يتجه الوضع الأمني الهش في شبه الجزيرة الكورية إلى هاوية خطيرة. وقد آن الأوان لقيام الأطراف المعنية بدراسة إيجابيات وسلبيات زيادة تصعيد التوتر. رغم تحذيرات بيونغيانغ، فقد أطلقت كوريا الجنوبية مناورة بحرية بالذخيرة الحية أخيراً، بما في ذلك مواقع في المياه المتنازع عليها قبالة الساحل الغربي لشبه الجزيرة المقسمة. وقد فاقم هذا بشكل أكبر، العداء بين الجمهورية الكورية وجمهورية كوريا الشعبية. اشتعل التوتر الأخير بعد تبادل إطلاق النار المميت بين كوريا الشمالية والجنوبية، في الثالث والعشرين من نونبر الماضي. وبعد ذلك، بدأت الولاياتالمتحدة وجمهورية كوريا مناورات بحرية مشتركة لمدة أربعة أيام، في المياه الغربية لشبه الجزيرة الكورية. إن مثل هذا الاستعراض الهائل للقوة، الذي تلاه أكبر تدريب بحري للولايات المتحدة واليابان، الذي بدأ أخيراً، ليس من شأنه إلا زيادة في حدة التوتر في المنطقة، والتهديد بتفجير برميل البارود في أي وقت. وربما يخرج الوضع عن السيطرة، في الوقت الذي يبدو أن العداء بين الدولتين قد بلغ ذروته خلال عقود.يتعين على جميع الدول المعنية، أن تقيّم الوضع بحكمة، وتبحث ما إذا كان الصراع يسير وفق ما يريدونه حقاً. تعتبر شبه الجزيرة الكورية إلى حد ما، المنطقة الوحيدة في العالم التي لا تزال تحت مظلة تفكير الحرب الباردة. ويعتبر هذا ضد الاتجاهات السائدة في العالم اليوم، والتي تميل بشكل متزايد في اتجاه السلام والتنمية. لا ينبغي أن تكون شبه الجزيرة الكورية مكاناً لممارسة لعبة صفرية، الأمر الذي يعتبر غير مسؤول وغير أخلاقي، من خلال تعريض حياة عشرات الملايين من البشر للخطر. وينبغي على الأطراف ذات الصلة، إدراك أن هذه المواجهة ليست هي الحل للأزمة الحالية بين الكوريتين، وينبغي أن تكون على وعي تام بالعواقب المحتملة لأي تصعيد متزايد للتوترات في شمال شرق آسيا. إن الصين، كدولة كبيرة مسؤولة في المنطقة وكجارة قريبة من الكوريتين، دعت باستمرار جميع الأطراف إلى التحلي بالهدوء وضبط النفس، وبذلت جهوداً دبلوماسية نشطة من أجل تهدئة الوضع، من خلال محاولة إعادة الأطراف المعنية إلى طاولة المفاوضات. وخلال محادثة هاتفية أجراها الرئيس الصيني اهو غينتاوب مع نظيره الأميركي باراك أوباما، حذر من أن التوترات في شبه الجزيرة الكورية من الممكن أن تزيد من التصعيد وفقدان السيطرة، الأمر الذي لن يكون في مصلحة أحد. تظهر تصريحات اهو غينتاوب قلق الصين العميق إزاء الوضع، ووجهة نظرها تجاه الأزمة الحالية. فلو اندلعت الحرب حقاً، فلن يكسب أي من الطرفين، وكلاهما سوف يدفع ثمناً باهظاً. لقد حثت الصين على إجراء الحوار والمفاوضات في إطار المحادثات السداسية، وهو الإطار الوحيد لمناقشة المسائل الأمنية في شمال شرق آسيا، الذي يضم الصين وكوريا الديمقراطية والولاياتالمتحدة وجمهورية كوريا وروسيا واليابان. إن استئنافاً مبكراً للمحادثات السداسية، يعتبر الحل الواقعي الوحيد للأزمة الجارية في شبه الجزيرة الكورية، ذلك أنه يتفق مع المصالح الأساسية لجميع الأطراف.