عقد مجلس النواب كما جرت العادة جلسته العمومية المخصصة لأسئلة الفرق النيابية وأجوبة الحكومة إعمالا لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي، وقد تميزت بالمواضيع التي تطرق إليها الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية الذي دأب على بسط القضايا التي تهم الحياة العامة وانتظارات المواطنين وانشغالاتهم. وهكذا فقد تساءل الفريق في قطاعات التجهيز والتعليم والتشغيل والأوقاف. ميناء طانطان ينتظر إصلاحات عميقة تليق بمكانته الاقتصادية عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة انطلاقة مجموعة من الأوراش الكبرى والمهيكلة ومن بينها الموانئ غير أن تحقيق الفائدة المرجوة من وراء هذه التجهيزات لا تتحقق إلا بالمتابعة والإصلاح، وفي هذا الإطار تقدم الأخ بولون السالك بسؤال حول وضعية الموانئ، أشار في بدايته إلى الدور الاقتصادي والتجاري والاجتماعي الذي تضطلع به والمجهودات الحكومية في هذا الصدد والتي توجت بإحداث الميناء المتوسطي الذي يبقى معلمة اقتصادية فريدة في إفريقيا، وقال إن الانفتاح الذي عرفه المغرب وانخراطه في منظمة التجارة العالمية وإبرامه مجموعة من اتفاقيات الشراكة والتبادل الحر مع العديد من الدول وما يتطلبه توسيع قاعدة التصدير، يضيف يقتضي إحداث موانئ جديدة وتوسيع وإصلاح الموانئ الموجودة حتى تواكب التطور التجاري وتساير متطلبات التنمية الاقتصادية المنشودة كما هو الشأن بالنسبة لميناء طانطان الذي يحتاج إلى إصلاحه وتوسيعه والرفع من طاقته الاستيعابية حتى يصبح قطبا تجاريا رائدا بالمنطقة، ليتساءل عن الإجراءات المتخذة لإحداث موانئ جديدة وإصلاح وتوسيع الموجود منها. في بداية جوابه تطرق وزير التجهيز إلى أهمية القانون رقم 15.02 الذي فصل بين السلطة المينائية التي تمارس النشاط التجاري والسلطة السيادية للإدارة وهو ما أدى إلى ارتفاع مستوى الحاويات، كما تطرق إلى البنية التحتية التي بات المغرب يتوفر عليها في مجال الموانئ وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط، كما أشار إلى أن الوزارة بصدد إعداد مخطط مديري ستعلن عنه للموانئ بعد 3 أشهر سيتضمن مجموعة من الإجراءات تهدف إلى النهوض بمستوى الموانئ الموجودة وكذا إنشاء أخرى جديدة، وختم جوابه بالتذكير بقانون المالية لسنة 2011 الذي يتضمن بناء ميناء جديد بمدينة أسفي بمبلغ 300 مليون درهم، وكذا توسيع موانئ بوجدور، الداخلة طرفاية، وبخصوص ميناء طانطان أشار وزير التجهيز إلى أنه يدخل ضمن المخطط المديري المقبل. الأخ بولون السالك في معرض تعقيبه أكد على أهمية ميناء طانطان الذي حظي هذه السنة بالرتبة الأولى على مستوى الصيد الساحلي كما ذكر بالوعود التي قدمت منذ عشر سنوات من أجل إصلاحه غير أنه يعرف إصلاحات ثانوية فقط، مطالبا في نفس الآن بضرورة إشراك المهنيين في عملية الإصلاح الذي يجب أن ينصب على العمق. ساكنة إقليمجرسيف في حاجة إلى سد لحمايتها من الفيضانات وتنتظره منذ الاستقلال قطاع التعليم حظي بسؤال حول الأقسام التعليمية المتضررة نتيجة التساقطات المطرية الأخيرة تقدم به الأخ محمد البرنيشي والتي أدت بفعل غزارتها إلى تضرر العديد من الأقسام التعليمية بمختلف مناطق المملكة مما أدى إلى تعليق مؤقت أو توقف تام للدراسة، ليستفسر عن الإجراءات الاستعجالية المتخذة لإصلاح المؤسسات التعليمية المتضررة بما يضمن السير العادي والمنتظم للدراسة لأبنائنا بمختلف المناطق المتضررة، وكذا عن ضرورة تعويض الحصص التعليمية التي ضاعت على