بإعلان فوز مرشحة حزب الشغالين بالرئاسة في البرازيل، يكون هذا البلد قد عرف لثاني مرة في تاريخه القريب مرشحين كفؤين في الطور الثاني، متساويين في الجدارة، نجاح أي منهما نجاح للديموقراطيا. وإلى جانب الرئاسة شمل الاقتراع 576 مقعد في مجلسي النواب والشيوخ. وكان هناك 6000 من المرشحين في مختلف المجالس التمثيلية الوطنية والولائية والمحلية وحكام الولايات. ولملء هذه المقاعد كان هناك ما لا يقل عن 364,094 من المرشحين. وكان من الناجحين في هذه الانتخابات التي جرى طورها الأول في رابع أكتوبر مونولوجيست فكاهي اسمه تيريريكا حظي بما لا يقل عن مليون و300 ألف صوت، وبذلك فهو أعلى النواب أصواتا. ومع ذلك فهو معرض إلى احتمال إلغاء انتخابه لأنه لم يوضح أنه يعرف الكتابة والقراءة. صارح هذا المهرج (هذا ليس نعتا بل اسم مهنة) ناخبيه بأنه لا يعرف ما يصنعه نائب فيديرالي ولكنه حينما يصل إلى برازيليا سيحكي لهم كل شيء. وكان أكثر صراحة وتواضعا حينما قال في حملته الانتخابية "صوتوا علي إذ يوجد من هو أسوأ مني". وقد استلطفه الناخبون وفاز في الطور الأول. وفاز أيضا الرياضي روماريو الذي انتخب نائبا فيديراليا، وزميله بيبيطو الذي فاز بمقعد في برلمان ولاية ريو. وقد تعامل البرازيليون مع التجارب الانتخابية دائما بجدية، ولكنهم يلجأون أحيانا إلى الدعابة لحشو صناديق الاقتراع بما يعبر عن الاحتجاج بواسطة السخرية. وفي سنة 1988 تسلينا لعدة أيام بترشيح مواز أخبرت به الصحف لقرد اسمه المكاكو تياون، وهو شيمبانزي محبوب من لدن الأطفال من رواد حديقة حيوانات ريو دو جانيرو. وكانت الجرائد تنشر تفاصيل مسهبة عن سير الحملة الانتخابية للقرد المذكور، الذي رشحوه لمنصب عمدة مدينة ريو دو جانيرو، نكاية بالطبقة السياسية. وكان كل ناخب أراد أن يفسد تصويته يكتب اسم الماكاكو في ورقة الاقتراع، وقدرت الأصوات التي نالها بما لا يقل عن 400.000، وهذا الرقم مسجل منذ ذلك الوقت في سجل غينيس كأكبر قرد حظي بأعلى الأصوات في التاريخ. وذكر أحد المعلقين اليوم بأن عدد الأصوات التي نالها الماكاكو تياون يفوق ثلاث مرات ونصف عدد الأصوات التي فاز بها اليوم اللاعب روماريو أكبر هداف في كأس العالم سنة 1994، الذي ذكر الناس بأمجاده باتخاذه شعارا لحملته: من أجل تحقيق مزيد من الأهداف. وقد اعتبر هذا الذي حدث في البرازيل، من حيث نوعية بعض المترشحين، من غير السياسيين المحترفين، وهو أمر يوجد مثيل له في بلدان ديموقراطية أخرى، تعبيرا عن استخفاف الناخبين بالطبقة السياسية، التي أصبحت لها في عالم اليوم، مواصفات مغايرة لما كان سائدا من قبل أن يهب إلى السياسة بيرلوسكوني، ومن قبيل اللاعب بيلي الذي يروى عنه على سبيل التفكه قوله إن الجماهير لا تعرف كيف تصوت.