انضم حزب الاستقلال رسميا إلى الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط في فبراير 2004 إثر انعقاد مؤتمر زعماء أحزاب الأممية في مدريد. وجاء هذا الانضمام بعد قبول ترشيح حزب الاستقلال من طرف اللجنة التنفيذية الأممية التي انعقدت في لشبونة في مايو 2003. هذا، وقد تلقى حزب الاستقلال دعوة الالتحاق بهذه المنظمة من طرف كل من الحزب الفرنسي «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية»، والحزب الشعبي الإسباني. وكان المؤتمر الرابع عشر لحزب الاستقلال الذي انعقد في مارس 2003، مناسبة لإجراء المباحثات الثنائية مع وفدي الحزبين الأوربيين، والتداول بين المؤتمرين في شأن الاستجابة لهذه الدعوة. وتضم الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط أكثر من 110 حزبا سياسيا يمثلون عائلة الوسط الديمقراطي من مختلف الدول والقارات؛ حيث تتقاسم هذه الأحزاب عدة قيم كونية، من بينها: الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون والتنمية البشرية والوسطية والاعتدال بمنظور اجتماعي لاقتصاد السوق والعدالة الاجتماعية والتضامن والسلم. ومن بين أهم الأحزاب المشاركة في أممية الوسط الديمقراطي، نجد على صعيد القارة الأوربية كلاًّ من الحزب الشعبي الأوروبي، الحزب الشعبي الإسباني، الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الفرنسي، الحزب الديمقراطي الاجتماعي البرتغالي، والاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني. ومن بين أحزاب أمريكا اللاتينية نذكر الحزب الوطني الديمقراطي المكسيكي، وحزب العدالة الأرجنتيني، والحزب الديمقراطي الاجتماعي البرازيلي. بناء مجتمع تعادلي متطور ومتوازن ويندرج انخراط حزب الاستقلال في الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط في سيرورة نضاله من أجل الديمقراطية والحرية، وبناء مجتمع تعادلي متطور ومتوازن، تكون فيه كل فئات المجتمع وكل الجهات والمناطق متضامنة في ما بينها، من أجل تكريم الإنسان وتحريره، وضمان شروط العيش الكريم لكل أفراد المجتمع. وفي هذا الصدد، يتقاطع المشروع المجتمعي لحزب الاستقلال مع مبادئ وأهداف الأممية الديمقراطية لأحزاب الأوسط؛ حيث تعتبر الإنسان جوهر مشروعها المجتمعي، وتعتمد الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية كوسيلة قمينة بضمان كرامة الإنسان، وإرساء اقتصاد اجتماعي يجنب تحويل المجتمع إلى سوق متوحشة للإنتاج والاستهلاك. وقد شكل انضمام حزب الاستقلال إلى الأممية حدثا سياسيا على الصعيدين العربي والإسلامي؛ بحيث أنه لأول مرة سيتم قبول حزب سياسي ذي مرجعية إسلامية في إطار أممية الوسط الديمقراطي. وهكذا، وفي ظرف ثلاث سنوات، اضطلع الحزب في إطار هذه المنظمة، بأدوار بارزة، تجدر الإشارة إلى أهمها فيما يلي: - فتح المجال لأحزاب تنتمي لبلدان مسلمة أخرى، أو ذات مرجعية إسلامية، للانضمام إلى أممية الوسط الديمقراطي. وفي هذا الاتجاه، انخرط في الأممية أحزاب من موريطانيا (الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم) وباكستان (العصبة المسلمة لباكستان) وماليزيا (UMMO) وأندونيسيا (الحزب الديمقراطي)؛ - تعزيز البعد الإفريقي لأممية الوسط الديمقراطي. وهكذا وبعد مرور أقل من سنة عن دخول حزب الاستقلال في الأممية، تم تأسيس الشعبة الإفريقية للأممية بباريس في يناير 2005 ، وتضم هذه الشعبة 21 حزبا إفريقيا تمثل دول أنكولا، والكونغو، والكونغو الديمقراطية، وكنشاسا، وغينيا الإستوائية، والرأس الأخضر، والموزنبيق، ونيجريا، وأوغندا، وموريتانيا، فضلا عن المغرب. ومن ثمة كان الحزب من مؤسسي الشعبة الإفريقية للأممية، وتم انتخابه عضوا في اللجنة التنفيذية ونائبا لرئاستها التي يتقلدها حاليا حزب ريناطو الموزنبيقي؛ - المساهمة في تقوية حوار الديانات والحضارات، وذلك من خلال تنظيم ندوتين في هذا الموضوعن على هامش اجتماعات الهيئات العليا لأممية أحزاب الوسط الديمقراطية بمدريد ومانيلا. ومن ثم سنحت الفرصة للحزب لتوضيح المعالم الحقيقية لديننا الحنيف المبنية