حسب الإحصائيات الأخيرة لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي فإن عدد التلاميذ الذين يغادرون المؤسسة التعليمية بلغ 400 ألف تلميذ وتلميذة، ففي سنة 2007 وحسب معطيات من وزارة التربية الوطنية أن نسبة الانقطاع عن الدراسة في مجموع المرحلة الابتدائية بالمغرب تصل الى 3.95% بالنسبة لمجموع التلاميذ بينما تصل الى 1.39% لدى الإناث. وفيما يخص التعليم الثانوي الإعدادي فتصل نسبة الهدر الى 6.26% بالنسبة للمجموع و 5.61% لدى الإناث، وفيما يتعلق بالتعليم الثانوي التأهيلي فتبلغ نسبة الهدر 3.31%. وأوضح عبد الباري بوفلجة رئيس المنظمة المغربية لمكافحة الهدر المدرسي والتنشيط السوسيوثقافي التي تأسست في 7 أبريل الماضي في تصريح ل «العلم» أن الأهداف التي تقوم عليها منظمته في طليعتها محاربة الهدر المدرسي وتشجيع الشباب والأسر وتسجيل أبنائهم بالمدارس لوج صفوف الدراسة، وأضاف أن هذه المنظمة لاتتوصل بأي دعم من أية جهة معينة، لكنها تبادر بتنظيم العديد من الملتقيات كالملتقى الوطني لمكافحة الهدر المدرسي بمراكش بدعم من أكاديمية التعليم بهذه المدينة وقامت بتنظيم ندوات للتحسيس بخطورة الظاهرة، من ذلك ندوة بالعرائش وقافلة بوزان. ويذكر أن مشكل الهدر المدرسي من المشاكل العويصة التي تؤثر بشكل سلبي على المجتمعات وتشل حركتها ليس في المغرب فحسب بل في العالم بأسره، فحين يتحدث السوسيولوجيون عن الهدر فإنهم يعنون به التسرب الذي يحصل في مسيرة الطفل الدراسية والتي تتوقف في مرحلة معينة دون أن يستكمل دراسته، ويقولون إنه يصعب تحديد أسباب هذه الظاهرة لأنها تتعلق بالظروف الشخصية لكل تلميذ حيث تبقى الأسرة هي صمام الأمان بشكل عام في هذه القضية، فإذا حافظت على أبنائها من المشاكل العائلية التي تؤثر فيهم كالطلاق مثلا، وقد تفوز بجزء من مستقبلهم، وإذا كان العكس فستكون النتيجة سلبية. ويضيفون مشكل الدخل المادي، فبعض العائلات ليست باستطاعتها تسجيل أبنائها بالمدرسة نظرا لدخلها الضعيف، وهناك بعض الأسر من لها موقف سلبي منها إذ تفضل زواج بناتها بدل إقبالهن على صفوف الدراسة. وأشاروا الى أسباب أخرى يلخصونها في الفشل الدراسي، مؤكدين أن التلميذ بكثرة الرسوب كل سنة يشعر بإحباط قد يشكل له نفورا عن الدراسة، وهناك أيضا سوء العلاقة بين المدرس والتلميذ وما تولده من قلة الاحترام بين الطرفين، فوجب على المدرس تحبيب مادته للتمليذ وتقديمها بطريقة سهلة، إضافة الى خلق أنشطة ترفيهية لخلق جو أخوي بينهما والابتعاد من الروتين اليومي، أضف الى ذلك مشكل غياب الأساتذة المتكرر وسوء البنية التحية، كل هذه عوامل راجعة لتفشي هذه الظاهرة. و،تبقى الإشارة أن الهدر المدرسي له نتائج أولها انتشار الأمية في البلاد، لأنها تقف عائقا أمام انعتاقها من التخلف وتحقيقها للتنمية ومن أولى نتائج الأمية نجد البطالة التي من شأنها أن تدفع الشباب القيام بأنشطة غير مشروعة كالهجرة أو الإقبال عن المخدرات ومزاولة أعمال إجرامية. ويقترح باحثون آخرون حلولا للحد من هذه المعضلة وهي تكثيف العمليات التحسيسية التي ترتكز بالأساس على ضرورة تسجيل الأبناء بالمدارس وإقناعهم بفكرة الالتحاق بصفوف الدراسة، ومن الحلول أيضا إنشاء دور للفتيات المنحدرات من الوسط القروي لتشجيعهن على إتمام دراستهن دون أي خطر على حياتهن بالإضافة الى تطوير المواصلات في مجال النقل المدرسي في أوساط التلاميذ القاطنين بعيدا عن المؤسسات التعليمية وهو ما لامسناه في السنوات الأخيرة، حيث خصصت بعض المؤسسات سيارات للنقل المدرسي تنقل التلاميذ الى المدارس ووزعت دراجات على التلاميذ لضمان ظروف دراسية جيدة.