انتقد محمد الناصري، وزير العدل، بعض الأسر المغربية الراغبة في التخلص من بناتها عن طريق تزويجهن وهن قاصرات، لتحصيل منافع مادية، أو امتثالا لتقاليد بالية، لا تزال تقض مضجع المجتمع المغربي، التواق إلى التغيير الإيجابي في أنماط حياته. وقال الناصري، الذي كان يتحدث في مجلس المستشارين، يوم الثلاثاء، إنه يحس بمرارة ، وآسى، وهو يتابع كما المواطنين استمرار ظاهرة تزويج القاصرات ، مؤكدا أن ذلك يعد جزءا من واقع البلاد، حيث تتزوج البنات بالطريقة التقليدية ، التي لم تعد تصلح للمجتمع ، لارتفاع عدد سكانه ، وتفاديا لاختلاط الأنساب، وتتمثل في الزواج بالفاتحة ، بدون رسم عقد النكاح، لكون تلك الأسر تعتبر تزويج البنت التي بلغت سن 13 أو 14 سنة، أمرا عاديا وطبيعيا، وفي حالة تعذر عليها ذلك ، تنعت البنت بمسميات غير معقولة، مثل تسميتها ب" بايرة"، أو البنت التي فاتها الركب، ولم تعد تصلح لأي شيء، لذلك تستغل تلك الأسر أية فرصة تتاح لها لتزويج بناتها، حيث تابع المواطنون ما يجري في بعض المناطق في برنامج تلفزيوني بالمغرب، في الآونة الأخيرة، حيث عبر المواطنون عن أسفهم البالغ لما يحدث في ببعض المناطق. واستغرب الناصري بيع بعض الأسر لبناتها عن طريق الرهن، إذ يصل ثمن البيع أو الرهن 10 مليون سنتيم، وقد يتعداه، حيث يحصل الأب على المال، وذلك لمدة معينة، فإن اتفق الطرفان على الزواج القانوني، بمباركة أسرتهما، فذلك، عين العقل، وإن لم يحصل الاتفاق، يتم رد المهر، أو " الرهن" لأصحابه، لكن الطامة الكبرى، تحصل حينما يقع هناك حمل، حيث تقع مشاكل أسرية ومجتمعية، قد ينجم عنها فرار البنت خارج محيطها العائلي. وأكد الناصري أن محاربة هذه الظاهرة، لن تحل بإقرار القوانين، مثل مدونة الأسرة، التي نظمت هذا الأمر بسلاسة، حيث تولي وزارة العدل أهمية قصوى للتطبيق السليم لها، ولكن من خلال تضافر جهود جميع المتدخلين، خاصة المنتخبين في المناطق التي تشهد استفحال هذه الظاهرة، وكذا نشطاء جمعيات المجتمع المدني ، ووسائل الإعلام، والبرلمان، مشيرا إلى تعديل المادة 16 من قانون مدونة الأسرة، الذي سمح بتمديد مدة إقرار الزوجية وثبوتها، لأمر قانوني يساعد على تقليص حدة هذه الظاهرة من جهة، وتوعية المواطنين بأهمية توثيق عرى الزواج. بيد أن الناصري قلل من شأن تأثير هذه الظاهرة أو تعاظمها، موضحا أن وزارة العدل لا تلبي جميع الرغبات المطلوبة في هذا المجال ، إذ بلغ عدد الزيجات المأذون لها بالزواج في سن 17 سنة 71.30 في المائة، فيما بلغت النسبة للواتي يبلغن سن 14 عاما، 0.30 في المائة ، وسن 15 عاما ، 2.82 في المائة ، مضيفا أن القضاء لوحده لا يمكنه إنهاء هذه المآسي ، ولكن تعليم البنات، ومحاربة الفقر والتهميش، وتدخل جمعيات المجتمع المدني، لتوعية الأسر بأهمية توثيق عقود النكاح، من جهة، ومحاربة ظاهرة زواج القاصرين من جهة أخرى، كفيل بتغيير عادات وتقاليد الأسر. وقال الناصري إن ظاهرة تزويج القاصرات مسألة عالمية، تعيشها بلدان أخرى، بينها من تقوم بخطبة أطفالها، انسجاما مع تقاليد غارقة في القدم، على أن تحرص على تزويجها، حينما يبلغ الطفلان سن الرشد، رغم اختلاف الطباع بين الزوجين، وهو ما تسعى وسائل الإعلام إلى إثارته قصد المساهمة في التخفيف من حدة هذه الظاهرة الاجتماعية. وحسب معطيات وزارية رسمية حصلت عليها «العلم» يصل عدد طلبات زواج القاصرين 42 ألف و741 شخصا، يتوزعون كما يلي: الفئة العمرية 17 عاما ، وصل عدد طلبات الأسر 30 ألف و512 ، واستجاب لها القضاء بنسبة 71.30 في المائة، أما الفئة العمرية الممثلة في سن 16 عاما ، فبلغ عدد طلبات الزواج 10 ألف و896 شخص ، تمت الاستجابة ل25.49 في المائة، أما سن 15 عاما، فبلغ عدد طلبات الأسر 1204 ، وتمت الاستجابة ل2.82 في المائة، فيما سن 14 سنة، وصل عدد طلبات الزواج 129 ، لم يتم الاستجابة سوى ل 0.30 في المائة. ووجهت وزارة العدل منشور إلى مختلف المحاكم، يرمي إلى الحرص على توفر الشروط المطلوبة للإذن بزواج القاصرات، وتنظيم أيام دراسية لتوحيد معالجة القضايا المتعلقة بزواج القاصرين.