على الاعتدال والوسطية والإنصاف والتكافل، وإذكاء روح التسامح والانفتاح، وإبراز دور الإسلام تثمين مكانة الإنسان، والدفاع عن حقوقه الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية، وتكريم المرأة، والبحث عن السلم في العالم، وتطوير ثقافة الحوار بين الشعوب. القضايا الإنسانية أما بخصوص الأنشطة التي قام بها الحزب في إطار الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط، فيمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام: - الدفاع عن الوحدة الترابية، وخصوصا قضية الأقاليم الجنوبية لبلادنا؛ - تكثيف العلاقات مع أحزاب الوسط الديمقراطية؛ - المساهمة في مناقشة القضايا الدولية والكونية. فبخصوص الدفاع عن الوحدة الترابية، استثمر حزب الاستقلال انخراطه في أممية الوسط الديمقراطي كي يطرح، باسم مجموع أحزاب الأممية في لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة في جنيف، قضايا الأسرى المغاربة المحتجزين في تيندوف وقضايا تهجير الأطفال الصحراويين إلى كوبا، وقضايا خرق حقوق الإنسان والمرأة والطفولة في مخيمات تيندوف. وبتساوق مع ذلك، ما انفك الحزب يشدد، في مختلف اجتماعات ودورات الأممية، على ضرورة التوصل إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه، لحل هذا النزاع المفتعل من طرف الجارة الجزائر، والعمل على الإسراع في بناء المغرب العربي. كما قدم حزب الاستقلال في هذا الصدد مذكرة إلى الحزب الشعبي الإسباني حول قضية الصحراء، يتطرق فيها إلى الروابط التاريخية بين سكان الصحراء والدولة المغربية، ومواقف حزب الاستقلال منذ استقلال البلاد إلى اليوم لتلك القضية الوطنية، والمجهودات التي يبذلها المغرب لتجاوز هذا الوضع، وحرصه على بناء مغرب عربي قوي ومتحد. وبهدف تعزيز علاقات التعاون الثنائي، وطد حزب الاستقلال تواصله الحزبي مع عدد من أحزاب أممية الوسط الديمقراطية، حيث حضر عدة مؤتمرات من بينها مؤتمر الحزب الشعبي الإسباني، والاتحاد من أجل حركة شعبية الفرنسي، والحزب الديمقراطي الاجتماعي البرتغالي.كما ربط الحزب علاقات تعاون مع الحزب الشعبي الأوروبي، وكذا الأحزاب الإفريقية المنخرطة في الشعبة الإفريقية لأممية الوسط؛ مثل «أونيطا» الأنغولي و»رينامو» الموزنبيكي. ومن المنتظر أن تنعقد اللجنة التنفيذية الرابعة للشعبة الإفريقية لأممية الوسط الديمقراطية في المغرب، وسيتم على هامش هذا الاجتماع، تنظيم ندوة حول «التنمية في إفريقيا». هذا وقد انفتح حزب الاستقلال كذلك على أحزاب أمريكا اللاتينية المنخرطة في الأممية؛ من الأرجنتين والشيلي وبلدان أخرى. وقد ساهم الحزب بفعالية في النقاش التي يثار، خلال انعقاد اجتماعات هياكل أممية أحزاب الوسط الديمقراطية، حول مختلف القضايا الراهنة، من قبيل القضية الفلسطينية، وكوبا، وصراع الحضارات، وذلك فضلا عن مساهمته المباشرة في إغناء الوثيقة التي أعدتها أممية الوسط الديمقراطي حول الديمقراطية والتنمية في إفريقيا، وتأكيده، ارتكازا على تجربة الانتقال الديمقراطي في المغرب، على ضرورة القيام بالانتقال السياسي والاقتصادي معا، لأن الواحد منهما يطعم الآخر. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط قد تبنت، في مؤتمرها الأخير المنعقد بروما خلال شهر شتنبر 2007، قرارا يحي انتصار حزب الاستقلال في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وتعيين الأستاذ عباس الفاسي وزيرا أول للمملكة المغربية استنادا إلى المنهجية الديمقراطية في الحكامة السياسية. كما تميز هذا المؤتمر بانتخاب الأخ الأمين العام نائبا لرئيس الأممية، وكذا إعادة انتخاب الأخ نزار بركة نائبا لرئيس الفرع الإفريقي للمنظمة. ومن المؤكد أن حزب الاستقلال بمرجعياته الوطنية والروحية والثقافية، مدعو في السنوات المقبلة إلى تكثيف جهوده الدبلوماسية، سواء على صعيد أنشطة المنظمة عموما، أو على صعيد الشعبة الإفريقية، تخصيصا، للدفاع عن القضايا الوطنية والعربية والإسلامية، والمساهمة في إنجاح حوار الديانات والحضارات، وإبراز الوجه الحقيقي للإسلام السمح.