كتب الباحث المصري فهمي هويدي مقالا عنونه ب «قبل أن يسقط المغرب من الذاكرة المشرقية» أكد فيه أن كون مشاكلنا في المشرق أكثر من الهم على القلب، لا يغفر لنا أن نسقط المغرب من حسابنا، ونتركه نهباً للطامعين والكائدين والمتفرنسين, وجاء في المقال ذاته الذي نشره الموقع الإلكتروني «الخليج» أنه في كل مكان ذهب إليه هويدي كان يرجو ممن التقاهم أن يحدثوه باللغة العربية، ويحدث ذلك في الفندق والمطعم والسوق والتاكسي وصولاً إلى شرطة المرور والحمالين، الذين يتزاحمون في المطار . ولم يكن ذلك جديداً عليّه كما كتب لأن فرنسة اللسان المغاربي كانت أهم إنجاز حققه الاحتلال، الذي سحب عساكره وترك لغته لكي تبقي على الاحتلال وتكرسه . وكانت المفارقة أن اللغة الفرنسية منيت بهزيمة نسبية، وصارت تتراجع في مواطنها (كما تحدثت لوموند دبلوماتيك في عددها الصادر في أول ديسمبر الحالي) إلا أنها ما زالت ثابتة القدم ومهيمنة في المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا على الأقل، المتغير الذي لاحظه هويدي هذه المرة في المغرب تمثل في أمرين، الأول أن الحديث بالفرنسية صار وباء ولم يعد مجرد مرض عارض، والثاني أن الثقافة الأمازيغية أصبحت تحتل موقعاً متقدماً في لغة الخطاب العام . والأمازيغية لهجة «البربر» التي كانت في الأصل منطوقة ثم تحولت إلى مكتوبة، وأصبحت هناك قناة تلفزيونية ونشرات إخبارية ناطقة بها، وتولى رعاية هذا المد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وهو أمر لا غضاضة فيه طالما أن 30% من ذوي الأصول «البربرية» في الجمهور المغربي لا يتكلمون العربية . إلا أن المشكلة أنه في حين تتقدم الفرنسية والأمازيغية، فإن التراجع مستمر في حظوظ اللغة العربية حتى ظهرت جماعات دعت إلى اعتماد الدارجة المغربية محل العربية الفصحى، واعتبارها لغة وطنية بدلاً من الفصحى .