قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن الواقع في لبنان يفرض على الولاياتالمتحدة تبني حلول وسط رغم أنها قد تبدو نوعا من التنازلات الخطيرة للعدو، في إشارة منها إلى حزب الله. وفي تحليلها لعواقب قرار الكونغرس الأميركي الأخير بتجميد المساعدات المخصصة لدعم الجيش اللبناني، ذكرت الصحيفة أن الأميركيين يرغبون في تقديم يد العون لأصدقائهم في الشرق الأوسط مع التشديد عليهم بضرورة عزل الجماعات «المتطرفة» ، مثل حزب الله الذي تصفه بالحركة الشيعية التي تسعى لتدمير إسرائيل. غير أن الوقائع على الأرض - كما تقول الصحيفة- تستوجب على الدوام تقريبا تنازلات صعبة قد تبدو من وجهة نظر واشنطن كأنها تنازلات خطيرة للعدو. فلبنان ، على سبيل المثال ، عبارة عن خليط من الطوائف والأحزاب السياسية، ودولة يضطلع فيها الجيش بدور الوسيط المحفوف بالمخاطر. ولقد ظلت وزارة الخارجية الأميركية حتى الآن تدافع بشدة عن سياسة الدعم العسكري للبنان ، بذريعة أن وجود الجيش في منطقة الجنوب، يساعد في بقاء البلد مستقرا ، وأن سحب الأموال سيترك فراغا خطيرا هناك. غير أن ثمة جدلا حول الموضوع سيطفو على الأرجح إلى السطح، خصوصا في ضوء بروز النفوذ السوري مجددا في لبنان ، و»الضعف النسبي» للفصائل السياسية الأكثر علمانية والأكثر موالاة للغرب. وحتى قبل وقوع الاشتباكات الحدودية بين قوة لبنانية وأخرى إسرائيلية ، أسفرت عن سقوط أربعة قتلى بين الجانبين ، مطلع الشهر الماضي، أعرب بعض أعضاء الكونغرس عن قلقهم العميق إزاء الدعم العسكري المقدم «لدولة يتبوأ فيها حزب الله مقعده في مجلس الوزراء ويدير شبكة استخبارات واتصالات سلكية ولاسلكية خاصة به». قوة معادية وتمضي الصحيفة في تحليلها إلى القول إن الجيش اللبناني ظل مصمما على الحفاظ على مكانته كمؤسسة محايدة، لكنه بات الآن «عاجزا» إلى حد كبير عن القيام بذلك. وإبان أحداث ماي 2008 في بيروت ، مثلا، جلس الجنود اللبنانيون في سيارات «همفي» الأميركية يراقبون القتال الدائر بين التنظيمات المسلحة غير مستعدين للانحياز لأي طرف. وقد أدى هذا الموقف - كما تقول الصحيفة- ببعض أعضاء الكونغرس من أصدقاء إسرائيل إلى التشكيك في جدوى مساعدة الجيش اللبناني. وعندما اندلعت الاشتباكات الحدودية، ذهب بعض المشرعين الأميركيين إلى أبعد من ذلك ليرددوا ما قاله المسؤولون الإسرائيليون من أن نفوذ حزب الله المتعاظم في لبنان ، امتد ليشمل على ما يبدو الجيش نفسه. وأردفت «نيويورك تايمز» قائلة إن ما يعجز السياسيون الأميركيون في الغالب عن فهمه ، هو أنه حتى اللبنانيين الموالين للغرب، ينزعون إلى اعتبار إسرائيل «قوة معادية». وبالنسبة للعديد من اللبنانيين، فإن عودة جيشهم لمراقبة الحدود ، هي في حد ذاتها مفخرة وطنية عظيمة، بينما يرها آخرون أنها بمثابة خطوة أولى ممكنة تجاه نزع سلاح حزب الله. وتخلص الصحيفة إلى توقع أن يراجع الكونغرس موقفه من المساعدات للجيش اللبناني ، ذلك أن مثل هذا القرار سيفسح المجال أمام دول مثل روسيا أو سوريا أو إيران لتعويض الفراغ الذي ستتركه الولاياتالمتحدة.