التلاميذ وهم على أبواب الامتحانات. وصل عدد المدارس التي توقفت عن الدراسة ما بين يوم واحد وخمسة أيام إلى 589 مؤسسة تعليمية بفعل التساقطات المطرية الأخيرة خلال شهري نونبر ودجنبر تجيب كاتبة الدولة في التعليم المدرسي، وعلى مستوى الإجراءات أشارت إلى برمجة حصص استدراكية لتعويض التلاميذ وكذا إصلاح الأضرار من خلال المجهود الخاص بالأكاديميات أو بتعاون مع الجماعات المحلية. في معرض التعقيب أعطى الأخ البرنيشي مثالا بالمؤسسات التعليمية الموجودة بإقليمجرسيف التي تضررت بشكل كبير، وهو ما يتطلب مجهودا حكوميا متضامنا لإصلاح الأوضاع بدل الحلول الموسمية حيث أن المنطقة تحتاج إلى بناء سد لحمايتها من الفيضانات المتكررة من الوديان الموجودة بها، وهو مطلب الساكنة منذ الاستقلال، حيث أن فيضانات تلك الوديان تتسبب في خسائر للمؤسسات العمومية وإتلاف الأملاك الخاصة والعمومية بما فيها المنشآت الفنية الخاصة بالقناطر التي تكلف مبالغ مالية مهمة. ضرورة ربط التعليم بسوق الشغل للقضاء على ظاهرة البطالة وفي قطاع التعليم أيضا تطرق الأخ حسن علاوي في سؤاله إلى النتائج الأولية للمخطط الاستعجالي لإصلاح منظومة التربية والتكوين الذي يدخل سنته الثانية وأعين المتتبعين مشدودة إلى النتائج التي يرغب الجميع ألا تكون مخيبة للآمال، معتبرا أن هذا البرنامج الاستعجالي جاء في فترة كان فيها التعليم يحتضر، كما ذكر بملاحظات الفريق الاستقلالي التي قدمها في عدة مناسبات ومنها النهوض بالتعليم بالمناطق النائية والجبلية، كما تطرق إلى قطاع التعليم العالي الذي يهدف المخطط إلى تقوية الإصلاح الذي بدأ العمل به داخل الجامعات المغربية بعد أن رصدت له ميزانية تقدر ب ( 12 مليار و 600 مليون درهم ) برسم سنة 2010 وحدها، بغرض تنمية الجامعة وإخراجها من أزمتها، ليتساءل عن الإجراءات المتخذة في إطار هذا المخطط لتحويل الجامعة إلى مؤسسة قادرة على مواكبة التطور الحاصل في المقاولات الوطنية والدولية، استجابة لمتطلبات سوق العمل، ومحاربة الهدر المدرسي في صفوف الطلبة الجامعيين، ومصير المتخرجين منهم من المسالك المهنية المحدثة. مطالبا بضرورة الابتعاد عن الشواهد العاطلة من خلال جعل المتخرجين يرتبطون بسوق الشغل. على مستوى النتائج قدمت العابدة أرقاما خاصة بالتعليم العالي، حيث بلغ عدد الطلبة 370 ألف بزيادة 9 %، كما عرف توجيه المسالك التقنية والعلمية ارتفاعا ب 54 %، نسبة التخرج ذات الولوج المفتوح أكثر من 37 %، الإجازات المهنية 73 %، كما أضافت مساهمة قطاع التعليم العالي في البرامج القطاعية مثل 10 ألاف مهندس حيث تم تخريج 9700، وكذا نجاح برنامج ترحيل الخدمات بنسبة 100 %، وعلى مستوى البحث العلمي تم إحداث 50 مركزا للدراسات خاصة بالدكتوراة. المطالبة بإجراءات أكثر فعالية لإدماج الخريجين بسوق الشغل وفي قطاع التشغيل وجه الأخ حسان التابي سؤالا حول التدابير المتخذة لتحسين وضعية التشغيل، مشيرا في بدايته إلى تراجع نسب البطالة خلال السنوات الأخيرة بفعل الإجراءات الرامية إلى توسيع قاعدة التشغيل وسياسة الإصلاحات والأوراش الكبرى و تسريع وتيرة النمو الاقتصادي رغم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي انعكست سلبا على وضعية التشغيل، مضيفا أن تزايد طلبات العمل، بما فيها تلك لخريجي الجامعات والمعاهد ومؤسسات التكوين، تتطلب من الحكومة تدابير ناجعة من شأنها تحسين وضعية التشغيل واستيعاب الطاقات والكفاءات المتخرجة حتى تتمكن من الاندماج في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها