اللهم لا حسد هكذا الدنيا على رأي أحدهم، إذا أقبلت باض الحمام على الوتد، وإذا أدبرت بال الحمار على الأسد، وقد أقبلت للذين سقطوا سهوا على مهنة الصحافة واحترفوا الخلط بين القلم وشفرة الحلاقة، وشكلوا ضريبة لسنوات من النضال من أجل حرية التعبير وحقوق الإنسان، وأدبرت للذين قبضوا على حق هذا الوطن في أن تقوم له قائمة كما يقبضون على الجمر، الذين عملوا بوفاء ووطنية لكي يكون الوطن حقيقة شامخة وليس افتراضا، أن يكون دافئا وليس عنوانا باردا في بطاقة معايدة.. قدر الدول التي تعيش مخاضات الانتقال إلى الديمقراطية أن تعيش قواها الطليعية صراعات مريرة مع المشككين ومع أعداء التغيير وجبهات المقاومة التي يقودها المفسدون الذين راكموا ثروات خيالية في المراحل السابقة، الذين يعلمون أن السماح باستمرار التراكم الكيفي والكمي في أي عملية ديمقراطية يعني بشكل حتمي نهاية هذه الفئات التي تبقى تلعب دورا طفيليا وتتحصن بمواقعها السابقة وبعلاقاتها وتعمل على عرقلة أي تغيير، وفي سبيل ذلك تخلق لها طابورها الخامس لإستثمار المناخ الجديد وخاصة مناخ حرية التعبير، لتقديم الحكام الجدد في صورة الفاشلين وأنهم أسوء من سابقيهم، كما يتم العمل على النفخ في القضايا الاجتماعية وانتظارات الشارع، مع العلم أن هذا العجز وهذه الانتظارات هي الدافع الأساسي للتغيير الحاصل وأن التخليات التي عرفتها البلاد في المراحل السابقة، سواء على مستوى التجهيزات الأساسية أو كل ما يتعلق بالإنسان، هي المسؤولة بشكل مباشر على تراكم العجز الذي تعرفه البلاد في عدد من مناحي الحياة، لقد جربت هذه الوصفة منذ بداية حكومة التناوب حيث انتقلت الوظائف بين جلادي المعتقلات السرية وجلادين جدد على أعمدة الصحف الخاصة، التي فتحت لها صنابير الإشهار والأخبار لكي تتفه المعارضة السابقة وتنفخ في خلافاتها الذاتية وتؤجج انقساماتها وقد جربت هذه الوصفة مع عدد من الأحزاب ونجحت للأسف وإن بدرجات متفاوتة، نفس الوصفة حاولوا تجريبها مع حزب الاستقلال وفي كل مرة يعتقدون أنهم تمكنوا من دق الإسفين فإذا بهم يفاجأون بدرجة التلاحم والوحدة التي تميز الحزب حتى في أقسى الظروف التنظيمية عندما تعقل طموحات الأفراد الشخصية مصلحة الحزب، كانت مصلحة الحزب هي التي تنتصر في النهاية، هكذا كان ولايزال حزب الاستقلال مدرسة فريدة يعرف جيدا كيف يتموقع ويدرك جيدا ما هو مطلوب منه لأنه حزب رجلاه على الأرض ومتلاحم مع الشعب في المداشر والقرى والدواوير كما في المدن والأحياء الشعبية والراقية، لأنه حزب الشعب خلقه واحتضنه ولازال يفعل إن نجاح الحزب المتوالي وللتذكير فقط أن نجاحات الحزب الانتخابية لا علاقة لها بموقع في الحكومة أو المعارضة بل كان دائما يحقق نتائج انتخابية تعكس موقعه في الطليعة ومن يريد تفاصيل أكثر يمكن أن يراجع نتائج الانتخابات منذ أول انتخابات جماعية إلى آخر انتخابات عام 2009، في حين أن موقع الحزب في الحكومة كان مرتبطا بقرار سياسي وبمناخ عام، لما أدرك البعض أن الهجوم على الحزب وفلسفته التنظيمية ومواقفه وتاريخه وإيديولوجيته ومشروعه المجتمعي رهان فاشل ولايزيد الحزب إلا صلابة وقوة، لذلك جرب البعض استراتيجية المس بشخص الأمين العام للحزب الأستاذ عباس الفاسي والذي قد يكون أول شخصية سياسية مغربية تتعرض لمسلسل طويل من التجريح والقذف الذي يتزود من اللغة الساقطة ويدبج صفحات يكون مصيرها سلة القمامة، لأنها ببساطة لم تستطع أن تنال من شخص الأمين العام ومن خلاله حزب الاستقلال كما أدى ترفع الأستاذ عباس الفاسي عن اللجوء للمحاكم ضربة أخرى لمن يبحثون عن «الشهادة» وعن «شرعية» المحاكمة في قضايا النشر بعد أن فاتهم قطار النضال بسنوات طويلة عندما كانت حرية التعبير تتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة والوطنية، بل وصل الأمر اختلاق أخبار زائفة عن شخص الأمين العام وهو يقضي عطلته كغيره من ملايين المغاربة داخل الوطن وهو ما تعود عليه لسنوات وبالضبط في مدينة