تدور صفحات كتاب د. إبراهيم الفقي «قوة الحب والتسامح» الصادر عن بداية للإنتاج الإعلامي، حول منظومة ثلاثية هي التسامح الحب العطاء مرتبطة بعضها ببعض، بحيث لايستطيع المرء أن يصل لواحد منها دون الآخرين. ولاشك أن حياة الإنسان لاتستقيم ولا يكون لها معنى بدون الحب، فبالحب خلق الله تعالى الخلق، وبالحب أمرهم سبحانه بعبادته، وبالحب سيكافئ المولى تبارك وتعالى عباده الصالحين. وكي نصل لمرحلة الحب المتكامل يجب أولا أن نصل إلى التسامح المتكامل، ومنه إلى الحب الذي سيقودنا إلى مرحلة العطاء كما قال المؤلف. لأنك لاتستطيع أن تعطي بدون الحب، ولن تستطيع أن تحب بدون التسامح.. هذا هو مغزى كتاب هذا الأسبوع فلنبدأ من البداية. من الطبيعي أن يكون لدى كل إنسان ماض به الكثير والكثير من التجارب والخبرات التي تحتوي على المشاعر والأحاسيس. ومن الخطأ أن يأخذ الإنسان تجربة من الماضي بنفس شعورها وأحاسيسها للمستقبل، لأنه سينتج عن ذلك قانون التراكم وهو قانون من قوانين العقل الباطن، وقانون التراكم يعني أن الإنسان يأخذ تجربة من الماضي ويفكر فيها من جديد بنفس شعوره وأحاسيسه وقت حدوث تلك التجربة، وهذا يعطي لتلك التجربة قوة أكثر فتقوى المشاعر والأحاسيس أكثر وأكثر. يوجه المؤلف الإنسان إلى أن يقول لماضيه: «لقد تعلمت منك الكثير والكثير ذلك من خلال التجارب والخبرات، لكنني سأترك المشاعر والأحاسيس لك ولن آخذها معي للمستقبل أبدا». فطاقة الإنسان بين أمرين: إما أنها تجعل هذا الإنسان يحقق أهدافه أو أنها ستصل بهذا الإنسان الى مرحلة سيندم على وصوله إليها. ولابد للمرء أن يفكر جيدا في المعلومات التي يغذي بها عقله، فأنت عندما تأكل تختار أفضل الطعام لتغذي جسدك.. فلماذا لاتختار وتنتقي أفضل المعلومات والأفكار التي تغذي عقلك؟ التسامح: إن التسامح شيء يتعلمه الإنسان بسهولة لكن تنفيذه صعب. يجب على المرء أن يمرّ بمرحلة التسامح، وهي تشمل التسامح المنطقي والتسامح العاطفي. بمعنى أن الإنسان كلما فكر في شخص كان قد غضب منه يتمنى له الخير، فالأسهل والأفضل أن تسامح وسيعطيك الله - سبحانه وتعالى - الثواب، فنحن ليس لدينا الوقت في هذه الدنيا للحزن والضيق والغضب من شخص معين أو موقف محدد. أنواع الذات كل إنسان يوجد بداخله ذات مزيفة وأخرى حقيقية، وكي نصل إلى مرحلة التسامح يجب أن نعلم أنواع الذات: أولا: الذات المزيفة: وهي الذات السفلى، فالذات المزيفة هي التي تحتوي على الخوف واللوم والحقد والغيرة والمقارنة، كما تحتوي على الغضب والخصام والكذب والنميمة والمنافسة، فتصل هذه الذات بصاحبها إلى مرحلة الكراهية ثم التكبر. فالذات المزيفة مليئة بالضغوط النفسية فهي توصّل صاحبها إلى الشعور بالوحدة والقلق والضياع والإحباط والتعاسة، كما أنها توصل صاحبها إلى العيش في الماضي أو العيش في المستقبل. ثانيا: الذات الحقيقية وهي الذات العليا التي يصل لها الإنسان كل يوم ومن وقت لآخر، ومن ضمن الأشياء التي تحتوي عليها الذات الحقيقية التسامح الذي سينتج عنه الحب والذي سيتبعه الحنان ثم العطاء ثم مرحلة الاتصال مع الآخرين ثم الكفاح في سبيل الله ثم الكفاح لتستمر في حياتك حتى تصل للثقة والتفاهم مع الآخرين وتصل للتواضع والتعلم والصبر والصدق. وكل هذه