. ومرات تعتبرها تحديات.. وفى بعض الاحيان يتم اعتبارها قدرا لا مفر منه وعلى الجميع قبولها والتعامل معها.. وانتقلت التعبيرات والمفاهيم من الادبيات الى أن تصبح شعارات، ثم معايير لتصنيف الدول واخيرا من بين منطلقات ومرجعيات المنظمات الدولية ذات التأثير كالامم المتحدة ووكالاتها والبنك الدولى.. وصندوق النقد الدولى.. الى آخره من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية.. بل حتى المنظمات غير الحكومية . واعتبرها الجميع دلائل للتقدم والنمو.. كل ذلك بعد أن اصبح العالم أحادى الزعامة والقوة والتأثير. واذا ما انتلقنا من مرحلة الاندهاش والانبهار الى فحص النتائج الأولية.. نجد أن المنافع مازالت تعود وبصورة أكبر الى البلدان المتقدمة فالاستثمار وهو أهم عامل اقتصادى لاحداث التطور والتقدم يتجه بنسبة تزيد عن 75% منه الى الدول المتقدمة ولا يتبقى سوى الفتات للدول النامية خاصة العربية والافريقية وبينما تتم المناداة بحرية انتقال رؤوس الأموال ويتم التغاضى وعدم الالتفات الى حرية تنقل اليد العاملة حيث تتكدس فى الدول النامية بالرغم من شعارات القرية العالمية بل أصبحت القيود تفرض بصورة أشد وأكبر.. الأمر الوحيد الذى تتم مشاهدته هي حرية التجارة وهو موضوع بطبيعته يخدم الدول الصناعية المتقدمة.. اذ ان الدول النامية ستستمر كسوق استهلاكي لمنتجاتها ولا أمل فى اقامة صناعات محلية بالنظر الى قوة المنافسة المرتقبة والقادمة. ان شعارات العولمة واخواتها _ حسب وجهة نظرى المتواضعة _ ما هي إلا أسلوب جديد للاستعمار العالمى بالرغم من كل البريق الهائل المصاحب لها.. بل إنها أسوأ من الاستعمار المباشر حيث تشتمل على التغلغل الثقافى والاجتماعى ووضع نماذج أحادية تطمس خصوصية وتمايز الاقطار والمناطق.. ان عولمة الانتاج تعنى استيراد الآلات والادوات والتقنيات الغربية وتركز الدراسات والابحاث فى الدول الغربية المتقدمة حسب احتياجاتها وما علينا سوى النقل الكامل للتطبيقات المعلومة والمعلبة.. أما عولمة الاستهلاك فسيكون أنكى حيث سيتم شيوع النمط الاستهلاكى الغربى من الجينز الى الهامبورجر.. هذا بالاضافة الى عولمة الاداب والفنون والمعمار وسبل المواصلات.. الى آخر القاتمة.. اما الذين يتفرجون فلن يكون لهم مكان سوى الاستمرار فى البكاء والنواح على الماضى والحاضر والمستقبل..