أكادير، الخبر الزائف يقول أن الأستاذ عباس الفاسي تعرض لاعتداء من طرف لاعب سابق كان في حالة غير طبيعية على كورنيش المدينة بعد أن رفض مصافحته إلى آخر الحكاية كما أوردتها «الصباح» ثم «المساء»، ولأن جميع الجسد الصحفي المهني حقا أدرك أن الخبر عار من الصحة، فقد تم تجاوزه في صالات التحرير سواء بالنسبة للجرائد والمجلات الصادرة ببلادنا وتلك الصادرة بالخارج وتتوفر على جيش من المراسلين أضف إلى ذلك عددا كبيرا من وكالات الأنباء الأجنبية، التعرض للحياة الخاصة لأي مواطن بمثل ما تعرض له الأمين العام يعتبر بكل المعايير اعتداء على حياة خاصة لمواطن مغربي وإثارة للفزع في محيطه العائلي بين أبنائه وأحفاده وأصهاره وأصدقائه بشكل يمس الكثير من المشاعر الإنسانية، وعلى الرغم من ذلك تقرر التعامل مع الموضوع برزانة أكبر وبهدوء على كل حال ليس غريبا على حزب الاستقلال وأمينه العام، هكذا قررت اللجنة التنفيذية تضمين بيان اجتماعها الأسبوعي تكذيبا لما جاء في بعض الصحف من أنباء زائفة في سطرين لا أقل ولا أكثر، الصحيفة التي أوردت الخبر الكاذب صمتت ولم تعد إلى إثارة الموضوع سواء بنشر الحقيقة أو الاعتذار، وفهم الأمر على أنه أقسى درجات «المهنية» على الطريقة المغربية بالنسبة لصحافة القطاع الخاص، وهو ما يمكن اعتباره عاديا من باب «إننا لانسألك رد القضاء ولكننا نسألك اللطف فيه»، ولكن النشاز هو ما أقدم عليه رشيد نيني في عموده يوم الإثنين 16 غشت 2010 باتهامه لأعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بالكذب والجبن والافتراء لورود تكذيب تعرض الأمين العام لأي اعتدء كما أوردنا سابقا، اتهام أعضاء قياديين بالكذب والجبن والافتراء هذا نوع من القذف الصريح الذي له ما بعده، أما جوهر الموضوع يثبت بما لايدع مجالا للشك أن جوقة الطابور الخامس استأنفت نشاطها، فإذا كان معروفا الحقد الشخصي لنيني على عباس الفاسي وحزب الاستقلال، وللذين لايعرفون أصل الحكاية لابد أن يعلموا أن جريدة «العلم» هي التي صنعت من شخص نكرة رسما في عالم الصحافة، وعقدة رشيد نيني الشخصية هي الرغبة الشديدة في القتل الرمزي لكل من قدموا له معروفا في مرحلة من مراحل حياته، فقد سب مسوؤولي «العلم» وتهجم على عبد الجبار السحيمي شفاه اللّه، وكذلك فعل مع طلحة جبريل عندما شغله في بدايات جريدة «الصباح » وبعد ذلك هاجم عبد المنعم دلمي ومنه انتقل إلى مسؤولي القناة الثانية وعلي أنوزلا وتوفيق بوعشرين...، والرابط المشترك بين كل هؤلاء الأشخاص والمؤسسات أنها احتضنت ناكر الجميل رشيد نيني، غير أن هذا الأخير والذي يعتبر كتلة من العقد تسير على الأرض يفهم جيدا أنه رغم الشهرة التي تحصل عليها في زمن التردي العام للقيم ورغم توظيفه في عدد من المعارك وفي سياسة للعلاقات العامة كما توظف الشيخات والممثلين والرياضيين، لم يستطع أبدا أن يكون كاتبا كبيرا يحظى بالاحترام ومن النخبة التي تصنع القرار أو تساهم في صناعته، بل حتى الجانب المهني للصحافة لا علاقة له به لأنه ليس له تكوين صحفي، رشيد نيني ينتقد الوزير الأول لأنه يتجول بدون حراسة مشددة وفي نفس الوقت يطلب منه التوقف لسماع شكاوي المواطنين، ليس هناك أسوأ من هذا النوع من ازدواجية الشخصية وعلى ذكر الحراسة المشددة، فليعلم نيني أن جلالة الملك يتجول في المدن والمداشر التي يزورها سائقا سيارته الخاصة ويتوقف في الإشارات الضوئية دون أية مشكلة، إن هذا البلد بلد أمن وعين اللّه ترعى الجميع والأمن ليس مظاهر بهرجة بل علم ومناهج وتكنولوجيا، لكن الغريب مما جاء في عمود نيني هو أن الحادثة / الخبر الزائف مثبتة في محاضر الأمن وهنا حقيقة لابد من التمييز هل نحن أمام صحفي أم ضابط أمن؟ لذا فنحن نطلب من رشيد نيني أن ينشر محضر الأمن الذي تحدث عنه، ونطلب من جريدة «الصباح» أن تدلنا على المصحة التي ادعت أن الوزير الأول تلقى علاجاته بها والموجودة داخل الفندق. ما أتفه نقاشا مثل هذا الذي خضنا فيه مضطرين، فإن عدتم عدنا