لم يكن من قبيل الصدفة أن يحرص حزب من أحزاب المعارضة على استعمال آلية التصويت على مشروع القانون المالي بمجلس النواب بطريقة خاصة تجسد الخلفيات السياسية التي رافقت هذا التصويت. وهي على كل حال تعطي إشارات مهمة ستساعد المحللين والمراقبين للشأن النيابي والسياسي في بلدنا على فهم جزء من الظاهرة السياسية في المغرب. فمن حيث الكيل بالجملة فقد ارتأى 17 نائبا من نواب هذا الحزب المعارض الذين حضروا جلسة التصويت على مشروع القانون المالي بمجلس النواب من أصل 56 نائبا التصويت بالامتناع على مشروع القانون المالي، وهي إشارة سياسية فهمناها لكن هذا الحزب من حيث التصويت بالتقسيط على الميزانيات الفرعية لم يكن له نفس المنطق ، بل حرص على إعمال منطق تجزيئي مخالف. إذ لم يكن مفاجئا في هذا الصدد أن يصوت نواب هذا الحزب الطري لفائدة وزارات السيادة وقطاعات أخرى لا تتحمل مسؤوليتها شخصيات سياسية. فكان مفرحا لهذا الحزب أن يصوت نوابه بالايجاب مثلا على ميزانية وزارة الداخلية. إذن، التصويت كان سياسيا مكتظا بالتناقضات الصارخة لم يقو هذا الحزب على التغلب عليها واضطر في الأخير إلى الاستسلام إليها. وعشنا زمنا حتى رأينا فيه حزبا من أحزاب المعارضة يصوت على جزء من الميزانية التي يشرف عليها سياسيون بالامتناع ويصوت على الجزء الآخر من الميزانية التي يشرف عليها لامنتمون، تقنوقراطيون بالايجاب. بالله عليكم، هل سمعتم حزبا يصوت ضد الأحزاب ويصوت لفائدة التقنوقراط؟! نعم حينما يتعلق الأمر بتقنوقراطيين متسترين في شخصيات حزبية سياسية.