البلاد. وأرجع وزير التشغيل أثناء جوابه مشكلة البطالة إلى الإشكالية المرتبطة بالتعليم والتكوين ومتطلبات التنمية، وهو ما دفع بالحكومة منذ ثلاث سنوات إلى وضع مخططات قطاعية تهدف إلى تقوية النسيج الوطني الاقتصادي وتوسيعه ليسهم في خلق المزيد من فرص الشغل، معتبرا أن هاجس التكوين يبقى حاضرا في هاته المخططات، بالإضافة إلى توسيع قاعدة وكالة إنعاش الشغل والكفاءات من خلال الموارد البشرية أو الانتشار الجغرافي، ثم الدور الذي تقوم به مبادرات التشغيل الذاتي، بالإضافة إلى إعداد دراسات معمقة لمعرفة حاجيات سوق الشغل، وعلى مستوى التكوين المهني أكد أن معدل الإدماج بالنسبة للخرجين منه وصل إلى 64 % . الأخ التابي في معرض تعقيبه ثمن المبادرات الحكومية من أجل تحسين وضعية التشغيل ومواجهة ظاهرة البطالة، على أمل أن تكثف الحكومة جهودها من أجل استغلال المؤهلات الطبيعية والاقتصادية التي تتوفر عليها بلادنا في مختلف القطاعات الإنتاجية الإستراتيجية كالفلاحة، الصيد البحري، الصناعة والتجارة، الخدمات، الصناعة التقليدية والسياحة، المعادن وغيرها من الإمكانات المتاحة لصالح توسيع قاعدة التشغيل وتوفير فرص العمل لصالح الشباب المغربي، بما في ذلك إقليم طاطا الذي يحتاج أبناؤه إلى مزيد من الدعم والتكوين والتأطير لتمكينهم من فرص التشغيل وإخراجهم من دائرة البطالة التي يعانون منها كبقية الأقاليم النائية التي لا تتوفر فيها فرص العمل بشكل يستجيب للحاجيات المطلوبة . المدارس العتيقة بجهة سوس تحتاج العناية بها وبطلابها ومن جهته تقدم الأخ الحسن أمروش بسؤال حول وضعية المدارس العتيقة والتي اعتبرها تجربة رائدة في ميدان تحفيظ القرآن وتدريس علوم الدين، بالنظر للدور الذي لعبته هذه المدارس المنتشرة بكافة ربوع المملكة، لكنها وعلى أهميتها تعيش وضعية صعبة سواء فيما يتعلق بالجانب المادي، حيث أن التدريس يتم داخل أماكن لا تتوفر على أدنى الشروط على مستوى قاعات التدريس وأماكن إقامة الطلاب التي لازالت في غالب الأحيان عبارة عن بيوت طينية، أو فيما يتعلق بالمناهج التعليمية العتيقة التي تأخذ من الطالب جهدا ووقتا كبيرين. وحتى بعد التحصيل فإن آفاق الشغل مسدودة أمام الخريجين، اللهم ما يتعلق بالإمامة، ليتساءل عن الإجراءات العملية المتخذة لتحسين هذه الوضعية ومنح الفرصة لهذه المدارس العتيقة للاستمرار في إشعاعها و إعطاء قيمة لخريجي المدارس العتيقة. في بداية جوابه أكد وزير الأوقاف على الدور الذي لعبته المدارس العتيقة منذ الاستقلال من خلال تكوين القيمين الدينيين والعلماء، كما ذكر بأهمية صدور قانون التعليم العتيق سنة 2002 في النهوض بأوضاع هذه المدارس من خلال رصد إمكانيات مالية لها، معتبرا أن الإشكال اليوم هو قبول أهل التعليم العتيق بالاندماج في مقتضيات ذلك القانون، وهو ما بدأ يتحقق من خلال تصريح 90 % منهم بوجودهم والاندماج، وبالنسبة للإجراءات قال إن الحكومة وبشكل متدرج تقوم بإصلاح تلك المؤسسات وإنشاء أخرى جديدة وتجهيز بعض الداخليات، وكذا تطبيق البرامج التي نص عليها القانون الثلثين للعلوم العصرية والثلث للعلوم الشرعية، واقترح في الاخير ضرورة التفكير في إنشاء مجموعات جهوية لتطبيق هذا البرنامج من أجل تطوير أعمال المدارس العتيقة. الأخ أمروش نوه بتلك المجهودات لكنه طالب بتعميمها خاصة بجهة سوس التي مازال طلاب العلم بالمدارس العتيقة يقيمون في ظروف مزرية ولا يستطعون الاندماج في التعليم الأصيل والكليات رغم الرغبة الموجودة لديهم.