سعت الإدارة الأميركية إلى احتواء تداعيات نشر موقع ويكيليكس وثائق سرية تكشف جانبا من أعمال القتل والانتهاكات التي تعرض لها المدنيون في العراق منذ الغزو، ورفض الجيش والخارجية الأميركيان الاتهامات التي أثارتها الوثائق. وأعلن الجيش الأميركي أنه لم يعلن أعدادا أقل للقتلى المدنيين في حرب العراق، ولم يتجاهل الانتهاكات بحق سجناء على أيدي القوات العراقية، التي قالت الخارجية الأميركية إن التحقيق فيها مسؤولية الحكومة العراقية وليس مسؤولية الولاياتالمتحدة. وقال رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي -الذي عمل قائدا للقوات الأميركية في العراق من 2004 إلى 2007- الجنرال جورج كايسي، إن القوات الأميركية كانت تذهب في الواقع إلى وحدات حفظ الجثث بالمستشفيات لإحصائها، مضيفا "لا أتذكر أنه حدث تهوين في أعداد الضحايا المدنيين". وذكر الجنرال المتقاعد أن الولاياتالمتحدة عملت على منع السلطات العراقية من ممارسة التعذيب، نافيا المعلومات الواردة في وثائق نشرها موقع ويكيليكس وتحدثت عن تستر واشنطن على أعمال تعذيب. وأضاف كايسي "الذي ورد في التقارير الصحفية ويوحي بأننا غضضنا الطرف عن الإساءة للسجناء العراقيين، غير دقيق، وسياستنا كانت على الدوام أنه عندما يلحظ الجنود الأميركيون وجود إساءة للسجناء فإن عليهم أن يوقفوا ذلك، وأن يرفعوا على الفور تقريرا بذلك عبر التسلسل التراتبي إلى القيادة الأميركية وإلى القيادة العراقية". أما المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ديف لابان، فقال إن الجيش الأميركي "لم يزعم قط أن لديه إحصاء دقيقا لعدد المدنيين الذين قتلوا في العراق". وأشار لابان إلى أن التقديرات التي صدرت عن منظمات خاصة بشأن وفيات المدنيين في العراق كانت أيضا متباينة. وقال إن ويكيليكس والبنتاغون كانا يعملان استنادا إلى قاعدة بيانات واحدة لجمع أرقام القتلى المدنيين، وإنه يشك في أن الموقع حقق أي اكتشاف جديد. ورفضت وزارة الخارجية الأميركية كذلك اتهامات ويكيليكس، موضحة أن الولاياتالمتحدة دربت القوات العراقية على احترام حقوق الإنسان. وقال المتحدث باسم الخارجية، فيليب كراولي، "إذا كانت هناك حاجة للمحاسبة فإنها، أولا وقبل كل شيء، يجب أن تكون من قبل الحكومة العراقية نفسها، وكيف تعاملت مع مواطنيها، وهذا الأمر سبق أن تحدثنا فيه وسنواصل الحديث بشأنه مع حكومة العراق". وأخفى ويكيليكس أسماء أكثر من 300 شخص كان يمكن أن يشكل نشرها خطرا على حياة أصحابها، لكن المتحدث باسم البنتاغون، ديف لابان، قال إنه "تم إبقاء بعض المعلومات التي تتيح التعرف على هؤلاء الأفراد" مثل وظائفهم. ونشر موقع ويكيليكس على الإنترنت حوالي 400 ألف من الملفات الأميركية السرية عن حرب العراق -في أكبر تسريب من نوعه في تاريخ الجيش الأميركي- تتضمن تفاصيل عن 15 ألف حالة وفاة لمدنيين عراقيين آخرين غير القتلى الذين أعلنهم الجيش الأميركي. وتعرضت صورة الولاياتالمتحدة للتشويه عندما تم نشر صور لجنود أميركيين يسيئون معاملة سجناء في معتقل أبو غريب. وظهر بعض السجناء في أوضاع مهينة، في حين وقف الجنود الأميركيون متباهين بأنفسهم بالقرب من سجناء عراة في وضعية إذلال.