أفاد التقرير الاقتصادي والمالي المرفق بمشروع القانون المالي لسنة 2010 أن الإصلاحات التي عرفها قطاع العقار منذ سنة 2003، ساهمت في خلق دينامية حقيقية مكنت من تراجع الخصاص السكني ليستقر حاليا في 609.000 وحدة إلى متم يونيو 2010. وأوضح التقرير أنه بفضل مجهودات السلطات العمومي المبذولة للقضاء على السكن العشوائي وإنعاش السكن الإجتماعي ، مكن برنامج «مدن بدون صفيح»، والذي تم الشروع في إنجازه سنة 2004، من تحقيق هذا الهدف، الذي هم 41 مدينة من مجموع 83 مدينة معنية بظاهرة انتشار الأحياء الصفيحية. مما مكن من ضمان السكن اللائق لما يزيد عن 830 ألف نسمة. مشيرا إلى أن هذه الإنجازات توجت بمنح المغرب جائزة الأممالمتحدة لسن 2010، وذلك اعترافا منها بالجهود الجبارة المبذولة بمبادرة من جلالة الملك في مجال تحسين ظروف عيش الفئات المعوزة القاطنة بالمدن. وذكر التقرير أن تراجع العجز السكني في المجال الحضري يعزى أيضا إلى مختلف التشجيعات والتسهيلات على مستوى العرض والطلب، حيث تجاوز إنتاج السكن الاجتماعي 129.000 وحدة سنة 2008 مقابل 45.000 وحدة فقط سنة 2002. كما سجلت القروض العقارية خلال الفترة الممتدة ما بين 2006 و 2008 تزايدا مهما ناهز 88% منتقلة من 81 مليار درهم إلي 152,5 مليار درهم. ومكنت ضمانة الدولة للقروض العقارية بواسطة صندوق «فوكاريم» من ولوج 60.375 أسرة للسكن اللائق، وذلك إلى حدود متم غشت 2010 بمبلغ إجمالي ناهز 8.8 مليار درهم من القروض الممنوحة. وأشار التقرير إلى أن هذه الدينامية شهدت فتورا خلال سنة 2009 إثر تراجع وتيرة إنتاج السكن الاجتماعي، الذي عرف عرضه انخفاضا بنسبة 30% سنة 2009 مقارنة مع سنة 2008. وكان لهذا التراجع أثر سلبي على الاستثمار في القطاع (انخفاض الاستثمارات الأجنبية بالمغرب ب 35.9%). وعلي المستوى الجهوي، أبرز التقرير أن جهة الدارالبيضاء الكبرى سجلت حصة متوسطة بلغت 15,7 من القيمة المضافة الوطنية لقطاع البناء والأشغال العمومية خلال الفترة الممتدة ما بين 1998 و 2008، وتأتي جهة طنجة تطوان في المرتبة الثانية بمساهمة تقدر في المتوسط ب 11.4% تليها جهة سوس ماسة درعة (10.2%) ومراكش تانسيفت (9.8%). وتجدر الإشارة إلى أن جهتي طنجة تطوان ومراكش تانسيفت عرفتا زيادة الطلب بقطاع العقار ويتجلى ذلك في معدلات النمو المهمة خلال الفترة ما بين 1998 و 2008 والتي ناهزت على التوالي %17 و 15%. وأكد التقرير أنه على الرغم من التقدم الذي حققه قطاع العقار ما مازالت مجموعة من المشاكل البنيوية قد تؤثر على الدينامية الجيدة لهذا القطاع. وتتلخص أبرز الرهانات التي يجب على القطاع مواجهتها في السنوات القادمة في: * ضرورة تلبية الطلبات المتزايدة على السكن (يقدر الطلب السنوي الإضافي 123.000 وحدة منها 60.000 وحدة اجتماعية) وكذا الامتصاص التدريجي للعجز المسجل؛ * ضرورة تعبئة موارد مالية مهمة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في هذا القطاع. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تمويل السكن الذي تميز منذ سنوات بهيمنة التمويل الذاتي الناتج عن ادخار الأسر، أصبح يشهد توجها متزايدا نحو النظام البنكي. ومن أجل مواكبة تطور الطلب، يحظى تحديث آليات التمويل بعناية خاصة. وفي هذا الإطار، يتوقع قانون المالية لسنة 2011 تحفيزات جبائية لصالح تنمية ادخار السكن؛ * تركيز سياسة السكن الاجتماعي على التحكم في كلفة الاستثمار. وقد تطرح هذه المقاربة بعض المشاكل في جودة البناء مما يستدعي احتياجات هامة للقيام بالإصلاحات اللازمة؛ * عدم كفاية الأراضي المهيأة لتوسع الأحياء السكنية القانونية. إن محاربة الخصاص السكني المتراكم وموجة التمدن المتوقعة في أفق 2025 تستوجب فتح 3000 هكتار للتعمير سنويا. إلا أن القوانين العقارية تبقى معقدة مما يحول دون مواكبة هذا الخصاص الاستعجالي ويؤثر بطريقة مباشرة على أسعار الأراضي المهيأة؛ * تعرف بعض عمليات برنامج «مدن بدون صفيح» بعض الصعوبات وذلك بالنظر للتعقيدات المرتبطة بنوعية المشاريع المتبقية، وضعف انخراط وتعدد المتدخلين، وكذا للمشاكل المتعلقة بالمواكبة الاجتماعية للساكنة المستهدفة؛ * تتمظهر الاختلالات في قطاع السكن المعد للكراء خصوصا في العدد العام للمساكن الشاغرة والذي يناهز 820.000 وحدة وذلك مقابل طلب متزايد على هذا النوع من السكن. وتعزى هذه الوضعية إلى عوامل كثيرة منها الإطار التشريعي والقانوني الذي ينظم الكراء. في هذا الإطار، يوجد حاليا مشروع قانون الكراء قيد الدراسة بغرفة المستشارين؛ * غياب أو عدم تناسق وثائق التعمير، وصعوبة إنجاز المرافق العمومية، وآجال إعطاء رخص البناء تبقى من بين الاختلالات الأخرى التي يجب معالجتها.