كانت صحيفة «إندبندنت» تعلم دوماً، خلافاً لرئيس الوزراء السابق توني بلير ، أن الحرب تميل بشكل رهيب إلى التردي. ولهذا السبب فإن معيار اللجوء إلى العمل العسكري يجب أن يتم ضبطه عند مستوى مرتفع جداً حقاً. وأخيراً، افتضحت العواقب الشيطانية لرد الفعل الأميركي الطائش على أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، أي غزو بلد لم تكن له صلة، في هذا الوقت، بتنظيم القاعدة. والحقيقة التي سعى الجيش الأميركي إلى إضفاء الغموض عليها، أصبحت الآن مكشوفة. فموقع اويكيليكسب يعرض صورة رهيبة تؤكد تأكيداً قاطعاً ما ذهبت إليه صحيفة «إندبندنت» وحدها من بين كل الصحف البريطانية. في السادس عشر من فبراير 2003، وبعد يوم من أكبر مسيرة شهدتها بريطانيا على الإطلاق، قلنا: «لقد كانت الدعاية للحرب التي أطلقتها الحكومتان البريطانية والأميركية غير بارعة على نحو مثير للضحك. والمحاولات التي قام بها بوش وبلير للربط بين العراق والقاعدة ليست مقنعة. حتى الآن لم يعثر كبير مفتشي الأسلحة النووية التابع للأمم المتحدة «هانز بليكس» على أسلحة دمار شامل. حتى وإن عثر على شيء، فإن «إندبندنت» لن تؤيد الحرب. «السؤال الرئيسي فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل هو ما إذا كان الرئيس صدام حسين سيستخدمها وهو يعرف حق المعرفة أن استخدامها سيثير حرباً من شأنها أن تقضي عليه. إننا نعتقد أن الردع لا يزال فعّالاً. هذه الأسئلة ليست سامية، ولكنها تمثل اعتراضات ثابتة وواقعية ضد حرب بدون مبرر واضح». لقد جنى العراق الدوامة التي غرس بذرتها الرفض غير المكترث من قبل الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش للنظر في الأمور المجهولة التي كانت يمكن معرفتها تماماً، إذا شئنا استخدام عبارات وزير دفاعه (دونالد رامسفيلد). وجنى العراق أيضاً وفاة 150 ألف عراقي، الغالبية العظمى منهم من المدنيين. وقتل الجنود الأميركيون المدنيين العزل، بمن فيهم الأطفال، والعراقيون الذين كانوا يحاولون الاستسلام. وشهدنا حالة الرتابة المفزعة في حوادث إطلاق النيران الصديقة، ومنها مقتل عناصر من القوات البريطانية على أيدي الجنود الأميركيين لأنهم كانوا يستمعون إلى أجهزة «آي بود» الخاصة بهم. هناك غض الطرف عن الانتهاكات التي جرت على أيدي قوات الأمن العراقية. وكذلك الأجندة اليومية الصراع الطائفي الذي يساء إدارته. لا شيء من هذا على الأرجح سوف يغير الأذهان فيما يتعلق بالدفاع عن الحرب التي شهدها العام 2003. ولكن يجب أن يحدث هذا التغيير. وحتى أولئك الذين يصرون على أن الرئيس بوش وبلير قد تصرفا بدوافع نبيلة يجب أن يقبلوا بأنهم ليس لديهم دفاع لدرء تهمة عدم الكفاءة. المسؤولية الرئيسية عن عدم حمل مبدأ وزير الخارجية الأميركي السابق ، كولن باول، بأن «ما تكسره، تملكه»، فهو يقع على عاتق الرئيس الأسبق بوش ووزارة الدفاع الأميركية. قد أهمل رامسفيلد ونائبه ، بول وولفويتز، ، في تجاهل التحذيرات من فراغ السلطة والصراع الطائفي وانهيار النظام المدني. وكان عدد القوات الأميركية التي تم نشرها في العراق غير كافٍ للحيلولة دون وقوع عمليات نهب منذ البداية. ولا يزال العراق بلا حكومة، بعد مضي سبعة أشهر من الانتخابات.