الأمور الإيجابية ستجعل صاحب هذه الذات يصل لراحة نفسية وهدوء نفسي وهو أمر ليس من اليسير الوصول إليه. فراحة البال شيء يطمح إليه الجميع لأنه يجعل صاحبه يتقبل نفسه كما هي فيصل الإنسان لمرحلة الحكمة والسعادة التي ستجعله يعيش في الوقت الحاضر لا في الماضي ولا في المستقبل. يجب أن يكون إحساس المرء إيجابيا مهما كانت الظروف ومهما كانت التحديات، ومهما كان المؤثر الخارجي، ومن المفاهيم الخاطئة عن التسامح أن معناه الضعف أو التحكم أو تقبل الإهانة أو نسيان الأمر تماما. وعدم التسامح سيسبب أمرين: زيادة الشعور والأحاسيس السلبية. زيادة حدة التجربة. إذا كان الإنسان متسامحا فإن تفكيره سيكون بشكل صحيح وسيكون لديه اتزان في القوة الروحانية التي سينتج عنها اتزان الذهن الذي سيعقبه اتزان الشعور والأحاسيس، وسينتهي الأمر بأن يكون الجسم كله في اتزان فيحدث اتزان جسماني. وأما دوائر التسامح فعديدة منها تسامح المرء مع نفسه ومع والديه ومع أولاده وأفراد عائلته، ومع الناس، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده لذلك كان عليه أن يغفر ويسامح غيره ممن أساءوا إليه. الحب إن الحب يصنع المعجزات، ودوائره عديدة تبدأ من حب الله تعالى وحب المخلوقات والنفس والوالدين والعائلة وتمتد إلى حب الناس والعمل. فرضا الله تبارك وتعالى يجب أن يكون الشغل الشاغل لكل إنسان في هذه الحياة. وحب الله ليس بمجرد الكلام بل بالفعل. والإنسان الموصول بالله دائما لا يصيبه هم ولا حزن حتى وإن أصابه ما في صورته الخارجية ضرر إلا أنه في حقيقته الخير من الله تعالى وحب الله سبحانه ينبع منه حب كل المخلوقات سواء من بني آدم أو من المخلوقات الأخرى، وعلى المرء أن يحب نفسه ويقدرها، ويقول أنا أحب الهدية التي وهبني الله سبحانه. ومن حبك لله سينبع حبك لنفسك لأنك معجزة أبدعها الله عز وجل. وعليك أن تحب والديْك مهما فعلا وأن تحب إخوتك كما هم. فإذا كان هناك من يخاصم أحدا في عائلة فينبغي ألا يفعل ذلك ونحن نعلم أن الخصام أكثر من ثلاثة أيام أمر يغضب الله سبحانه وتعالى والخصام شيء يفقدنا جزءاً من طاقتنا. وعلينا أن نتعلم كيف نجتاز ما يعترضنا من ظروف وعقبات، وكيف نتكيف مع مالا نستطيع اجتيازه مما لا يرضينا وما لا نحب من حالات وظروف ومواقف. ويجب على الإنسان أن يحب عمله ويجتهد في إتقانه فذلك من أسباب سعادته. وعليه كذلك أن يحب الناس بلا شروط، فحبك للناس نعمة من الله تعالى كما أن حب الناس لك نعمة أيضا، ويجب أن يتسم الإنسان بالعطاء. فعلى قدر عطائه لغيره سيكون كرم الله تعالى له. وختم المؤلف توجيهاته بهذه العبارات «عش كل لحظة وكأنها آخر لحظة في حياتك، عش بالإيمان، وبحب الله سبحانه وتعالى عش بالأمل، عش بالحب، عش بالكفاح، وقدّر قيمة الحياة، تعلم من تجاربك، وتخيل نفسك في المستقبل، واعلم أن هذه مجرد مرحلة، وأن هذه هي تحديات الحياة، ولن تأتي الظروف دائما بما ترجوه. لكن يجب أن يكون إحساسك إيجابيا مهما كانت الظروف ومهما كانت التحديات، ومهما كان المؤثر الخارجي، فأنت لا زلت حيّاً.. تتنفس.. عندك فرصة لتقترب أكثر من الله سبحانه وتعالى... واعلم أن الحب هو أساس الحياة ونعمة عظمى من الإله سبحانه فلا تحرم نفسك أن تعيش في ظل تلك النعمة العظيمة».