أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون في افتتاح الدورة الثالثة للندوة الدولية حول الحكامة العالمية أن على الحكامة العالمية مواجهة جيل جديد من المشاكل. وقال الأمين العام لأمم المتحدة أن قوى اقتصادية جديدة وصعوبات جديدة برزت، معتبرا أن« أي بلد وأي مجموعة من البلدان كيفما كانت قوتها لن تتمكن من مواجهة التحديات الكبرى الراهنة لوحدها»، بالنظر إلى أن المشاكل الراهنة عابرة للحدود. وأضاف أن «بعض الإجراءات والهياكل السابقة لم تتطور في وقت تتسع فيه علاقات الترابط. ويتعين علينا بكل بساطة إيجاد أفضل السبل للتعاون وإرساء أنظمة ملائمة لعصرنا وأنظمة تستجيب بشكل أفضل لحتمية تحمل المسؤولية وتكون أكثر تمثيلية وتمكن من الاستفادة أكثر من القوة التي نتوفر عليها جميعا كمجتمع دولي». وحسب الامين العام للأمم المتحدة فان العولمة لم يكن بإمكانها إحداث اختلالات في تفاوتات الماضي وأن الوقت حان لتوحيد الصفوف ووضع الأسس الضرورية في مختلف مجالات الأنشطة في أفق تحقيق تقدم حقيقي. وفي كلمة له بهذه المناسبة، أبرز الرئيس المؤسس للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) السيد تييري دو مونبريال الإرادة القوية للمعهد من أجل المشاركة بشكل مكثف في إعادة بناء نظام العولمة التي من شأنها تعزيز الأمن العالمي مستقبلا والمساهمة في إيجاد الحلول بكيفية متناغمة لعدد من القضايا الآنية. وأضاف أن الهدف من هذه الندوة هو جمع الفاعلين في السياسة الدولية وباقي الأطراف المعنية حول مواضيع تكتسي أهمية كبرى وتقتضي تقديم مساهمة إيجابية. وقال «لو كنت طبيبا إنسانيا أوكلت إليه مهمة وضع تشخيص حول وضعية الكون لانتابتني مشاعر الخوف والقلق»، مضيفا أن العالم تجنب، لحسن الحظ، الانزلاقات الكبرى بعد الأزمة العالمية. ونوه السيد تييري بالعمل المتميز الذي قامت به البنوك المركزية من خلال التحرك أحيانا بشكل أسرع من الحكومات، معربا عن أسفه لاستمرار مظاهر الضعف والهشاشة التي تتطلب المزيد من الحذر. ومن ضمن المخاوف، التي ساق السيد دو مونبريال أكثلة عنها ، بؤر التوتر العالمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان والنزاعين المستمرين بين إسرائيل والفلسطينيين وفي منطقة كشمير «وهما نزاعان هائلان يزعزعان استقرار مجموع المنطقة وقد يتخطيان مناطق النزاع»، إضافة إلى شبه الجزيرة الكورية. وفي إطار مسلسل إقامة نظام عالمي جديد، أشار دو مونبريال إلى آليات جديدة لمجموعة ال 8 ومجموعة ال 20 وخصوصا منظومة الأممالمتحدة التي تواصل وحدها، على الرغم من جسامة مهامها، تجسيد الشرعية على الصعيد الدولي ولا تتوانى في إصلاح هياكلها. واعتبر أن جوهر القضية يكمن في معرفة سبل تحسين هذا النظام لتجاوز نقط ضعفه وضمان اتساق عمله مع هذه المؤسسات. ومن جانبه، تقدم الأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون، بشكره لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، على الخطاب الملكي السامي الموجه إلى المشاركين في هذا اللقاء، منوها بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة اللذين خصته بهما الحكومة والشعب المغربيين. وأبرز السيد بان كي مون، الذي زار المملكة المغربية للمرة الاولى بصفته أمينا عاما للأمم المتحدة، المكانة المتميزة التي يحتلها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في مجال لنهوض بالحوار والتفاهم حول القضايا العالمية الكبرى، معتبرا أن الحكامة تشكل إحدى أهم القضايا المعاصرة. وأضاف أن العولمة لا يمكنها أن تكرس تفاوتات الماضي، وأن الوقت قد حان لرص الصفوف ووضع الأسس اللازمة في مختلف مجالات الأنشطة في أفق تحقيق تقدم حقيقي، داعيا إلى إيجاد أفضل السبل للعمل الجماعي. وحدد الأمين العام للامم المتحدة ، في هذا الصدد، ثلاثة تحديات رئيسية تواجه الحكامة العالمية، تهم ضمان إقامة اقتصاد عالمي للعالم أجمع، ومكافحة التغيرات المناخية والاستجابة للتحديات التي تطرحها الهجرة والجريمة المنظمة. و نظمت الندوة العالمية حول الحكامة، التي أطلقت في سنة 2008، بمدينة مراكش للسنة الثانية على التوالي بمشاركة شخصيات وازنة من عالم السياسة الدولية والاقتصاد ضمنهم الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، وجان كلود تريشي رئيس البنك المركزي الأوروبي، وآن يو يونغ سفير كوريا لدى مجموعة ال20. ومن بين الحضور أيضا كمال ديرفيس من معهد بروكلينز، وحسين ديريوز مستشار رئيسي للأمين العام لمنظمة حلف الشمال الأطلسي والمستشار الخاص السابق للرئيس التركي عبدالله غول وجواكين ألمونيا نائب رئيس اللجنة الأوربية. وشارك أيضا في هذه الندوة ،الدكتور محمد إبراهيم مؤسس ورئيس مؤسسة «موإبراهيم», وماري روبينسون أول امرأة تولت منصب رئيسة إريلندا ما بين 1990 و1997, و جان دافيد لوفيت مستشار دبلوماسي للرئيس نيكولا ساركوزي، وناتالي كوسييسكو موريزيت كاتبة الدولة في الحكومة الفرنسية مكلفة بالتنمية الاقتصادية الرقمية, فضلا عن مسؤولي منظمات دولية وشركات متعددة الجنسيات, وأرباب كبريات المقاولات, وخبراء وباحثين. وتعد ندوة «وورلد بوليسي» بمثابة فضاء للنقاش والتبادل بين مختلف الفاعلين والخبراء والأكاديميين والاختصاصيين من أجل تحسين الحكامة الدولية واستجماع كافة الجهود لأجل المصلحة العامة. و جمعت ندوة «وورلد بوليسي» التي أحدثت سنة 2008 بمبادرة من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية, كل سنة شخصيات من رجال السياسة ومسؤولي منظمات دولية ورؤساء أكبر الشركات وخبراء مرموقين وصحفيين حول رؤساء دول وحكومات من أجل تطوير النقاش الجماعي حول التحديات الآنية. ويعتبر المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري), الذي يضم حاليا حوالي 50 شخصا والذي أحدث سنة 1979 , أول فضاء فرنسي مخصص لتحليل القضايا الدولية, ومن بين مهامه خلق نقاش حر وعميق حول أكبر التحديات المعاصرة. تجدر الاشارة الى أن المشاركين في الدورة الثانية ل«وورلد بوليسي» ناقشوا مواضيع تهم «الحكامة السياسية» ,و«القانون الدولي» و»الحكامة الاقتصادية والمالية» و»حركات الهجرة» و «الطاقة والمناخ» و «الصحة والبيئة» و «الماء والفلاحة والتغذية».